FINANCIAL TIMES

كيف تشتري شركة عالمية قيمتها 20 مليار دولار دون مقابل؟

كيف تشتري شركة عالمية قيمتها 20 مليار دولار دون مقابل؟

يثبت سائح بعد سائح ومستثمر بعد مستثمر أن اليابان مثيرة جدا: الين يتراجع، والتسوق مذهل، وسوق الأسهم محلقة، والسوشي رخيص. وربما كانت أيضا المكان الوحيد في العالم، في الوقت الحالي، حيث يمكنك شراء شركة ناجحة عالميا قيمتها 20 مليار دولار دون مقابل.
رغم أن هذا التسعير المنخفض من الناحية الافتراضية يبدو رائعا، فإنه قد يفسد عنصرا مهما في هذه البهجة.
ككل الحيل الجيدة، فإن هذا الاستحواذ المجاني الافتراضي "حتى الآن" الذي تبلغ قيمته 20 مليار دولار يتطلب إعدادا. في البداية، كي تكون المشتري المحظوظ عليك أن تكون تويوتا موتور، شركة صناعة السيارات العالمية العليا، وهي أكبر شركة في اليابان وتجسد حقيقة أنه بينما يجري إصلاح الحوكمة على قدم وساق، فإنه بالتأكيد لا يحدث في كل مكان.
ثانيا، عليك أن تكون موجودا في سوق مالية تسامحت لعقود من الزمان مع الظاهرة الإشكالية البدهية المتمثلة في "الحيازات المتقاطعة" من حصص الأسهم بين الشركات المدرجة بعضها بعضا. كانت هذه الحصص التي تعد تقليديا رموزا للصداقة التجارية بين الشركات بمنزلة حواجز ضد المساهمين الحازمين وسمحت للإدارات الضعيفة بأن تتكئ على الرضا غير المستحق. صحيح أن الشبكات كانت تتفكك في الأعوام الأخيرة تحت ضغط الحكومة والمساهمين، لكن لا تزال هناك بعض الحالات الشاذة الملحوظة.
في الأسبوعين الماضيين، شارك جمهور كبير من مديري الصناديق الزائرين الذين اجتمعوا في طوكيو في تجربة فكرية. تأمل هنا تويوتا إندستريز، وهي أكبر شركة مصنعة لشاحنات الرافعات الشوكية في العالم ولاعب عالمي رئيس في مجال آلات النسيج. كما أنها عبر سحر الحيازات المتقاطعة، أكبر مالك منفرد من القطاع الخاص لأسهم تويوتا موتور. إن حصة "تويوتا إندستريز" البالغة 7.31 في المائة في الشركة الأم "التي تضاعف سعر سهمها تقريبا خلال العقد الماضي" تقدر حاليا بـ16.4 مليار دولار، أو نحو 85 في المائة من إجمالي القيمة السوقية لشركة تويوتا إندستريز.
لكن مهلا، ماذا عن الحيازات المتقاطعة. تمتلك "تويوتا موتور"، بالاتفاق مع الشركات التابعة المملوكة لها بالكامل، ما يقارب ثلث جميع الأسهم الحرة في شركة تويوتا إندستريز. ها هي الساحة جاهزة لصفقة العمر "الافتراضية".
من الناحية النظرية، يمكن لشركة تويوتا موتور تقديم عرض بالأسهم لثلثي شركة تويوتا إندستريز التي لا تمتلكها بالفعل بعلاوة كبيرة تبلغ نسبتها 30 في المائة فوق سعر السوق الحالي. حتى إن الحكومة اليابانية التي كانت في مهمة غير مثمرة إلى حد ما حتى الآن لإثارة الاندماج الصناعي، حاولت تشجيع هذا النوع من عمليات الاستحواذ بالأسهم عبر تغطيتها بالحماية من ضريبة الأرباح الرأسمالية.
إذا نجح المسعى الافتراضي، فلن تتمتع "تويوتا موتور" بشرف امتلاك شركة تويوتا إندستريز فحسب، بل أيضا أسهم "تويوتا" التي تبلغ قيمتها 16.4 مليار دولار التي تحتفظ بها عبر استحواذها الجديد واستخدمتها لدفع ثمن الاتفاقية أيضا. الاستحواذ "أضف أو اطرح بعض الرسوم الاستشارية" لم يكلف "تويوتا موتور" شيئا بالتحديد.
كان توقيت هذه التجربة الفكرية مهما، فقد كان من بين الحاضرين كثير من مديري الصناديق الذين جاءوا إلى اليابان لأول مرة منذ 2019. كما ظهرت بعض من سرديات "اشتر في اليابان" الجديدة في تلك الأثناء، على رأسها عودة التضخم بعد غياب طويل. ومع تسبب الجغرافيا السياسية في جعل الصين أقل قابلية للاستثمار بالنسبة إلى بعض الصناديق، كان من السهل تقديم السوق اليابانية على أنها أكثر جاهزية لجذب اهتمام الاستثمار العالمي مما كانت عليه منذ وقت طويل جدا.
قيل للزوار "إنه حتى مع ارتفاع السوق إلى أعلى مستوى لها منذ 33 عاما هناك مجال كبير لارتفاع أكبر". كثير من الشركات اليابانية مربحة للغاية ومستقرة ومقومة بأقل من قيمتها الحقيقية. تحث بورصة طوكيو الشركات على أن تكون أكثر تشجيعا للمساهمين. ويحرز الناشطون نجاحات كبيرة، وهلم جرا.
بينما قد يكون كل هذا صحيحا -وحتى قادرا على الحفاظ على الانتعاش لأشهر مقبلة- لا يزال هناك عاملان مهمان للغاية غائبان. أولهما أنه في حين إن ظهور التضخم لا بد أن يشجع الأسر اليابانية، نظريا، على نقل أصولها من النقد إلى الأسهم، فإن ذلك لم يبدأ بعد.
العامل الثاني المفقود هو الإدراك الواضح للسبب وراء عدم تسعير سوق اليابان "حيث تكثر فرص الاندماج والاستحواذ النظرية" كسوق ينعكس فيها تغيير محتمل في سيطرة الشركات على أسعار الأسهم. لا يتم تداول أسهم "تويوتا إندستريز" كما لو أن "تويوتا موتور" تستعد للاستفادة من الفرصة، لأنه لا أحد يعتقد حقا أنها ستفعل ذلك. ولا تظهر الشركات أي حرص على الانخراط في الاندماج المحلي سواء كمشترين أو بائعين، والمعنى الضمني هو إفساد المتعة.
لا يزال من الممكن أن ترتفع أسواق الأسهم دون أن تكون ساحات محمومة بشكل دائم لعمليات الاستحواذ، لكنها تتطلب على الأقل إدراك أنها قد تكون كذلك عندما تنشأ اتفاقيات جيدة بشكل واضح.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES