FINANCIAL TIMES

«فيستا جيت» .. صعود مغذى بديون مؤسسها

«فيستا جيت» .. صعود مغذى بديون مؤسسها

«فيستا جيت» .. صعود مغذى بديون مؤسسها

بالنسبة إلى كثيرين، توماس فلوهر عبقري ألقى نظرة واحدة على صناعة الطائرات الخاصة، واعتقد أنه بإمكانه القيام بعمل أفضل.
بدأ الرجل الذي وصف نفسه بـ"رجل تمويل أصول"، حياته المهنية كمالك طائرة للمرة الأولى في محاولة منه "لاستغلال الأصول" ومن ثم ولدت شركة فيستا جيت. بعد 19 عاما، ومع مئات الطائرات، أصبح الرجل البالغ من العمر 63 عاما نجما في مجال الطيران، حيث استحوذ على رائدة السوق، شركة نت جيتس التابعة لشركة بيركشير هاثاواي، عبر عقد صفقات متهورة واستثمار جريء.
علامة الاستفهام المتعلقة باستراتيجية رائد الأعمال السويسري هي ما إذا كان بإمكان شركة فيستا أن تحقق الأرباح وتدعم الدين الذي استخدمه في بنائها. حيث بلغ صافي الخسائر 436 مليون دولار على مدى الأعوام الأربعة الماضية، بحسب إفصاحات الشركة لمستثمري السندات. تضاعف إجمالي الدين العام الماضي ليصل إلى 4.4 مليار دولار مع زيادة أسطول شركة فيستا بمقدار النصف إلى 360 طائرة، بمساعدة الاستحواذ على "أير هامبورج"، أكبر شركة لتشغيل الرحلات في أوروبا، وشركة جيت إيدج الأمريكية.
كما أنفقت مليارات الدولارات على طائرات عالية الجودة من طراز بومباردييه، شحنات كانت ضرورية للشركة المصنعة الكندية خلال أعوام من إعادة الهيكلة التي تدعمها الحكومة.
يعد عرض شركة فيستا لعملاء ما يسمى بخدمة جيت كارد تجربة فائقة، دون متاعب أو مصاريف صيانة إحدى الأصول الفاخرة التي معظم وقتها في الأرض. أخبر فلوهر "فاينانشيال تايمز" في مكتب مبيعاته في "مي فاير"، "إننا قادرون على بيع أنموذج متوافر بشكل مضمون"، مضيفا أن "التغطية لمدة 365 يوما في العام أفضل من ملكية طائرة".
ينتشر أسطول شركة فيستا حول العالم مثل خدمة سيارات أجرة نخبة جاهزة للانطلاق في الرحلة التالية. مع تلبية الطلب في أقل من 24 ساعة، يمكن للعملاء السفر في واحدة من طائرات بومباردييه جلوبال 7500 البالغ عددها 18 طائرة وتتخذ من دبي مقرا لها، وهي أسرع طائرة درجة أعمال في العالم قادرة على الطيران بدون توقف من هونج كونج إلى نيويورك.
دعمت مبيعات الاشتراك في الخدمة التدفقات النقدية. ففي نهاية 2022، كان العملاء قد دفعوا ما مجموعه 831 مليون دولار مقدما لساعات لم يتم السفر خلالها بعد، لكن لم يكن لدى شركة فيستا سوى 134 مليون دولار نقدا في البنك، وفقا لإفصاحات الشركة.
أدى الجمع بين الديون، وصافي الخسائر والالتزامات قصيرة الأجل إلى دفع شركة إي واي لتدقيق الحسابات إلى التحذير بشأن حسابات عام 2022 من وجود "قدر كبير من عدم يقين قد يلقي بظلال من الشك على قدرة المجموعة على الاستمرارية كمنشأة".
كما أثارت جهة تنظيم الطيران الألمانية لبا مسألة السيولة النقدية في شركة أير هامبورج بعد الاستحواذ في عملية تفتيش منتظمة في آذار (مارس)، وفقا لأشخاص مطلعين على الوضع. وقالت شركة فيستا "إنها وافقت على خطة عمل وحلت الأمر في نهاية الربع السنوي". رفضت "لبا" التعليق.
تقييم شركة إي واي، الذي تم الكشف عنه في نشرة الاكتتاب هذا الشهر، حيث قامت شركة فيستا بجمع سندات جديدة غير مضمونة بقيمة 500 مليون دولار، ردد صدى تساؤلات بعض المنافسين في الصناعة حول التوسع السريع لفلوهر. قد يؤدي الانهيار تحت وطأة الديون إلى إغراق السوق بمئات الطائرات، والتسبب في خسائر فادحة لعملاء شركة فيستا الأثرياء وتدهور سوق تمويل الطائرات. رفضت شركة إي واي التعليق.
قال فلوهر "إن العمل كان مربحا للغاية على أساس الأرباح قبل الفوائد، والضرائب، والإهلاك والاستهلاك، وإن صافي الخسائر كان نتيجة للمحاسبة المتحفظة للبنود غير النقدية مثل الإهلاك".
وقال "إن أصحاب المصلحة كانوا سعداء بالتدفق النقدي والأداء المالي لشركة فيستا"، وأشار إلى التصنيف الائتماني لشركة فيستا عند "بي 3"، "قامت وكالة موديز بترقية سنداتنا، بعد دراسات عميقة، بما في ذلك المراجعة الأخيرة، لأننا نتسم بالشفافية ويمكن التنبؤ بخطواتنا كشركة".
يشير تصنيف "بي 3" إلى الديون التي تم تصنيفها بـ"المضاربة" وعرضة "لمخاطر ائتمانية عالية". غيرت وكالة موديز نظرتها بشأن شركة فيستا إلى "إيجابية" من "مستقرة"، ما يعكس إمكانية "تحسين الأداء والمديونية"، يعكس التصنيف "المركز القوي" لشركة فيستا في الصناعة، "إيرادات كبيرة متعاقد عليها من قاعدة عملاء متنوعة، ومعدلات استخدام عالية للطائرات"، متوازنة عبر "المديونية العالية" لشركة فيستا. ووفقا لحسابات وكالة موديز، فقد بلغ الدين في العام الماضي 7.6 ضعف معدلا للفوائد، والضرائب، والإهلاك والاستهلاك التي تبلغ قيمتها 576 مليون دولار.
منطقة مجهولة
ارتبطت ثروات شركة فيستا ارتباطا وثيقا بثروات شركة بومباردييه، التي باعت وحداتها للتركيز على سوق طائرات درجة الأعمال بعد عملية إنقاذ لها من قبل الدولة في 2016، ودعم الحكومة الكندية لتوسع شركة فيستا.
تمول مؤسسة تنمية الصادرات الكندية ما يصل إلى 85 في المائة من صافي سعر الشراء لطائرات شركة بومباردييه وتعد أكبر مقرض لطائرة جلوبال 7500. تشير إفصاحات مؤسسة تنمية الصادرات إلى أنها أقرضت ما بين 500 مليون دولار و750 مليون دولار لشركة فيستا.
قال شخص مشارك في تمويل مبيعات الشركة المصنعة للطائرات "كانت شركة فيستا مهمة للغاية. لقد كانت الزبون الأول لفترة طويلة، وربما كانت أحد الأسباب التي دفعت شركة بومباردييه إلى بناء طائرة جلوبال 7500".
رفضت شركة بومباردييه التعليق على معاملات محددة. وقالت "إن شركة فيستا جت كانت عميل شركة بومباردييه منذ فترة طويلة، ونحن فخورون بأن الشركة تشغل عددا كبيرا من طائرات بومباردييه لدرجة الأعمال في أسطولها".
إن طائرات 7500، وطائرات شركة فيستا البالغ عددها 43 القادرة على الطيران حول العالم، مثل طائرات جلوبال 6000، هي طائرات رفيعة المستوى. وشركات تأجير الطائرات التي تتنافس معها هي في الأساس شركات إقليمية وعادة ما تدير الطائرات للمالكين الأثرياء أو تشتري طائرات مستعملة، بضائع رخيصة الثمن يتم الحصول عليها عندما يقرر الأثرياء أو المديرون التنفيذيون في شركة كبيرة شراء طائرات أرقى.
قال أحد المشغلين في الولايات المتحدة "إنها صناعة ذات تكلفة عالية جدا. إن الأموال التي يتم جنيها تتم بهوامش ضئيلة".
قال جون ماثيوز، منافس فلوهر منذ وقت طويل الذي يدير شركة الطيران أير إكس، "إن عملاء الطائرات يمكن أن يكونوا مقتصدين بشكل مفاجئ، حيث يأخذون معهم زجاجات مشروباتهم التي لم تنته في نهاية الرحلات التي تكلف أكثر من عشرة آلاف دولار في الساعة"، وأضاف "بصرف النظر عن الأشخاص في مجال التكنولوجيا وورثة الجيل الثالث، فإن فاحشي الثراء في العالم يحسبون حساب التكلفة بشكل مدهش. كثير من كبار المليارديرات عملوا بجد وجهد لجني أموالهم".
تقوم شركة نيت جيتس التي تركز على الولايات المتحدة بتشغيل طائرات جديدة فقط على أساس "الملكية الجزئية". حيث يخصص العملاء، وليس الشركة، رأس المال لشراء الطائرات مقابل حصة في استخدامها، وملتزمون بعقود طويلة الأجل.
في الاجتماع السنوي هذا الشهر لمساهمي شركة بيركشاير هاثاواي، انتقد الرئيس وارن بافيت ويلز أب، وهي شركة منافسة أمريكية للطائرات مدعومة من قبل شركة دلتا أير لاينز التي أبلغت عن خسائر متزايدة منذ إدراجها في تموز (يوليو) 2021. قال بافيت "لديها 12,600 شخص قدموا مليار دولار (...) أعتقد أن هناك فرصة كبيرة أن يصاب البعض بخيبة أمل كبيرة في وقت لاحق". قالت شركة ويلز أب "إنها لا تفكر في إعلان الإفلاس، وإنها تتخذ إجراءات لمعالجة وضعها النقدي، وإن الآفاق طويلة الأجل لأعمالها كانت قوية".
يوقع عملاء خدمة جيت كارد لشركة فيستا عقودا مدتها ثلاثة أعوام لا تسمح عادة باسترداد الأموال. في العام الماضي، ارتفع رصيد "ساعات الطيران المبيعة لكن لم يتم السفر على متنها بعد" بمقدار 179 مليون دولار. قال فلوهر "إن التكلفة المتغيرة لشركة فيستا للطيران لتسيير تلك الساعات هي جزء صغير من الالتزامات البالغة 831 مليون دولار المسجلة في ميزانيتها العمومية".
مع ذلك، فقد جعل عقده الأخير للصفقات من "فيستا" أشبه بشركة تأجير رحلات عادية. إذ تدير الآن 87 طائرة لمالكيها، وأكثر من نصف مبيعات شركة فيستا البالغة 2.4 مليار دولار العام الماضي كانت عبارة عن طائرات مستأجرة "عند الطلب".
قال أحد السماسرة الذي يعمل مع شركة فيستا "إن أسعار التأجير، ولا سيما بالنسبة إلى الطائرات بعيدة المدى، عند الحد الأدنى. إنه سباق نحو القاع".
قالت شركة فيستا "إنها كانت دائما توازن بين برنامجها ومبيعات الطائرات المستأجرة، وإن القدرة على بيع طائرات دون مسافرين أثناء تنقل الطائرات بين المهمات، أو الرحلات الجوية في أوقات ضعف الطلب، كانت نقطة قوة لنموذج العمل".
قال فلوهر "إن عمليات الاستحواذ من قبل شركة فيستا العام الماضي كانت استجابة لطلب قوي للغاية، وإن الشركة بدأت العام ببيع 100 ألف ساعة بالفعل. نعمل على توحيد السوق. لقد كانوا يسافرون على متن شركات تجارية، ولم يعجبهم ذلك".
أشاد كثير من الموظفين السابقين بفطنة فلوهر المالية. حيث نجت المجموعة من فترة في 2017 عندما تسببت المخاوف بشأن مستقبلها في تداول ديون سنداتها بأسعار متدهورة. حصل فلوهر على استثمار بقيمة 200 مليون دولار من شركة الأسهم الخاصة رون كابيتال ومقرها نيويورك بتقييم يزيد على 2.5 مليار دولار للأسهم، ما أعاد ثقة السوق بالشركة وجعله مليارديرا.
تجارة الطائرات
في الشهر المقبل، سيقود فلوهر فريق فيراري في سباق لومان الذي يمتد 24 ساعة في سيارة مزينة بشعار "فيستا جيت"، وهي هواية تساعد على تسويق شركته كناد حصري لفائقي الثراء.
كما أنه يستخدم العلامة التجارية. للوصول إلى سانت موريتز، حيث يملك منزلا من سبعة طوابق ويحتفظ بمجموعة من سيارات السباق، يهبط فلوهر في ميلانو على متن طائرة فيستا جيت فضية اللون، ثم ينتقل إلى جبال الألب على متن مروحية تابعة للشركة.
يتمثل أحد الجوانب غير المعتادة في نمو شركة فيستا في دور فلوهر كوسيط في مشترياتها من الطائرات. إذ توضح نشرات السندات والحسابات السنوية لشركة فيستا ترتيبات متعددة الأطراف ذات صلة مع الشركات التي يسيطر عليها فلوهر والتي شاركت في تجارة الطائرات.
كان أحد آثار هذه المعاملات هو تعويض تكلفة الاستخدام الشخصي للطائرات من قبل فلوهر، الذي بصفته رئيسا ومساهما بنسبة 84 في المائة لم يحصل على أي أجر أو توزيعات أرباح ويدفع تكاليف سفره الخاص، سجلت شركة فيستا ما متوسطه سبعة ملايين دولار من إيرادات الرحلات السنوية من قبل مؤسسها على مدى الأعوام الستة الماضية.
مثلا، طلب فلوهر شخصيا أكثر من 30 طائرة من طراز جلوبال 7500 من شركة بومباردييه في 2015. وفي 2018، باع عقود خيارات الشراء مقابل 30 طائرة إلى كيان يدعى فيستا ليس، مقابل 19.5 مليون دولار. وقد تم شراء "فيستا ليس" بعد ذلك من "مقربين من فلوهر" من قبل شركة فيستا جلوبال، الجهة القابضة لشركة الطيران.
حققت شروط شراء شركة فيستا ليس مليون دولار لمصلحة فلوهر في كل مرة مارست فيها شركة فيستا أحد الخيارات الـ30 ودفعات "تصحيح" أخرى تراوح بين 7.1 مليون دولار و12.6 مليون دولار لكل طائرة لتعكس ارتفاع قيمة الطائرة منذ أن تم وضع الطلبيات. تشير كشوفات شركة فيستا إلى أن سعر الشراء الأولي لكل طائرة كان نحو 60 مليون دولار.
قالت شركة فيستا وأنصارها "إن فلوهر قام بمخاطرة شخصية كبيرة عبر تقديم طلبات مؤكدة للطائرات عندما لم يكن لدى شركته الموارد للقيام بذلك، وإن شركة رون كابيتال وافقت على جميع المعاملات مع الأطراف ذات الصلة". تدفقت الأموال في كلا الاتجاهين: دفع فلوهر لشركة فيستا 90 مليون دولار خلال عامي 2021 و2022 لإلغاء عقود طلب الطائرات الموضوعة، المسجلة على أنها "دخل تشغيلي آخر". رفضت شركة رون كابيتال التعليق.
وقد تم التساؤل حول استخدام كيانات خارجية مملوكة لفلوهر من قبل بعض موظفين سابقين في شركة فيستا، والذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم. "لماذا لا يتم توحيد كل شيء ببساطة؟" سأل أحدهم.
بالنسبة إلى طائرات جلوبال 7500 البالغ عددها 18 طائرة التي تم تسليمها في العامين الماضيين، كشفت شركة فيستا عن أن تكلفة الطائرة كانت 224 مليون دولار "مدفوعة أو مقيدة" لفلوهر. تم إلغاء الخيارات الـ12 المتبقية. وفي 2021، باع فلوهر أيضا طائرتين لشركة فيستا، مقابل 93.2 مليون دولار، كان قد أجرها سابقا للشركة.
قال ستيف فارسانو، مؤسس شركة ذا جيت بزنس، صالة عرض طيران درجة الأعمال في لندن، "إن قيمة طائرة 7500 تبلغ نحو 75 مليون دولار اليوم"، لكنه حذر من أن الأسعار قد تنخفض في حال حدوث تدفق للإمدادات. "إذا كان لديك 12 طائرة من طراز جلوبال 6000 معروضة للبيع وفجأة أصبح لديك خمس في السوق، فهذه صفقة كبيرة". وقال "إنه لم يكن هناك سوى أربع أو خمس طائرات جلوبال 7500 متوافرة. إنها الأفضل، الأفضل في السوق. إذ تصبح خفيفة جدا في الغلاف الجوي".
أصر فلوهر على أنه "إذا اشترت الشركة مني طائرة، فعليها أن تدفع ثمنها بسعر السوق (...) كل ما قدمته للشركة أو الشركة قدمته لي لا يزيد أبدا على الفرق بين التكلفة والقيمة السوقية".
"لمدة 19 عاما، لم أحصل على راتب بدولار واحد. لذا ليس من الغريب أنني أعدت استثمار كل دولار ربحته هذه الشركة".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES