حقوق العاملين في اقتصاد العمل الحر .. المعركة تحتدم

حقوق العاملين في اقتصاد العمل الحر .. المعركة تحتدم

توشك معركة حقوق العمال في اقتصاد العمل الحر في أوروبا على أن تشتد.
انخرط المشرعون في بروكسل في نقاشات استمرت أعواما لتحديد الحقوق المطلوبة وما يعنيه أن تكون موظفا وليس عاملا مستقلا. لكن الدول الأعضاء اتفقت أخيرا في وقت سابق من هذا الشهر على موقفها التفاوضي بشأن اللوائح التي ينبغي إدخالها لحماية العاملين في اقتصاد الوظائف الحرة. وهذا يمثل مجرد بداية معركة بين البرلمانيين والبلدان والمفوضية الأوروبية حول هذه القضية.
تمارس شركات مثل أوبر وديليفيرو ضغوطا شديدة لصياغة القواعد، التي من المرجح أن تدخل حيز التنفيذ في أوائل العام المقبل، حيث تجادل الشركات بأنه يمكن أن يكون لها تأثير كبير في اقتصاد الوظائف الحرة ونماذج أعمالها. هي تعتقد أن العمال يريدون في الواقع حرية أكثر وليس حقوقا أكثر.
مع ذلك، يقترب المنظمون في الاتحاد الأوروبي خطوة نحو تعزيز الظروف الاقتصادية للعاملين في الوظائف الحرة في دول التكتل. يفترض أن معظم العاملين اليوم في المنصات الرقمية يعملون لحسابهم الخاص، ما يعني أنهم لا يستطيعون الوصول إلى حقوق العمل، مثل إجازة مرضية مدفوعة الأجر والحد الأدنى للأجور. لكن مقترحات الاتحاد الأوروبي تسعى إلى تصحيح ذلك من خلال إعادة تصنيف ما يجعل الشخص موظفا.
تريد الدول الأعضاء أن يتم الافتراض قانونا أن العمال موظفون في منصة رقمية إذا استوفوا ثلاثة معايير من أصل سبعة، منها القيود المفروضة على قدرتهم على رفض مهمة عمل. مع ذلك، قالت سبع دول، من بينها إسبانيا وهولندا، إن المقترحات تفتقر إلى الطموح، وهو ما يشير إلى الانقسام بين الدول. فيما يعد الموقف التفاوضي للبرلمان الأوروبي أكثر راديكالية من موقف الدول الأعضاء أو المفوضية لأنه يفترض أن كل شخص يعمل من خلال منصة رقمية هو عامل، ما قد يؤدي إلى تصنيف ملايين الأشخاص على هذا النحو.
ما يجعل الشخص موظفا "وليس عاملا لحسابه الخاص" مهم بشكل كبير للصناعة. التكلفة الإضافية للشركات إذا أرادت الاحتفاظ بموظفين بدوام كامل في دفاترها ستكون مرتفعة. سيتعين على أمثال شركتي أوبر وبولت صرف أموال إضافية لتدفع مقابل مزايا مثل الضمان الاجتماعي وإجازة الأبوين والتأمين الصحي ومساهمات المعاشات التقاعدية.
تستمر الصناعة أيضا في المجادلة بأن القواعد الأكثر صرامة ستعني مرونة أقل للعمال الذين قد يرغبون في العمل بشكل أقل في المنصات الرقمية. وهذا بدوره يعني تقديم خدمة أقل جودة للعملاء "عدد أقل من السائقين أو موظفي التوصيل" وسيكون له تأثير كبير في إيرادات هذا العمل.
تقول رابطة موف إي يو، وهي مجموعة ضغط تضم في عضويتها شركتي بولت وأوبر، إن منصات طلب سيارات الأجرة ستستجيب لذلك من خلال تقليل حجم أسطايلها 58 في المائة، ما يعني خفض عدد العاملين في دول التكتل بمقدار 149 ألف عامل. كما تتوقع "موف إي يو" أيضا ارتفاعا في التكاليف الثابتة، ما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار التنقل، وتقليل الطلب والتوظيف بشكل أكبر. حتى إنها تتوقع أن تتوقف بعض المنصات عن التداول في الاتحاد الأوروبي تماما إذا كان هناك إعادة تصنيف للعمال، وهو ما سيؤدي إلى عدد أقل من الوظائف المتاحة.
لكن ليس كل أرباب العمل في اقتصاد الوظائف الحرة في الاتحاد الأوروبي يشعرون بالمثل. يقول ساشا ميشود، مؤسس شركة جلوفو الناشئة للتوصيل في برشلونة، "إن اقتصاد الوظائف الحرة يدور حول العمل المرن، وإنه حتى بدون تنظيم على مستوى الاتحاد الأوروبي، أطلقت شركته ما يسمى بتعهد لعمال التوصيل، الذي يمنح عمال التوصيل منافع اجتماعية أساسية". تعرضت شركته لضربة في 2020 عندما قضت المحكمة العليا في إسبانيا بأن السائقين في "جلوفو" كانوا موظفين فيها وليسوا عمالا مستقلين. ودعا ميشود الاتحاد الأوروبي إلى تصحيح التنظيم. وقال "الاتحاد الأوروبي يتحمل مسؤولية التنظيم. نحن نؤمن بالاقتصاد الحر، ولكن أيضا بأهمية الامتيازات الاجتماعية".
عارض كبار المسؤولين في الاتحاد الأوروبي الضغط الذي يمارسه القطاع. قال نيكولاس شميت، مفوض الاتحاد الأوروبي للوظائف والحقوق الاجتماعية "إن بعض المنصات الناجحة جدا توظف عمالها بالفعل، وهو ما يدل على أن ذلك ممكن ومربح، لذا أنا أشك في أن التوجيه المقترح سيؤدي إلى زيادة لا يمكن السيطرة عليها في التكاليف". "يتعين على الشركات غير القائمة على الإنترنت دفع الضمان الاجتماعي والالتزام بقواعد العمل، لذا فإن الأمر يتعلق فقط بضمان تكافؤ الفرص والتأكد من حصول الناس على الحقوق المستحقة".
من جهته، يقول دينيس رادتكي، العضو الألماني في البرلمان الأوروبي مع حزب الشعب الأوروبي، أكبر مجموعة سياسية في أوروبا، إن عكس "عبء الإثبات" حيث يكون عمال الوظائف الحرة موظفين تلقائيا وليسوا عاملين لحسابهم الخاص، لا بد أن يؤثر سلبا في الشركات. ويقول "هذا هو السبب في أن جماعات الضغط تضغط بشدة للحفاظ على الوضع الراهن كما هو في نماذج أعمالهم".
لكن رادتكي يقول "إن التأثير السلبي في القطاع مبالغ فيه، (يقول بعض إنني أحارب ضد العمل الحر). وذلك ليس صحيحا. أنا أحارب نماذج العمل التي تحرم العمال من الحد الأدنى للأجور والضمان الاجتماعي. كما أنه ليس صحيحا أن هذه القواعد سيكون لها تأثير كبير في الاقتصاد بأكمله".

سمات

الأكثر قراءة