اقتصاد الفضاء العالمي المتطور .. ضغط تنافسي أكبر
أي شخص يريد الاستثمار في شركات الفضاء الناشئة الجديدة حاليا ستحيره كثرة الخيارات. على الرغم من التراجع الحاد في الاستثمار العالمي العام الماضي، يتمتع قطاع الفضاء التجاري بمرحلة جديدة من الابتكار قائمة على تطور تكنولوجيات الجيل الأول الثورية مثل نظم الإطلاق القابلة لإعادة الاستخدام والأقمار الاصطناعية منخفضة التكلفة.
هذه هي نظرة ستيف جيكوبس عن الأمر، وهو رئيس فريق الاستثمار في شركات التكنولوجيا العميقة الناشئة في ليكستار، صندوق رأس المال المغامر الأوروبي. وصف جيكوبس، متحدثا في قمة "فاينانشيال تايمز" للاستثمار في الفضاء الأسبوع ما قبل الماضي، "القدر الهائل من النشاط" الذي يدفعه جيل جديد من رواد الأعمال الذين ألهمهم نجاح "سبيس إكس" و"روكيت لاب" وغيرها. قال "يقود ذلك النجاح أشخاصا كثيرين لإنشاء شركات فضاء جديدة في مجالات لم يتطرق لها أحد من قبل".
وفقا لمؤشر سيرافيم سبيس، ارتفع عدد صفقات التمويل الأولي 55 في المائة في 12 شهرا حتى نهاية آذار (مارس)، حتى إن كان مجموع التمويل أقل مما كان عليه قبل عام.
يقول بيير فيستال، شريك في شركات الاستثمار في المراحل الأولية بروموس فينتشرز، إنه يرى أيضا عالما مزدهرا من الشركات الناشئة. "إنه انعكاس لتطور النظام البيئي"، كما يقول. "هناك فرق كثيرة تخرج من سبيس إكس وشركات أخرى. النظام البيئي الجديد للفضاء متطور أكثر بكثير مما كان قبل عامين أو ثلاثة".
يبدو ذلك مطمئنا. في النهاية، لقد كانت 12 شهرا صعبة للغاية بالنسبة إلى قطاع الفضاء، بدءا من انهيار أسعار أسهم تلك الشركات التي سارعت للإدراج العام عن طريق أدوات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة، وانتهاء بالتفكك المشين لشركة فيرجين أوربيت.
لكن كيف يبدو شكل قطاع الفضاء الجديد المتطور؟ بالنسبة إلى أول جيل، ضغط تنافسي أكبر. أشار كيث كرين، اقتصادي في معهد سياسات العلم والتكنولوجيا، في قمة "فاينانشيال تايمز" إلى أن قيمة سوق إطلاق المركبات الفضائية العام الماضي كانت في الحقيقة أقل من 2013 بسبب انخفاض الأسعار.
من المحتمل أن تكون الاستجابة لمثل هذا الضغط عن طريق الدمج - سواء مع الأقران أو بشراء منتجات وخدمات محددة. إن هذا يحدث بالفعل. قبل أسبوعين، أتمت شركة فياسات استحواذها على شركة إنمارسات البريطانية. كما توسعت شركة روكيت لاب، يمكن القول إنها إحدى شركات إطلاق المركبات الفضائية الجديدة الوحيدة التي يمكنها مضاهاة مصداقية "سبيس إكس"، لتشمل تصنيع الأقمار الاصطناعية وتقديم الخدمات في المدار. أما الشركات الأخرى في المجالات المزدحمة مثل مجال تصوير الأرض فربما عليها أن تندمج لتبني النطاق الذي تحتاج إليه في وقت شح تمويل النمو.
إن احتمالية بروز شركات كبرى من هذه المرحلة في مراكز مهيمنة في الفضاء هي مصدر قلق صانعي السياسات الآن. "إنهم يبدأون بطرح أسئلة عما قد يعنيه الدمج"، كما أخبرني مستشار لمنظمين وسياسيين في الولايات المتحدة. تعتمد الولايات المتحدة بالفعل على "سبيس إكس" في عمليات الإطلاق، وخدمة الإنترنت التابعة لها "ستارلينك" ليست الأكبر في العالم فقط، بل مزودة مهمة للحكومة. حتى وصول صاروخ نيو جلين للرفع الثقيل من شركة بلو أوريجين قد يعاني لتخفيف هيمنة "سبيس إكس" حالما ينطلق صاروخها العملاق ستارشيب.
لكن الحكومات لديها بعض السلطة، فالفضاء ليس قطاعا تجاريا بالكامل، بل لا يزال معتمدا للغاية على عقود الحكومة. يمكن دعم المنافسين، وسيلعب التنظيم دورا أيضا.
إضافة إلى ذلك، معظم القيمة الاقتصادية التي سينشئها قطاع الفضاء ليست في البنية التحتية، بل في كيفية استخدام ذلك لتمكين نماذج العمل الجديدة. يقول ديلان تايلور، مؤسس فوياجر سبيس هولدينجز، "كيف تجني الصناعة المال؟ سيكون في الأغلب بالبيانات والتحليلات التنبؤية. أما الأجهزة والإطلاق مجرد وسائل لتحقيق غاية".
ستكون السيطرة على سوق المراحل النهائية المتنوعة أصعب، كما يقول تشاد أنديرسون، مؤسس شركة سبيس كابيتال. "هناك على ما يبدو عدد لا نهائي من حالات الاستخدام النهائية، من الحكم على مطالبات التأمين حتى تحسين الزراعة".
هذا يعيدنا إلى شركات الجيل المقبل الناشئة. تظهر إحصاءات سيرافيم أن التمويل يتدفق للموجودين في قطاع سوق المراحل النهائية والاقتصاد في الفضاء. ستكون هناك بعض الضجة بالتأكيد. لكن حقيقة أن دورة الأعمال الطبيعية، من الابتكار والنمو الضخم والدمج والعودة من جديد، تبدأ بالظهور في قطاع الفضاء هي أمر مطمئن.
"يبين ذلك أنه لا يوجد شيء غامض بشأن الفضاء. وهذا يقود كثيرا من الاهتمام المتزايد، وفي نهاية المطاف، الفائدة من الفضاء". كما يقول كريج براون، مدير الاستثمار في وكالة الفضاء في المملكة المتحدة.