المعدن الفضي .. صناعة عكرة
يبدو على موجينجا تشيكوتا أسامواه، الذي كان يرتدي قميصا ونظارات سوداء ذات إطار عريض وحذاء جلديا لامعا، علامات قليلة من الحرمان الذي عاناه في طفولته.
فمنذ أن كان عمره 14 عاما، كان ينزل في حفر ضيقة يصل عمقها إلى 25 مترا، ويحمل أكياسا تزن 50 كيلوجراما ويغسل معدنا خاما لإنتاج الكوبالت الأساسي للبطاريات المستخدمة في أجهزة الحاسوب المحمولة، والهواتف والسيارات الكهربائية في العالم.
يقول أسامواه: لقد كنت مضطرا وملزما لأنه لم يكن لدي أي خيارات، وهو يحرك ثلاثة هواتف محمولة تعمل بالمادة المسؤولة عن وفاة بعض أقرب أصدقائه وهروبه من الفقر بشكل عشوائي.
يقول أسامواه، في سن الـ30 حاليا، وهو مدرس ومترجم فوري، إنه أحد المحظوظين القلائل في المنطقة السريالية والخيالية إلى حد ما، والتضاريس ذات اللون البني المحمر التي تتميز بها عاصمة النحاس والكوبالت لجمهورية الكونغو الديمقراطية كولويزي، في جنوب البلد.
لكن بدايته الجديدة لم تأت عبر جهده الخاص. بل كان بجهد زوج عمته الذي كان يعمل في مكان قريب في منجم موتاندا الهائل التابع لشركة جلينكور للطاقة الطبيعية العالمية، وهو الذي دفع له تكاليف الذهاب إلى الجامعة وترك المناجم وراءه.
يعد الكوبالت، المعدن الفضي المتوافر بكثرة في جمهورية الكونغو الذي يمكن لعمال المناجم استخراجه باستخدام أدوات بسيطة، ضروريا لانتقال العالم إلى الطاقة النظيفة. ومن المتوقع أن يتضاعف الطلب على هذا المورد ثلاث مرات بحلول 2035، خاصة بطاريات السيارات الكهربائية، وفقا لمعهد كوبالت، وهو هيئة صناعية.
تلخص قصة أسامواه التعايش الهش بين وجهي صناعة الكوبالت في جمهورية الكونغو الديمقراطية: من ناحية، المناجم الصناعية التي تديرها شركات متعددة الجنسيات مثل جلينكور والتي تم إغلاقها بجدران خرسانية وسياجات سلكية، من ناحية أخرى، المناجم غير الرسمية ذات الظروف الجهنمية وغير الآمنة التي تغذي شبكات التجارة الصينية السرية.
تعرف هذه الممارسة بالتعدين "الحرفي"، اسم يتعارض مع طبيعته البدائية والخطرة. لكن هذا التعدين ذا النطاق الصغير يولد نحو 15 إلى 30 في المائة من إمدادات الكوبالت في جمهورية الكونغو الديمقراطية، والتي تنتج بدورها نحو 70 في المائة من الإنتاج العالمي.
يقول جيمس نيكولسون، رئيس المسؤولية الاجتماعية في شركة ترافيجورا، واحدة من أكبر تجار السلع في العالم: "يتزايد نمو الطلب على معادن البطاريات. ستتعرض المناجم كبيرة الحجم لضغط كبير للإنتاج، لذا سيتزايد الاعتماد على المنتجين من المستوى المتوسط والصغير والمنتجين الحرفيين".
إذا أراد العالم تلبية حاجته من الكوبالت - والقيام بذلك بطريقة مستدامة ومنصفة - فسيتعين تطهير قطاع التعدين الحرفي للوفاء بالمعايير الدولية.
بينما يمتد التعدين الحرفي إلى أبعد من جمهورية الكونغو الديمقراطية، ويدعم سبل العيش لنحو واحد من كل 20 شخصا على هذا الكوكب، ويشمل سلعا مثل النحاس، والذهب، والقصدير والليثيوم، فقد لفتت منظمة العفو الدولية الانتباه في 2016 إلى عمالة الأطفال وظروف العمل غير الإنسانية في قطاع تعدين الكوبالت غير الرسمي في البلد.
منذ ذلك الحين، أصبحت واشنطن وبروكسل أكثر جدية فيما يتعلق بتعزيز أمن إمدادات المواد الخام - وتخفيف القبضة الصينية الخانقة على سلاسل الإمداد المعدنية المهمة. كما أنهما تعملان على إدخال العناية الواجبة وتشريعات حقوق الإنسان في سلسلة التوريد العالمية.
لا يوجد أسفل الأرض في المسارات الترابية في كاميلومبي، وهو موقع تعدين حرفي بالقرب من كولويزي، موطن لمئات من الحفر الخطيرة من صنع الإنسان والمستودعات التجارية، مؤشرات تذكر على هذه التغييرات.
يتشاجر 100 من عمال المناجم في الصباح على عدد قليل من القبعات الصلبة. لا يوجد أطفال على ما يبدو - رغم أنه يمكن رؤيتهم وهم يغسلون الخام ويحملون أكياسا حمراء مبللة عبر مجرى قريب. لا يزال هناك خطر شديد واستغلال: معظم عمال المناجم لا يرتدون سوى الصنادل، والجينز والفانيلات، وبعض مداخل المناجم تغوص بعمق 100 متر - أي ثلاثة أضعاف الحد القانوني - والأسعار التي يدفعها التجار ظالمة.
بعد أن رأى الكونغوليين في كاميلومبي يمرون بالمحنة نفسها التي مر بها ذات مرة، أصبح أسامواه حاسما بشأن ما ينبغي أن يحدث تاليا: "ينبغي إضفاء الطابع الرسمي على هذه المناجم".
كما تظهر وتيرة التغيير البطيئة للغاية في نهاية سلسلة التوريد. حيث يواصل نادي عمال المناجم، ومصنعو السيارات وصانعو الإلكترونيات، الذي تبلغ قيمته 7.7 تريليون دولار - بما في ذلك شركات جلينكور، وفولكس فاجن، ومايكروسوفت وأبل - الذين ينتمون إلى مبادرة المعادن المسؤولة، لاستبعاد الكوبالت المستخرج يدويا بشكل صارم.
يقول البعض في الصناعة إن هذا الاستبعاد يساعد الشركات على حماية سلاسل التوريد الخاصة بها وبالفعل سمعتها، لكنه لا يفعل الكثير لتحسين ظروف أولئك الذين يخاطرون بحياتهم في مناجم غير منظمة أو يجلب التنمية إلى واحد من أفقر دول العالم.
تتعرض الحكومات والشركات متعددة الجنسيات لضغوط متزايدة لبذل مزيد من الجهد لتحسين السلامة في المناجم غير الرسمية وإيجاد طريقة لدمجها في سلاسل التوريد الأخلاقية. أدت محاولة تأديبية لكن فاشلة من قبل عائلات الأطفال الذين قتلوا أو أصيبوا أثناء التعدين لمقاضاة شركات أبل، وجوجل، ومايكروسوفت وديل وتسلا في 2019 إلى مزيد من التدقيق.
وفي شباط (فبراير)، دعت شركة مايكروسوفت إلى "تحالف" لدفع إضفاء الطابع الرسمي على التعدين الحرفي، والذي سيتضمن جهدا جماعيا لفرض معايير مثل القضاء على الأنفاق العميقة، وإدمان الكحول وعمالة الأطفال.
لكن بالنظر إلى التحدي الذي ينتظرنا، يتساءل بعض النقاد عن سبب استغراق حماية التعدين الحرفي وقتا طويلا.
خطوط غير واضحة
أثناء القيادة عبر منجم تينك فونغوروم، الذي في طريقه ليصبح أكبر منجم للكوبالت في العالم، يمكن رؤية طفل يحمل كيسا من المعدن الخام على ظهره وسط الأنقاض بين طريق ترابي ومنجم مكون من حفرة واسعة في الأرض.
وعلى قمة الجبال الضخمة التي صنعها الإنسان من الخام المسحوق، يقوم الأطفال والشباب بغربلة الصخور بحثا عن التي تحتوي على المعادن الثمينة بأيديهم العارية.
هؤلاء ليسوا موظفين في سي إم أوه سي، الشركة المشغلة الصينية التي اشترت المنجم من منافستها الأمريكية، شركة فريبورت ماكموران في 2016. إنهم ينتمون إلى المجتمع المحلي الذي تضخم من 30 ألف إلى 400 ألف شخص في 15 عاما. جاء البعض بحثا عن وظيفة بأجر جيد مع شركة سي إم أوه سي، بينما تم إغراء الآخرين عبر الحفر العشر العملاقة النشطة والتي تدل على إمكانية إيجاد كمية كبيرة من الكوبالت في مكان قريب.
يشكل تصادم هذين العالمين مخاطر تتعلق بالسمعة، ومخاطر قانونية وتشغيلية لشركات التعدين وعملائها. كما أنه يهدد بمنح الصين، التي تتمتع بمعايير حقوق إنسان أخف من منافسيها الغربيين، اليد العليا في تأمين المعادن المهمة، مع إبقاء سكان الدول الغنية بالموارد رهينة للحكومات المتقاعسة والعصابات الإجرامية الدولية.
تصر شركات التعدين مثل جلينكور وسي إم أوه سي، اللتين أنتجتا 43،800 و20،300 طن من الكوبالت العام الماضي، على التوالي، على أن منتجاتها لا تختلط بالإمدادات الحرفية أثناء النقل أو في مواقع المعالجة والمصاهر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، أو الصين أو أي مكان آخر.
يشكك بعض الخبراء في أن الانفصال واضح المعالم. يقول مايكل بوسنر، مدير مركز الأعمال وحقوق الإنسان في كلية ستيرن للأعمال في جامعة نيويورك، إن "فكرة إمكانية فصل التعدين الحرفي عن التعدين الصناعي بدقة وهدوء هي خيال".
الواقع على الأرض هو أن شركات التعدين تتساهل مع التعدين الحرفي طالما أنه لا يعطل عملياتها لكنها تمتنع عن محاولة تنظيمه أو تحسين السلامة لأن هذه الممارسة غير قانونية من الناحية الفنية.
تتمثل إحدى الطرق التي حاول بها كبار عمال المناجم الحد من انتشار التعدين الحرفي في إيجاد وظائف بديلة عن طريق بناء المدارس، والمستشفيات والبنية التحتية. "الحل النهائي هو إقناع عمال المناجم (الحرفيين) بأن هناك شيئا أفضل خارج المنجم"، كما يقول أحد المديرين التنفيذيين في شركة سي إم أوه سي.
وهذا يضع المسؤولية على الحكومة، لكن القيادة في جمهورية الكونغو الديمقراطية أضعف من أن يكون ذلك طريقا مباشرا إلى الأمام. إضافة إلى ذلك، فإن المحفزات للتعدين مرتفعة. يمكن للرجال أن يكسبوا ما يزيد على 400 دولار شهريا في الحفر لاستخراج الكوبالت مقارنة بـ100 دولار شهريا للمدرس.
تخلى كلوريس، وهو حفار يبلغ من العمر 22 عاما في كاميلومبي، على مضض عن تدريبه ليصبح معلما لكسب مزيد من المال في المناجم من أجل إعالة سبعة من أفراد الأسرة. ويقول: "أريد أن أعمل في مجال مختلف. لا يهم ماذا".
وفي قرية محلية بالقرب من موتاندا، منجم آخر من أكبر المناجم في البلد، تضاعف مالكته، شركة جلينكور، أجور المعلمين وتدفع مئات الملايين من الدولارات في شكل مدفوعات ضريبية لسلطات جمهورية الكونغو الديمقراطية سنويا.
تقول آن ماري فلوري، مديرة مصادر الكوبالت المسؤولة في شركة جلينكور، إن مدى تعقيد المشكلة وحجمها يعني أن إضفاء الطابع الرسمي على التعدين الحرفي سيكون مفيدا، لكنه ليس كافيا لحل المشكلة.
وتقول: "لمعالجة التعدين الحرفي، هناك عدد من العوامل التي يجب أخذها في الحسبان، بما في ذلك الأسباب الجذرية، وتطوير سبل العيش وتحسين تنسيق جهود الدعم والتنمية".
إن المدى الذي ينبغي لشركات مثل جلينكور أن تذهب إليه لإضفاء الطابع الرسمي على التعدين الحرفي، يثير تساؤلات صعبة حول المدى الذي ينبغي أن تتحمل فيه المسؤوليات الحكومية فيما يسمى في الدولة الفاشلة وإلى متى يجب أن تتحملها. كما أن دور شركة تجارة السلع السويسرية في جمهورية الكونغو الديمقراطية معقد أيضا بسبب حقيقة أنها تخضع للتحقيق من قبل السلطات الهولندية بشأن الفساد المحتمل في البلد.
يقول روهيتش داوان، الرئيس التنفيذي للمجلس الدولي للتعدين والمعادن، وهو اتحاد صناعي عالمي: "إذا طورت شركات التعدين مشاريع جديدة في الأماكن التي لا تتم فيها تلبية الاحتياجات، فستقع عليها المسؤولية والضغوط. لكنه ليس نموذجا صحيا أو مستداما أن تصبح شركات التعدين موفرا ثانويا للخدمات ويمكن لذلك أن يوجد توترا مع أصحاب المصلحة الآخرين بما في ذلك المستثمرين".
النتيجة هي أن شركات التعدين تشعر براحة أكبر في تحسين معايير السلامة في المناجم الحرفية كلما ابتعدت عن الحفر والآلات الخاصة بها.
كاميلومبي أحد هذه المشاريع. بقيادة فير كوبالت ألاينس، وهي منظمة غير حكومية تمولها شركات تسلا، وجوجل، وجلينكور وسي إم أوه سي، يقدم هذا المشروع التجريبي معدات وقائية وخدمات معالجة عمالة الأطفال.
لقد جاءت مخططات مشابهة وذهبت. إذ قامت شركة ترافيجورا وشركة شيماف الإماراتية للتعدين بتشغيل مشروع تجريبي يضم خمسة آلاف عامل منجم في موتوشي والذي استخدم الآلات لإنشاء حفر مفتوحة وإزالة الأنفاق الخطرة. توقف المشروع، الذي تم الترحيب به على نطاق واسع باعتباره ناجحا، في 2020 بسبب جائحة فيروس كورونا. في حين أنه ربما تركت بصمة، إلا أن الإرث في الموقع تلاشى.
قال مارتن لوكانك، كبير خبراء التعدين في البنك الدولي: "لقد عملنا بنهج من الأسفل إلى الأعلى لفترة طويلة مع مجتمع المانحين، لكننا لم نحصل على نتائج مستدامة. هناك حاجة إلى اتباع نهج من أعلى إلى أسفل".
شبكة استغلالية من الوسطاء
ما يجب فعله لإضفاء الطابع الرسمي على التعدين الحرفي واضح: تقديم هيكل تجاري بديل لكسر هيمنة شبكة استغلالية من الوسطاء.
وهذا البديل، مثل مشتر وطني، من شأنه أن يدفع لعمال المناجم المعرضين للخطر أكثر مقابل إقامة الأسوار وتوظيف حراس أمن لإبقاء الأطفال خارج المواقع وكذلك حظر الأنفاق العميقة وتوفير معدات الوقاية.
قبل أربعة أعوام، أنشأت جمهورية الكونغو الديمقراطية المؤسسة العامة للكوبالت لشراء جميع إمدادات الكوبالت من مواقع التعدين غير الرسمية، لكن الحركة كانت بطيئة كما يتضح من مركز موسومبو التجاري الشاغر في كولويزي.
هناك نحو 100 من المستودعات الزرقاء الفاتحة جاهزة منذ أوائل العام الماضي لأخذ إمدادات الكوبالت الحرفية لكيان مثل المؤسسة العامة للكوبالت، والتي ستستخدم عندها معدات معملية لقياس وزن، ونقاء ورطوبة الخام، وهي ثلاث خصائص في الأغلب ما يتم الغش فيها.
وفي شوارع كاميلومبي المتقاطعة والمليئة بالقمامة، هناك صفوف من العمال الكونغوليين يقفون خارج عشرة أكواخ الهشة بزي رسمي ملون. وخلفهم في الظل، ينتظر التجار الصينيون لتجميع الخام وغسله إلى جانب الكمية المنتجة من بعض المناجم الكبيرة.
يتجاهل برونو، وهو عامل منجم أشيب يبلغ من العمر 35 عاما، المخاطر في كاميلومبي، واصفا وظيفته بأنها "الأفضل". لكن مثل أي شخص هناك، فهو يريد تغيير نظام المبيعات الحالي.
ويقول إريك كالالا، الرئيس المعين حديثا للمؤسسة العامة للكوبالت، إن طرح خطة عمل الوكالة أمر "أكثر من عاجل"، لكن كثيرين يشككون في إحراز تقدم كبير قبل الانتخابات العامة للبلد المتوقعة في كانون الأول (ديسمبر).
ويمكن أن تعزى البداية المتعثرة لشركة أي جي سي إلى الفصائل السياسية المحلية والمصالح الصينية القوية وراء التعاونيات والشبكات التجارية.
وهذا لا يمنع حكومة جمهورية الكونغو الديمقراطية من دعوة الغرب إلى إعادة التفكير في نهجه وتقديم التزامات أكبر إذا كان جادا في إحداث تغيير دائم والتنافس مع الصين.
ويقول بول مابيولا ينغا، مستشار وزارة المناجم في جمهورية الكونغو الديمقراطية: "عندما تأتون يا رفاق بمشروع تجريبي، فذلك ليس إلا قطرة في المحيط".
"عندما يأتي الصينيون ويقولون "سنقوم بالبناء"، فهذا استثمار كبير. بينما يأتي الأوروبيون ويقولون "نحن بحاجة إلى حوكمة رشيدة وبعد ذلك سنأتي". المشكلة هي أننا نرى الحكومة لكننا لا نرى الشركات الخاصة".
وهناك بين حكومة جمهورية الكونغو الديمقراطية وشركات التعدين وعملائها النهائيين والمنظمات غير الحكومية، إصبع يشير باستمرار إلى الجهة المسؤولة عن الفشل في إصلاح التعدين التقليدي وحمايته.
كما يجادل بعض الخبراء بأن الشركات تتحدث بشكل جيد عن الاستيراد المسؤول، لكنها تغض الطرف عن الآثار غير المباشرة لسياساتها. وتقول دوروثي باومان بولي، مديرة مركز جنيف للأعمال وحقوق الإنسان: "هناك طريقة لكن لا توجد إرادة. إن قمة السخرية هي أن تضع في عقدك، كما تفعل جميع شركات السيارات، أننا لا نقوم بالاستيراد من المناجم التقليدية".
يقول كثيرون إن هناك حاجة ماسة إلى الواقعية. وقد اعترفت رابطة سوق سبائك لندن، وهي هيئة صناعية، أن معايير الاستيراد المسؤول للذهب قد همشت صغار المنتجين من الأسواق الدولية. وتقول روث كروويل، الرئيسة التنفيذية للرابطة، إن هناك حاجة إلى مشاركة أعمق من المستهلكين والمستثمرين.
وتضيف: "إن التحدي الأكبر هو عدم رغبة الناس في الغرب في الدخول في تفاصيل كيف ستحدث فرقا في حياة الناس من خلال استيراد المعدن، بدلا من رغبتهم فقط في أن يكون خاليا من المشكلات".
أما بالنسبة إلى الكوبالت في جمهورية الكونغو الديمقراطية، فإن جهود مصنعي السيارات ومنتجي الإلكترونيات وشركات التعدين لتحسين التعدين التقليدي والمجتمعات المعنية تتم على بعد ذراع من خلال منصات مختلفة، تم انتقادها باعتبارها غطاء خادعا. ويمتلك تحالف فير كوبالت أليانس - وهي المبادرة الرئيسة من كل من تسلا وجوجل وغلينكور التي تدعم كاميلومبي - يمتلك تمويلا سنويا ضئيلا يبلغ 1.8 مليون دولار. وعلى نحو مشابه، تساعد شركة بي إم دبليو وفولكس فاجن وغيرهما على تمويل مشروع كوبالت فور ديفيلوبمنت.
قد يبدو إضفاء الطابع الرسمي على التعدين التقليدي غير قابل للحل كما فعلت المصانع التي تستغل العمال لمصنعي الملابس في التسعينيات، كما يقول بوسنر من جامعة نيويورك. لكنه يضيف أن هناك اختلافات مشجعة.
وفي ذلك الوقت، دعا البيت الأبيض شركة نايكي وغيرها من عمالقة الملابس لحملها على البدء في التعامل مع الاستغلال ووضع المعايير التي أدت إلى بعض التحسينات. ويجادل بوسنر بأن معالجة قضية المصانع المستغلة للعمال هي "أكثر تعقيدا نسبيا" من التعدين التقليدي في جزء واحد من جمهورية الكونغو الديمقراطية.
ويضيف: "إذا بدأت الحكومات الغربية بالقول: "هذه هي توقعاتنا"، ولدينا قوانين سلسلة التوريد لدعمها، فمن المؤكد أن ذلك سيكون أفضل من عدم وجود قوانين".
وبالنسبة إلى الرجال والنساء في كاميلومبي مثل فرانسوا، التي تغسل الخام لقاء خمسة إلى عشرة دولارات في اليوم لإعالة ستة أطفال وثلاثة أشقاء، فإن هذا التغيير سيحدث فرقا كبيرا. وتقول: "لا يمكنني ببساطة إيقاف هذا العمل اليوم، لأنه كل ما أملك".