الأسبارتام يضيق الخناق على صانعي المشروبات

الأسبارتام يضيق الخناق على صانعي المشروبات

صنفت منظمة الصحة العالمية الأسبارتام، محل صناعي شائع في المشروبات الغازية، على أنه "مسبب محتمل للسرطان"، ما يزيد من خطورة عنف رد فعل المستهلكين تجاه عمالقة المشروبات مثل "بيبسيكو" و"كوكا كولا".
قالت هيئة الصحة العالمية إن التصنيف المعدل استند إلى أدلة محدودة وأن توصيتها بأن يقيد الناس استهلاكهم اليومي بما لا يزيد على 40 مليجراما لكل كيلوجرام من وزن الجسم - أو ما بين تسعة إلى 14 علبة من المشروبات الغازية ذات الحجم العادي - لم تتغير.
مع ذلك، أي شك علمي بشأن ما إذا كانت الأطعمة والمشروبات المحلاة صناعيا صحية يمثل خطرا لشركات السلع الاستهلاكية التي تتعرض للضغط لتقليل مستويات السكر في منتجاتها وإصلاح صورتها غير الصحية.
كان رد الصناعة على الدعوات الموجهة لها لمكافحة السمنة وخفض محتوى السكر في الوجبات السريعة والمشروبات هو الترويج لبدائل خالية من السعرات الحرارية. يعد الأسبارتام من بين المحليات الصناعية الأكثر استخداما في الأطعمة والمشروبات، وهو موجود في منتجات من المشروبات الغازية منخفضة السكر مثل دايت كولا، وفانتا زيرو، ودايت بيبسي إلى علكة إكسترا الخالية من السكر من شركة مارس وزبادي مولر قليل الدسم وخال من السكر.
على مدى عقود، ناقش العلماء موضوع المحليات الصناعية وما إذا كانت جيدة أم سيئة لنا، ما أدى إلى الارتباك بين المستهلكين حول ما إذا كانت المشروبات الغازية المحلاة بالسكر أو المحلاة بالأسبارتام هي الخيار الصحي الأمثل.
جادل ممثلو صناعة المشروبات الغازية بأن إعلان منظمة الصحة العالمية كان تأكيدا على أن الأسبارتام آمن للاستهلاك.
قالت كيت لوتمان، المديرة التنفيذية للمجلس الدولي لجمعيات المشروبات، هي هيئة تجارة المشروبات العالمية، إن القرار "سيلعب دورا حيويا في تثقيف المستهلكين بينما يفكرون في جميع الخيارات لتقليل استهلاك السكر والسعرات الحرارية في أنظمتهم الغذائية".
امتنعت شركتا بيبسيكو وكوكا كولا عن التعليق. وقالت "مولر" إنها استخدمت كميات قليلة جدا من الأسبارتام في بعض منتجاتها كما راجعت مكوناتها بصورة منتظمة للتأكد من امتثالها للمتطلبات الإلزامية.
من جانبها، قالت منظمة الصحة العالمية إنه على الرغم من أنها لم تغير نصيحتها بشأن كمية الاستهلاك اليومي، فإن الشركات يمكنها دراسة إعادة تقييم تركيبات مكوناتها للابتعاد عن المحليات الصناعية.
"نحن لا ننصح الشركات بسحب منتجاتها أو المستهلكين بالتوقف عن الاستهلاك تماما، ولكن ننصحهم ولو بالاعتدال الضئيل"، كما قال فرانشيسكو برانكا، مدير قسم التغذية وسلامة الأغذية في منظمة الصحة العالمية.
"الأمر يتعلق بتغيير تركيبة المنتجات واختيار المكونات حتى تتمكن من الحصول على منتجات لذيذة دون الحاجة إلى استخدام المحليات".
من غير المرجح أن يغير منظمو سلامة الأغذية نصائحهم بعد أنباء منظمة الصحة العالمية. قال البروفيسور روبن ماي، كبير المستشارين العلميين في وكالة معايير الغذاء، إن التقرير يدعم وجهة نظر هيئة الرقابة البريطانية بأن الأسبارتام آمن للاستهلاك، لكنه يرحب بدعوة منظمة الصحة العالمية لإجراء مزيد من الأبحاث "للمساعدة على زيادة فهم هذه المشكلة المحتملة".
مع ذلك، فإن الإرشادات الرسمية لم تمنع المستهلكين من الابتعاد عن مشروبات الحمية التي تحتوي على الأسبارتام في الماضي. أدت المخاوف بشأن الآثار المسرطنة المحتملة للمحلي إلى انخفاض الطلب على المشروبات الغازية قليلة أو خالية السكر في العقد الأول إلى العقد الثاني من القرن الـ21.
في 2015، أزالت "بيبسيكو" الأسبارتام من مشروب دايت بيبسي بعد مخاوف المستهلكين بشأن آثاره، ما أدى إلى انخفاض طويل الأجل في الطلب على المشروبات منخفضة السكر والخالية منه.
قال سيث كوفمان، نائب الرئيس الأول لبيبسي والنكهات التابعة للشركة في ذلك الوقت: "أخبرنا مستهلكو دايت كولا في الولايات المتحدة أنهم يريدون دايت بيبسي خاليا من الأسبارتام، وها نحن نقدمه لهم". مع ذلك، فشلت إعادة صنع التركيبة في منع مزيد من انخفاض المبيعات وأعادت شركة المشروبات والوجبات الخفيفة تقديم المحلي نفسه بعد عام.
فيما أدى التهديد بتوسيع الضرائب على السكر ووضع شروط أكثر صرامة على ملصقات المنتجات في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأوروبا إلى جعل حاجة شركات السلع الاستهلاكية لتقليل محتوى السكر في منتجاتها أكثر إلحاحا.
لكن أحدث النتائج التي توصلت إليها منظمة الصحة العالمية تثير محاذير أخرى حول ما إذا كانت المحليات الصناعية هي الحل.
في 2014، خلصت دراسة من معهد وايزمان إلى أن استخدام المحليات الصناعية يمكن أن يعزز السمنة. كما قالت منظمة الصحة العالمية في وقت سابق من هذا العام إن على المستهلكين أن يتجنبوا المحليات تماما لأن الأدلة تشير إلى أنها لا تقلل من الدهون في الجسم وقد تكون مرتبطة بزيادة خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني وأمراض القلب والأوعية الدموية والوفاة.
فيما قالت إيما كليفورد، المديرة المساعدة في شركة مينتل لأبحاث السوق: "تشكل المخاوف واسعة الانتشار بشأن المحليات الصناعية تحديا كبيرا أمام تطوير منتجات منخفضة السكر أو خالية منه، خاصة في سوق المشروبات الغازية، حيث أصبح استخدام هذه المكونات منتشرا بشكل متزايد".
من المخاطر التي تواجه الشركات، خصوصا الموجودة في الولايات المتحدة، هو التهديد بالمقاضاة. فشلت التأكيدات الصادرة عن الهيئات التنظيمية في الماضي في حماية الشركات من الدعاوى القضائية الجماعية بشأن الخصائص التي يحتمل أن تكون مسرطنة.
شركة باير الألمانية عالقة في معركة قانونية طويلة في الولايات المتحدة بعد استحواذها على شركة مونسانتو لصناعة البذور بقيمة 63 مليار دولار في 2016، الأمر الذي ترك المجموعة عرضة للمقاضاة بشأن زعم أن مبيد راونداب للحشائش مسرطن. بينما تؤكد "باير" أن المنتج آمن وتقول إن الأبحاث العلمية تدعم هذا الرأي. وقالت وكالة حماية البيئة الأمريكية إنه لا توجد مخاطر على صحة الإنسان من الاستخدامات الحالية للجليفوسات، المكون المستخدم في راونداب.

الأكثر قراءة