نقص أدوية السرطان في الولايات المتحدة يجبر الأطباء على قرارات تضر بالأرواح

نقص أدوية السرطان في الولايات المتحدة يجبر الأطباء على قرارات تضر بالأرواح

حذر عديد من منظمات الرعاية الصحية الرائدة من أن النقص الحاد في علاجات السرطان يجبر آلاف المرضى على تفويت العلاجات المنقذة للحياة.
يوجد 14 دواء للأورام، صنفها منظمو الولايات المتحدة بأنها "تواجه نقصا"، بما فيها دواءا العلاج الكيميائي المكافئان سيسبلاتين وكاربوبلاتين، وهما علاجان أوليان لكثير من أنواع السرطان الشائعة.
قالت جولي جرالو، كبيرة المسؤولين الطبيين في الجمعية الأمريكية لعلم الأورام السريرية، "إن المستشفيات تقنن استخدام بعض الأدوية بالفعل، وكان الأطباء مضطرين إلى اتخاذ قرارات صعبة بشأن تأخير العلاج الكيميائي أو استخدام أدوية بديلة ربما لا تكون بالفاعلية نفسها.
إن الأمر المقلق من جانب المرضى وأطبائهم بالتأكيد هو: هل نحن متأكدون من أن هذا (الدواء البديل) فعال بالقدر نفسه؟ هل من المحتمل أننا نقلص فرصة الشفاء بطريقة ما؟ لا أعتقد أننا نملك بيانات مؤكدة عن ذلك، لكنه مصدر قلق كبير".
قالت جرالو "إن الأزمة كانت حادة خاصة بسبب انتشار استخدام أدوية العلاج الكيميائي. يمكن أن يتأثر ما بين 100 إلى 500 ألف مريض من نقص السيسبلاتين والكاربوبلاتين، ما يؤكد الحاجة الطارئة لأن يقوي صانعو السياسة سلاسل الإمداد".
نقص الأدوية ليس جديدا. لكن الخبراء يحذرون من أن الاعتماد المتزايد على التصنيع في الخارج، والطلب المتزايد، ودمج الشركات في السوق، وضغط الأسعار قد جعل الولايات المتحدة على وجه الخصوص عرضة لذلك.
كان هناك 301 دواء مصنف بأنه "يواجه نقصا" في جميع المجالات العلاجية نهاية آذار (مارس)، وهو أعلى رقم منذ ما يقارب العقد، وفقا للجمعية الأمريكية لصيادلة النظام الصحي.
قالت جمعية علم الأورام النسائية، التي تجري استطلاعا لتحديد مدى هذه الأزمة، "إن النتائج الأولية وجدت نقصا في أدوية السرطان الأساسية عبر 40 ولاية أمريكية".
"هذه أزمة صحة عامة. لم نشهد نقصا مثل هذا من قبل"، كما قالت أنجليس ألفاريز سيكورد، رئيسة الجمعية.
بعض علاجات الأورام المطورة حديثا مثل بلوفيكتو، علاج سرطان البروستاتا من شركة نوفارتيس، تواجه نقصا. توقفت الشركة عن استقبال مرضى جدد في شباط (فبراير) بعد مشكلات ضبط الجودة أبلغت عنها إدارة الغذاء والدواء الأمريكية في موقعي تصنيع. قالت "نوفارتيس"، "إنها بدأت في استقبال مرضى جدد مجددا في نيسان (أبريل)".
لكن خبراء سلاسل الإمداد يقولون "إن الأدوية المكافئة، التي يتطلب صنعها عمليات تصنيع معقدة ومع ذلك تباع عادة بأسعار رخيصة جدا، هي الأكثر عرضة لأن تواجه نقصا. تشكل هذه الأدوية 90 في المائة من جميع الأدوية التي تباع في الولايات المتحدة، لكنها تشكل 18 في المائة فقط من تكاليف الأدوية جميعها"، وفقا لتقرير صدر في مارس من لجنة مجلس الشيوخ للأمن الداخلي والشؤون الحكومية.
"علينا إعادة التفكير في سوق الأدوية المكافئة بأكملها حيث يكمن معظم النقص"، حسبما قالت لورا براي، مؤسسة "أنجلز فور تشينج"، مجموعة غير ربحية تدعو إلى العمل لوضع حد لنقص الأدوية.
قالت "إن قطاع الأدوية المكافئة أصبح سباقا نحو القاع على الأسعار جعل ضبط الجودة أصعب، خاصة للأدوية المعقدة مثل أدوية العلاج الكيميائي". قالت براي "إنه عندما يكون عدد قليل فقط من الشركات يورد دواء ما، فإن أي حدث واحد يمكن أن يؤدي إلى عاصفة كاملة، وهو ما يحدث الآن مع أدوية العلاج الكيميائي".
تعتمد معظم شركات الأدوية المكافئة على المكونات الدوائية النشطة التي تنتج في دول منخفضة التكلفة، ولا سيما الصين والهند، لصناعة الأدوية.
يرتبط نقص السيسبلاتين بمشكلات ضبط الجودة في مصنع في الهند تديره شركة إنتاس للأدوية، التي توفر ما يقارب نصف مخزون الولايات المتحدة الكامل من دواء العلاج الكيميائي. أوقفت الشركة إنتاج السيسبلاتين والكاربوبلاتين، اللذين كانا من المفترض أن يذهبا إلى الولايات المتحدة، بعد فحص أجرته إدارة الغذاء والدواء في كانون الأول (ديسمبر)، الذي تضمن تفاصيل حول "سلسلة من التخاذل" في وحدة ضبط الجودة التابعة لها.
قالت شركة إنتاس وشركة أكورد هيلث كير التابعة لها في الولايات المتحدة "إنهما كانتا تعملان على خطة مع إدارة الغذاء والدواء للعودة إلى التصنيع".
يقول أطباء الأورام "إنهم يواجهون صعوبة أكبر في الحصول على إمدادات لكل من دواءي العلاج الكيميائي بعد وقت قصير من تعليق الإنتاج في (إنتاس)".
"اضطررت إلى استبدال الأدوية لمرضى سرطان المبيض الذين شخصوا حديثا في أواخر نيسان (أبريل) وأيار (مايو)، لأن نوع أدوية الخيار الأول لم يكن متاحا لدينا"، كما قالت جينيفر روبات، إخصائية أورام في دينفر، كولورادو.
قالت "إن المرضى أبلغوا عن أعراض جانبية أكثر حدة عند استخدام الأدوية البديلة عوضا عن السيسبلاتين والكاربوبلاتين، أدوية العلاج الكيميائي القائمة على البلاتين".
أخبر أحد مرضى السرطان الذي يعيش في ساكرامنتو، كاليفورنيا، "فاينانشيال تايمز" بأنه تم إيقاف استخدامه للسيسبلاتين في أبريل لأن شركة تقديم الرعاية الصحية له، "كايزر بيرمينينت"، لم تعد حالته حالة قابلة للعلاج.
قال مايكل جريفيث، أب لثلاثة أبناء يبلغ من العمر 51 عاما "خصص السيسبلاتين الآن بموجب البروتوكول لأنواع السرطان الممكن شفاؤها. وبما أن مرضي لا يرجى برؤه فلست مؤهلا للحصول عليه في الوقت الحالي".
قال "إنه عندما كان يأخذ السيسبلاتين في السابق، أخبره طبيبه بأن الأورام السرطانية في القنوات الصفراوية في كبده تبدو تحت السيطرة". لكن أظهرت أشعة مقطعية حديثة أن ورمه نما قليلا منذ إيقافه عن استخدام دواء العلاج الكيميائي، حسب قوله.
قالت الشركة التي تقدم الرعاية الصحية لجريفيث، كايزر بيرمينينت، "إنها لا تستطيع التعليق على الحالات الفردية، لكنها تدرك أنه كلما يكون هناك نقص وطني في أي دواء فقد يشعر المرضى المصابون بالقلق".
وأضافت "يعمل أطباؤنا وصيادلتنا مع مرضاهم لضمان أن خطتهم العلاجية فاعلة قدر الإمكان ولتحديد العلاجات البديلة عند الضرورة".
حجم النقص في أدوية السرطان يدفع السلطات إلى التفكير في حلول قصيرة المدى. تدرس إدارة الغذاء والدواء أمر السماح مؤقتا باستيراد أدوية العلاج الكيميائي من الشركات المصنعة الأجنبية التي لم تتم الموافقة على توزيع أدويتها في الوقت الحالي في الولايات المتحدة.
لكن خبراء الصحة وصناعة الأدوية المكافئة يقولون "إن الإصلاحات الأساسية ضرورية لتشجيع الشركات المصنعة على البقاء في السوق لتقوية سلاسل الإمداد". إن إغلاق شركة الأدوية المكافئة الأمريكية الكبيرة، أكورن للأدوية، وقرار تيفا للأدوية في أبريل الماضي لتقليص مجموعة أدويتها المكافئة يسلطان الضوء على الضغط الشديد الذي تتعرض له الصناعة، كما يقولون.
"الأمر المستمر هنا هو التسعير والهشاشة. عادة ما تراه هو قوى السوق التي تؤدي إلى انخفاض الأسعار، وهو أمر رائع للمرضى وجميع المعنيين، باستثناء الشركات المصنعة"، حسبما قال كريج بيرتون، نائب الرئيس الأول للسياسات والتحالفات في رابطة الأدوية المتاحة.
إذا حدث شيء ما، عندما يتبقى مصنع أو اثنان فقط لدواء ما في السوق، ستكون أكثر عرضة لحدوث نقص، حسب قوله.
أثارت جلسة استماع في مجلس الشيوخ بشأن أزمة نقص الأدوية في مارس الماضي احتمالية تقديم حوافز ضريبية لتشجيع الاستثمار في مزيد من الإنتاج في الولايات المتحدة أو فرض تخزين الأدوية المهمة.
قال بيرتون "إن الدمج في سوق شراء الأدوية مكن المشترين بالجملة من الضغط على الشركات المصنعة من ناحية السعر في كل من سوقي التجزئة والمستشفيات".
تسيطر ثلاث مجموعات شراء كبيرة -"ريد أوك سورسنج" و"والجرينز بوتس أليانس ديفلوبمنت" و"كلاروس ون"، التي تضم "وولمارت" و"ماكيسون"- على نحو 90 في المائة من سوق الوصفات الطبية بالتجزئة. تتركز سوق توريد الأدوية المكافئة إلى المستشفيات على نحو مشابه.
أما لمرضى السرطان مثل جريفيث، الذين يخشون أن تقل أعمارهم بسبب عدم استطاعتهم الحصول على أدوية العلاج الكيميائي القياسية، فإن التغيير لا يمكن أن يحدث في وقت قريب بما فيه الكفاية.
قال جريفيث "يشغل هذا الأمر تفكيري كل يوم. أنا فقط لا أعرف لم لا تتدخل الدولة أو جمعية ما أو إدارة الغذاء والدواء من أجل المصلحة العامة؟".

سمات

الأكثر قراءة