أصل اللغة
تتواصل جميع الكائنات مع بعضها بعضا ولكل منها طريقته أو لغته، ألم يذكر الله في محكم كتابه عن حوار النمل وحديث الطيور وتسبيح الجبال وحديث الأشجار، لكن البشر هم وحدهم من استطاعوا تطوير لغة متقدمة تتعدى كونها مجرد إشارات أو استجابة لما حولهم، كلامنا ولغتنا مغايرة تماما لطرق تواصل باقي الكائنات، فأنت عندما تتحدث كل ما فيك يعبر معك، جسدك، نبرة صوتك، اختيارك لكلماتك!
حديثك يأتي من مركز كلام خاص في الدماغ لا يستجيب لما حوله بشكل غريزي، وإنما ينظم الصوت والمعنى بناء على أساس عقلاني، وإلى الآن لم يتوصل البشر إلى معرفة كيف تطورت اللغة، لكن مما لا شك فيه أن تطورها قد استغرق وقتا طويلا. فأجدادنا كانوا يتحدثون منذ ملايين الأعوام، لكن مفرداتهم كانت قليلة وقواعدها أبسط من لغاتنا اليوم، وما زال جدل العلماء قائما حول الإجابة عن سؤال، ما أول لغة في العالم؟ لكنهم يؤكدون أن اللغة رافقت البشر منذ البدء.
وتعد اللغتان السومرية والهيروغليفية من أقدم اللغات المكتوبة المسجلة حيث يعود تاريخ ظهورها إلى نحو 3200 قبل الميلاد. لكن اللغة الأقدم التي لا تزال موجودة حتى يومنا هذا هي على الأرجح اللغة الصينية التي ظهرت للمرة الأولى في 1500 قبل الميلاد. ومن أشهر اللغات القديمة التاميلية التي يعتقد أنها ظهرت لأول مرة في 2500 قبل الميلاد، والسنسكريتية التي يعود تاريخ ظهورها إلى نحو 2000 قبل الميلاد، والإغريقية التي تعرف بلغة الفلاسفة ويعود تاريخ ظهورها إلى 1500 قبل الميلاد، وظهر أول نص مكتوب باللغة العبرية في 1000 قبل الميلاد، وتأتي بعدها اللغة العربية بفارق 500 عام، وهناك المئات من اللغات التي اندثرت وعدت لغات ميتة، وتعددت أسباب موت اللغات منها الطبيعية كقلة عدد المستخدمين لتلك اللغة، أو قسرية كإجبار شعب أو عرق ما على تغيير لغته إلى لغة أخرى!
ويوجد اليوم ما مجموعه نحو سبعة آلاف لغة محكية في جميع أنحاء العالم، ويصنف الباحثون هذه اللغات إلى فئات وعائلات لا يتجاوز عددها الـ20 عائلة ترتبط اللغات مع بعضها بعضا من خلال المفردات أو الأصوات المتشابهة أو الصيغ النحوية المتماثلة، وتقول النظرية إن اللغات التي تنتمي إلى مجموعة أو عائلة معينة تنحدر جميعها من اللغة الأم نفسها. ومعظمها معرض لخطر الانقراض، وتوقع أحد التقديرات المنشورة في 2004 أن نحو 90 في المائة من اللغات المستخدمة حاليا ستنقرض بحلول 2050!