إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي تشغل بال مديري الأصول
تزيد المؤسسات الاستثمارية الكبيرة الضغط على شركات التكنولوجيا لتتحمل مسؤولية إساءة استخدام محتملة للذكاء الاصطناعي، إذ تشعر بالقلق من مسؤولية قضايا حقوق الإنسان المرتبطة بالبرنامج.
يعد "تحالف التأثير الجماعي للشمول الرقمي" المكون من 32 مؤسسة مالية تمثل 6.9 تريليون من الأصول تحت الإدارة -بما فيها أفيفا إنفستورز، وفيديليتي إنترناشونال، وإتش إس بي سي لإدارة الأصول- من بين الذين يقودون حملة التأثير في شركات التكنولوجيا لتلتزم بالذكاء الاصطناعي الأخلاقي.
عقدت "أفيفا إنفستورز" اجتماعات مع شركات تكنولوجيا بما فيها شركات صناعة الرقائق في الأشهر الأخيرة لتحذرها، بتعزيز الحماية ضد مخاطر حقوق الإنسان المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، بما في ذلك المراقبة والتمييز ونظام التعرف على الوجه غير المصرح به وعمليات تسريح الموظفين الضخمة.
قالت لويس بيفو، رئيسة تكامل العدالة البيئية والاجتماعية والحوكمة في ذراع إدارة الأصول لشركة التأمين البريطانية، "إن الاجتماعات مع الشركات حول هذا الموضوع تسارعت وتيرتها، بسبب مخاوف من الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل شات جي بي تي". كما قالت "إنه إذا فشل التفاعل، كما هي الحال مع أي شركة تتعامل معها، فقد تصوت (أفيفا إنفستورز) ضد الإدارة في الاجتماعات العامة السنوية، أو تثير مخاوف مع المنظمين أو تبيع الأسهم".
"من السهل أن تتهرب الشركات من المساءلة بأن تقول (إنه ليس خطئي إذا أساء شخص ما استخدام منتجي) هنا تزداد صعوبة المحادثة"، كما قالت بيفو.
قد يحل الذكاء الاصطناعي محل تغير المناخ ويصبح "المجال الكبير الجديد" الذي كان المستثمرون المسؤولون قلقين بشأنه، كما ذكر بنك جيفريز الاستثماري في مذكرة الأسبوع الماضي.
يأتي نشاط التحالف المتزايد بعد شهرين من كشف نيكولاي تانجين، الرئيس التنفيذي لصندوق النفط النرويجي الذي تبلغ قيمته 1.4 تريليون دولار، أن الصندوق سيضع إرشادات لكيف سيكون على الشركات التي استثمر فيها، وعددها تسعة آلاف شركة، استخدام الذكاء الاصطناعي "أخلاقيا" حيث دعا إلى تنظيم أكبر للقطاع سريع النمو.
تملك "أفيفا إنفستورز"، التي تدير أصولا قيمتها أكثر من 226 مليار دولار، حصة صغيرة في أكبر شركة صنع رقائق متعاقدة "شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات"، التي شهدت ارتفاعا في الطلب على الرقائق المتقدمة المستخدمة في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي الكبيرة مثل تلك المستخدمة في "شات جي بي تي".
كما تملك حصصا في شركات للأجهزة والبرمجيات مثل تينسنت القابضة، وسامسونج إلكترونيكس، وميدياتيك، وإنفيديا، إضافة إلى شركات التكنولوجيا التي تطور أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل ألفابيت ومايكروسوفت.
تجتمع شركة إدارة الأصول أيضا مع الشركات المستهلكة والإعلامية والصناعية للتحقق من التزامها بإعادة تدريب العمال بدلا من طردهم إذا كانت وظائفهم معرضة للإلغاء بسبب الكفاءات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي.
قال جين-هوي تان، رئيس الإشراف والاستثمار المستدام في "فيديليتي إنترناشونال"، "إن المخاوف بشأن القضايا الاجتماعية، مثل المخاوف المرتبطة بالخصوصية والتحيز الخوارزمي والأمن الوظيفي، أفسحت المجال أمام المخاوف الوجودية الفعلية لمستقبل الديمقراطية والإنسانية حتى".
كانت المجموعة التي تقع في المملكة المتحدة تجتمع مع شركات الأجهزة والبرمجيات والإنترنت لمناقشة هذه الأمور، كما قالت، وستنظر في سحب الاستثمارات في الأماكن التي تعتقد أنه لم يحرز فيها تقدم كاف.
قالت "ليجال آند جينيرال إنفستمنت مانجمنت"، أكبر شركات إدارة الأصول في المملكة المتحدة التي لديها قوانين إشراف لقضايا مثل إزالة الغابات وإمدادات الأسلحة، "إنها تعمل على وثيقة مماثلة عن الذكاء الاصطناعي".
قال كيرون بويل، الرئيس التنفيذي لمعهد إمباكت إنفستنج، مؤسسة فكرية تمولها الحكومة البريطانية، "إن عددا متزايدا من المستثمرين المؤثرين كانوا قلقين من أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يقلص الفرص المبتدئة للنساء والأقليات العرقية عبر الصناعات، ما يعيد تنوع القوى العاملة أعواما إلى الوراء".
من جانبه، قال ريتشارد جاردينر، قائد السياسة العامة للاتحاد الأوروبي في "الاتحاد المرجعي العالمي" الهولندي غير الربحي، الذي أطلق "تحالف التأثير الجماعي"، "إن المستثمرين الذين يدفعون شركات التكنولوجيا إلى التركيز على سلاسل الإمداد بأكملها أرادوا استباق المخاطر الأخلاقية والتنظيمية المحتملة". وأضاف "إن المستثمرين مثل (أفيفا) كانوا على الأرجح قلقين من أنهم إذا لم يتصرفوا، يمكن أن يتحملوا ذات يوم مسؤولية انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها الشركات المستثمر فيها".
"إذا صنعت رصاصة لا تفعل شيئا في يدك، لكنك وضعتها في يد شخص آخر وأصابت شخصا ما، إلى أي مدى تتعقب استخدام المنتج؟"، كما أضاف. "يريد المستثمرون ضمانات بوجود معايير مطبقة إذا أصبحوا هم أنفسهم مسؤولين".
نشرت 44 شركة تكنولوجية فقط من أصل 200 شركة قيمها "الاتحاد المرجعي العالمي" في آذار (مارس) إطار عمل للذكاء الاصطناعي الأخلاقي.
قال الاتحاد "إن قليلا منها أظهر علامات على أفضل الممارسات". كان لدى "سوني" إرشادات أخلاقية بشأن الذكاء الاصطناعي يجب أن يتبعها جميع موظفي المجموعة، وكانت شركة فودافون تقدم حق تعويض العملاء الذين يشعرون بأنهم عوملوا بشكل غير عادل نتيجة لقرار اتخذه أحد أنظمة الذكاء الاصطناعي، في حين لدى شركة دويتشه تيليكوم "زر إيقاف" لتعطيل أنظمة الذكاء الاصطناعي في أي وقت.
في حين كان من المتوقع منذ فترة طويلة أن تتحمل صناعات مثل التعدين مسؤولية قضايا حقوق الإنسان في سلاسل إمدادها، يدفع المنظمون إلى توسيع هذا التوقع ليشمل شركات التكنولوجيا والممولين.
من المتوقع أن يطلب توجيه التدقيق للشركات في الاتحاد الأوروبي، الذي تتفاوض عليه الدول الأعضاء والمسؤولون التنفيذيون والمشرعون، من الشركات مثل شركات صنع الرقائق، مراعاة مخاطر حقوق الإنسان في سلسلة القيمة.
حدثت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إرشاداتها الطوعية للشركات متعددة الجنسيات في وقت سابق من هذا الشهر، قائلة "إن شركات التكنولوجيا يجب أن تحاول منع الإضرار بالبيئة والمجتمع المرتبط بمنتجاتها، بما في ذلك تلك المرتبطة بالذكاء الاصطناعي".