تأجيل رفع الفائدة الخيار الأسوأ من 3 صعبة
أمام الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي ثلاثة خيارات أساسية لأسعار الفائدة حين تجتمع لجنته العليا لصنع السياسة. ليس من بينها ما هو خيار أمثل، والخيار الذي وجه الفيدرالي الأسواق لتوقعه يحتمل أن يكون الأقل جاذبية. علاوة على ذلك، تعكس هذه الخيارات الثلاثة تحديات أوسع تتطلب تحسنا كبيرا في جانب العرض في الاقتصاد وإصلاحات مؤسسية.
بناء على توجيهات من مسؤول كبير في الاحتياطي الفيدرالي، تشير توقعات السوق إلى أن البنك المركزي سيؤجل رفع أسعار الفائدة، ويحافظ عليها دون تغيير مع استعداده لاستئناف الزيادات، الاجتماع التالي في تموز (يوليو) (على غرار ما فعلته أستراليا وكندا).
ينظر إلى هذا النهج على أنه يزود المسؤولين بمزيد من البيانات لتقييم آثار مجموعة رفع أسعار الفائدة الأكثر تركزا منذ عقود. نتيجة لذلك، الاحتمال الضمني في السوق برفع أسعار الفائدة في حزيران (يونيو) تقلب في حدود 20-30 في المائة الأسبوع الماضي، بعد أن بلغ ذروته سابقا فوق 70 في المائة قبل التوجيهات الأخيرة.
توجد مسألتان في هذا النهج. الأولى، من غير المرجح لشهر إضافي من البيانات أن يعزز كثيرا فهم الفيدرالي لتأثيرات أداة السياسة التي تعمل بتأخيرات متغيرة. الثانية، البيانات الأخيرة تفضل رفع الفائدة لبنك مركزي أصر مرارا وتكرارا على أنه "معتمد على البيانات".
لا عجب أن بعضا من مسؤولي الفيدرالي يفضلون رفع أسعار الفائدة في الاجتماع. تشير وجهة نظرهم إلى سلسلة من مفاجآت البيانات، من بينها أخيرا ارتفاع الوظائف الشاغرة وإيجاد فرص عمل شهرية قوية، إضافة إلى تبديد المخاوف القريبة بخصوص سقف الديون الأمريكية وعدم الاستقرار المصرفي.
لكن على الأقل يرى مسؤول واحد في الاحتياطي الفيدرالي أن رفع سعر الفائدة في أيار (مايو) ربما كان مبالغة في الحذر حينها، لأن بعض المؤشرات المستقبلية للنشاط الاقتصادي تشير إلى الضعف. من هذا المنطلق، فإن توقفا مؤقتا في رفع أسعار الفائدة سيتبعه خفض بوصفه التغيير التالي.
لقد كتب كلام كثير عن السبب الذي يجعل الاحتياطي الفيدرالي يجد نفسه في هذا الموقف غير المريح. السبب المذكور الأكثر شيوعا هو أن الفيدرالي أخطأ في تقدير تهديد التضخم لمعظم 2021 والربع الأول من 2022 قبل أن يضطر إلى رفع أسعار الفائدة عشر مرات متتالية.
نتيجة لهذا، شهد الفيدرالي تقويضا جسيما في مكانته العامة ومصداقيته السياسية. كان هناك تضارب مطول بين رسالة الاحتياطي الفيدرالي بشأن مسار أسعار الفائدة لعام 2023 وما تتوقعه الأسواق. علاوة على ذلك، نشأ خلاف عام بين رئيس الفيدرالي وموظفي البنك المركزي فيما يتعلق باحتمال حدوث ركود. تقوضت سمعة الفيدرالي أكثر بسبب الهفوات المكلفة في الإشراف المصرفي، والافتقار إلى إطار سياسي استراتيجي مناسب، وضعف المساءلة، والتأثرية بتفكير القطيع.
بالنظر إلى الأسباب المتعددة، من غير المرجح أن يحل الفيدرالي مآزقه عما قريب. علاوة على ذلك، ما لم تظهر بيانات تضخم مؤشر أسعار المستهلك ضعفا كبيرا، فإن مسار عمله المقترح، "تأجيل" رفعها، سيصبح في النهاية الخيار الوسطي المتخبط، ما يجعل القرارات المستقبلية أصعب.
إذا كان الفيدرالي معتمدا حقا على البيانات وملتزما فعلا بتحقيق مستهدفه للتضخم الحالي البالغ 2 في المائة، فعليه رفع أسعار الفائدة 0.25 نقطة مئوية وترك الباب مفتوحا لمزيد من الارتفاعات. تشير مفاجآت البيانات الأخيرة، إلى جانب موازنة المخاطر المرتبطة بسياسات الفيدرالي، إلى أن هذا المسار أفضل من "تأجيل" رفع أسعار الفائدة.
مع ذلك، إذا كان الاحتياطي الفيدرالي يرى -كما أرى- أنه يعمل بمستهدف تضخم لم يعد صالحا بسبب التغيرات الكبيرة في جانب العرض في الاقتصاد -وأن تعديل المستهدف يتطلب عملية طويلة وحساسة- فعليه أن يختار وقف رفع الفائدة مع الميل إلى خفضها عند الحاجة.
سيسمح هذا لآثار الزيادات السابقة في أسعار الفائدة بالتغلغل في الاقتصاد، والحد من احتمال حدوث ضرر لا داعي له يمس النمو الاقتصادي، وعدم الاستقرار المالي المقلق.
لنتذكر أن الأخطاء السياسية التي ارتكبها الفيدرالي على مدى العامين الماضيين ونقاط ضعفه المؤسسية ليست العوامل الوحيدة التي قوضت فاعليته. تشير الأنماط المتغيرة للعولمة، وإعادة هيكلة سلاسل التوريد للشركات، وتحول الطاقة، وعدم توافق سوق العمل، إلى أن الفيدرالي يعمل بمستهدف تضخم ربما يكون منخفضا للغاية لرفاهية اقتصادية دائمة.
في هذا السياق، يعد الإطار الحالي للمناقشة السياسية محدودا للغاية. من المرجح أن يؤدي إلى إرباك الأمور بدلا من تحفيز نوع المشاورات القادرة على إعادة بناء الأساس للفيدرالي كي يسهم في تحقيق نمو شامل مرتفع واستقرار مالي.
*رئيس كلية كوينز في جامعة كامبريدج ومستشار لأليانز وجرامرسي