FINANCIAL TIMES

السؤال الكبير: إلى أي مدى يمكن للرقائق أن تصبح أصغر؟

السؤال الكبير: إلى أي مدى يمكن للرقائق أن تصبح أصغر؟

السؤال الكبير: إلى أي مدى يمكن للرقائق أن تصبح أصغر؟

في "غرفة نظيفة" داخل المقر المترامي الأطراف لشركة أيه إس إم إل في بلدة فيلدهوفن الهولندية، يتنفس عشرات من الرجال والنساء الذين يرتدون بدلات وقاية هواء أنقى عشرة آلاف مرة من الهواء في غرفة العمليات.
يعملون هناك على أول نموذج أولي لأحدث منتج لصناعة أدوات الرقائق: الجيل الأحدث من آلات الطباعة بالأشعة فوق البنفسجية الخالصة التي ستستخدم في طباعة ترانزستورات بصغر حجم قطر الكروموسوم البشري على ألواح من السيليكون لصنع أشباه الموصلات. من المقرر أن يتم شحن آلة الطباعة بالأشعة فوق البنفسجية الخالصة هذه إلى شركة إنتل هذا العام بتكلفة تزيد على 350 مليون يورو.
بدون آلات الطباعة الحجرية من شركة أيه إس إم إل، ستكون المنتجات المنتشرة كأجهزة آيفون من شركة أبل، أو المتطورة كرقائق شركة إنفيديا التي تشغل برمجية شات جي بي تي مستحيلة. ثلاث شركات فقط في العالم -إنتل، وسامسونج، وتي إس إم سي- قادرة على تصنيع المعالجات المتقدمة التي تجعل هذه المنتجات ممكنة. وتعتمد جميعها على أحدث معدات شركة أيه إس إم إل للقيام بذلك.
لقد ضمنت الابتكارات التي حققتها شركة أيه إس إم إل استمرار تقليص حجم الترانزستورات، وبالتالي جعل الرقائق أكثر قوة. أصبحت وتيرة التقدم في صناعة التكنولوجيا على مدى العقود الخمسة الماضية ممكنة عبر الزيادات المتسارعة في كثافة ترانزستور أشباه الموصلات.
تم توقع معدل الإنتاج هذا من قبل جوردون مور المؤسس المشارك لشركة إنتل، الذي قال عام 1965 "إن عدد الترانزستورات المدمجة في الرقاقة سيتضاعف كل عام تقريبا -وهو توقع، تم تعديله لاحقا ليصبح كل عامين- أصبح يعرف باسم قانون مور.
بينما كانت شركة إنتل نفسها مسؤولة عن كثير من هذا التقدم، عبر ابتكاراتها المستمرة في تصنيع أشباه الموصلات وهندسة العمليات، إلا أن شركة أيه إس إم إل ينظر إليها الآن على أنها هي التي يبقى قانون مور حيا، بمساعدتها على تصنيع رقائق بحجم ظفر يمكن أن تسع نحو 50 مليار ترانزستور.
يقول جيمي ميلز أوبراين، مدير للاستثمار في شركة أبردن، واحدة من أكبر 50 مستثمرا في شركة أيه إس إم إل "ما الذي دفع قانون مور؟ إنها الطباعة الحجرية".
ينعكس هذا التحول في القيمة على تقييمات سوق الأسهم للشركتين. شركة أيه إس إم إل، المدرجة في أمستردام ونيويورك، تساوي الآن نحو ضعف قيمة شركة إنتل. فوتت شركة الرقائق الأمريكية الرائدة إلى حد كبير الاتجاهات الكبرى في العقد الماضي في الهواتف الذكية والذكاء الاصطناعي، لأنها لم تكن قادرة على مواكبة شركة تي إس إم سي التايوانية لصناعة الرقائق، وهي واحدة من أوائل الشركات التي تبنت تكنولوجيا شركة أيه إس إم إل للطباعة بالأشعة فوق البنفسجية الخالصة.
مع ذلك، صانعو الرقائق يواجهون الآن تحديا صعبا. تأخرت تنبؤات مور عن الجدول الزمني وأصبح الإيقاع الآن أقرب إلى ثلاثة أعوام. سيتبع أحدث رقائق 3-نانومتر التي يتم إنتاجها بكميات كبيرة لأجهزة آيفون هذا العام ما يراه بعضهم قفزة أكبر للأمام إلى 2 نانومتر بحلول عام 2025. يقول بن باجارين، محلل التكنولوجيا في شركة كرييتيف ستراتيجيز التي يوجد مقرها في وادي السيليكون "بمجرد أن تصل إلى 1.5 نانومتر، ربما 1 نانومتر، فإن قانون مور يكون قد مات 100 في المائة. ببساطة، من المستحيل أن يستمر".
تحدى مهندسو الرقائق توقعات انتهاء قانون مور لأعوام. لكن عدد الترانزستورات التي يمكن تعبئتها في قالب من السيليكون بدأ في الوصول إلى الحدود الأساسية للفيزياء. ويخشى بعضهم من زيادة عيوب التصنيع نتيجة لذلك. ارتفعت تكاليف التطوير بالفعل وبحسب باجارين "اختفت اقتصادات القانون".
أدى ذلك إلى اندفاع مصممي الرقائق خلال الأعوام القليلة الماضية للبحث عن طرق بديلة للحفاظ على التقدم في قوة المعالجة، بدءا من تكنولوجيات التصميم الجديدة والمواد لاستخدام الذكاء الاصطناعي الذي تم تمكينه بواسطة أحدث الرقائق للمساعدة على تصميم الرقائق الجديدة.
وعلى المحك ليس فقط الحفاظ على وتيرة الابتكار الذي دعم صناعة التكنولوجيا، وبالتالي استمرار النمو الاقتصادي والتحسينات الجذرية في حياتنا اليومية لعقود من الزمن. إذا كان للتطورات من الذكاء الاصطناعي والميتافيرس والتطورات الموعودة منذ فترة طويلة في مجال الطاقة النظيفة والنقل المستقل سترقى إلى مستوى إمكاناتها، فعندها يجب أن تزداد الرقائق رخصا، وقوة، وكفاءة باستمرار.
حذر مور ـالذي توفي في آذار (مارس) 2015ـ عندما أحيت ورقته البحثية الأصلية الذكرى الـ50 لنشرها، قائلا "يجب أن يتوقف التسارع يوما ما. لن يستمر أي تسارع بهذا المستوى إلى الأبد".
النمو المتسارع
إذا كانت شركة أيه إس إم إل ستحافظ على قانون مور، فإنها مضطرة إلى إنفاق المليارات -مع تحقيق مآثر كبيرة في الفيزياء والهندسة- للقيام بذلك.
شركة أيه إس إم إل، التي انبثقت عن شركة فيليبس في الثمانينيات، بدأت عملياتها في كابينة متنقلة في موقف السيارات الخاص بشركتها الأم في أيندهوفن، وهي مدينة صغيرة يقل عدد سكانها عن 300 ألف نسمة. اليوم، تعد أيه إس إم إل شركة التكنولوجيا الأعلى قيمة في أوروبا، برسملة سوقية تبلغ نحو 275 مليار يورو.
من مقرها الرئيس في فيلدهوفن، على بعد بضعة كيلومترات فقط من تلك الكابينة المتنقلة، تنتج شركة أيه إس إم إل آلات قادرة على تبخير قطرات صغيرة من القصدير المنصهر تصل إلى 50 ألف مرة في الثانية، ما ينتج عنه طول موجي يبلغ 13.5 نانومتر. ثم يرتد ضوء الطباعة بالأشعة فوق البنفسجية المتطرفة هذا عن سلسلة من المرايا داخل حجرة مفرغة، ويتم تضييقه وتركيزه حتى يصطدم برقاقة من السيليكون.
يقول بيتر وينينك، الرئيس التنفيذي لشركة أيه إس إم إل "قانون مور وسيلة اقتصادية: يمكنك مضاعفة الأداء كل عامين إلى ثلاثة أعوام بالتكلفة نفسها". لكنه يضيف "هناك وظيفة أخرى لقانون مور لا يتحدث عنها أحد: قانون مور للتعقيد. يوجد جيل جديد من الرقائق كل عامين إلى ثلاثة أعوام. لكن الأمر لا يصبح أسهل. بل يزداد التعقيد أضعافا مضاعفة".
تعد آلة الفتحة العددية "إن أيه" المتقدمة أحدث نتاج لاستثمارات الشركة الضخمة في البحث والتطوير، التي ارتفعت 30 في المائة إلى 3.3 مليار يورو في 2022. توسع الفتحة العددية المتقدمة بشكل أساسي الفتحة العددية -أو نطاق الزوايا- التي من خلالها يمكن ثني الضوء وانبعاثه، ما يسمح له بإنشاء أنماط ترانزستور أصغر على رقاقة.
لدى شركة أيه إس إم إل خمسة عملاء فقط لآلات الطباعة بالأشعة فوق البنفسجية المتطرفة الحالية، شركة تي إس إم سي في تايوان، وشركتا سامسونج وإس كيه هاينكس في كوريا الجنوبية، وشركتا إنتل ومايكرون في الولايات المتحدة. وجميعها طلبت أحدث طراز.
احتكار الشركة الهولندية آلات الطباعة بالأشعة فوق البنفسجية المتطرفة، وهي أيضا أكبر منتج لآلات الأشعة فوق البنفسجية العميقة "دي يو في" التي تعد ضرورية لإنتاج الرقائق الأكبر والأكثر انتشارا في السيارات والأجهزة المنزلية، جعلها تحظى بمشجعين في وول ستريت وكذلك في وادي السيليكون.
تضاعفت أرباح شركة أيه إس إم إل خلال الأعوام الخمسة الماضية، مع ارتفاع مشابه بنسبة 300 في المائة في سعر سهمها منذ منتصف عام 2018.
ورغم كونها في وسط معركة جيوسياسية شرسة حاليا بين الولايات المتحدة والصين، ورغم التباطؤ الأوسع في الطلب على الرقائق بعد أن أدى الازدهار الناجم عن الجائحة إلى تخمة في المخزون، تراهن شركة أيه إس إم إل على مضاعفة حجم سوق أشباه الموصلات في الأعوام المقبلة من 600 مليار دولار اليوم إلى 1.3 تريليون دولار بحلول عام 2030.
لديها 40 مليار دولار من الطلبات المتراكمة لإثبات أن الطلب لا يزال مرنا وتخطط لاستثمار أكثر من أربعة مليارات يورو في البحث والتطوير بحلول عام 2025 للحفاظ على وتيرة الابتكار لديها.
إذا كانت نهاية قانون مور تهدد كل ذلك، فإن وينينك يقوم بعمل جيد للتظاهر بخلاف ذلك. يقول "إنه غير قلق على الإطلاق بشأن ذلك"، لكنه يقر بأن توقع التقدم المستمر هو "أكبر منافس" لشركة أيه إس إم إل.
يضيف "إننا نقدم أغلى آلة في عملية الإنتاج. إذا لم نتمكن من تزويد عملائنا بالقدرة على خفض التكلفة أو زيادة القيمة، فسيجد عملاؤنا طرقا أخرى".
توسيع نطاق قانون مور
بدأ مصممو الرقائق بالفعل في التخطيط لمثل هذا الاحتمال. يقول نايجل توون، الرئيس التنفيذي لشركة جرافكور الناشئة لرقائق الذكاء الاصطناعي، مقرها المملكة المتحدة "هناك كثير من الأدوات في الصندوق لحشر مزيد من الترانزستورات".
حسن خان، الزميل التنفيذي في جامعة كارنيجي ميلون الذي يقود عمل الشبكة الوطنية الأمريكية لتقييم التكنولوجيا الحرجة في مجال أشباه الموصلات وسلاسل التوريد، يقول "ربما انتهى قانون مور، لكن هذا لا يعني أن الابتكار قد مات".
ويضيف "يوجد في المجال العام خلط بين قانون مور والتقدم التكنولوجي، كما لو أن الشيء الوحيد الذي يدفع الابتكار هو الترانزستورات الأرخص ثمنا. البشر أذكياء من حيث العثور على العقبات وإيجاد السبل للتغلب عليها".
بعد عدة عقود مكنت فيها "وحدة المعالجة المركزية" التي ابتكرتها شركة إنتل، من إنشاء أجهزة حاسوب للأغراض العامة، على غرار أجهزة الحاسوب ذات الأغراض المتعددة مثل أجهزة الحاسوب والهواتف الذكية "فإن الصلة بين الأجهزة والبرامج في طريقها للعودة"، كما يقول أوندريج بوركاكي، الذي يشارك في قيادة ممارسة ماكينزي لأشباه الموصلات.
ولعل أجهزة آيفون المثال الأكثر انتشارا على ذلك.
تعد الرقائق المتخصصة جزءا كبيرا من كيفية تمكن شركة أبل من الاستمرار في تمييز هواتفها الذكية عن تلك التي تعمل بنظام أندرويد من شركة جوجل. شركة أبل قادرة على تطوير ميزات برامج أجهزة آيفون محددة بالتنسيق مع فريق تصميم السيليكون الداخلي الخاص بها، الذي يضم الآن آلاف الأشخاص. ويعد ذلك أكثر صعوبة بالنسبة إلى مصنعي نظام أندرويد لأن برمجية جوجل يجب أن تدعم آلافا من أنواع الهواتف المختلفة، بدءا من الهواتف الأساسية الرخيصة إلى أحدث طراز رائد من شركة سامسونج بتكلفة تصل إلى ألف دولار.
تعمل شركة أبل على ضبط رقائق الهواتف الذكية القياسية في الصناعة، التي صممتها شركة آرم البريطانية، لضمان أداء أسرع أو عمر أطول للبطارية لأجهزة آيفون الخاصة بها. لقد أصبحت جيدة جدا في ذلك، فقد تمكنت من استبدال رقاقة شركة إنتل برقاقة مخصصة من شركة آرم لأجهزة ماك عام 2020.
بينما يسعى المصممون إلى تحقيق أداء أعلى من أي وقت مضى لمهام معينة، فإن بعض الشركات تتجاوز ذلك بإعادة التفكير في "بنية" الرقائق، أو أساسيات كيفية تصميم المعالجات وتعبئتها. يمكن للشركات مثل جرافكور "البدء من الصفر"، حسب قول توون. "عليك التفكير أكثر في البنية المناسبة للتطبيق الصحيح".
تعلمت "إنفيديا"، شركة أشباه الموصلات الأكثر قيمة في العالم حاليا برأسمال سوقي وصل إلى تريليون دولار الأسبوع الماضي، من تجربتها الخاصة مع بطاقات الرسومات المتخصصة لألعاب الفيديو والعلماء الباحثين قبل تحقيق نجاح كبير عندما أصبحت وحدات معالجة الرسومات الخاصة بها أمرا ضروريا لكل شركة ذكاء اصطناعي. تتوافق كل من الرسومات والذكاء الاصطناعي جيدا مع تكنولوجيا "المعالجة المتوازية" من شركة إنفيديا، التي تم تصميمها للتعامل مع المهام المتكررة مثل عرض المضلعات أو تحليل الخوارزميات.
على مدار الـ30 عاما الأولى من وجود شركة إنفيديا، يقول جنسن هوانج رئيسها ومؤسسها المشارك "كنا الشركة التي يتم الاتصال بها لحل المعضلات شبه المستحيلة".
تكمن المشكلة في أن الأحجام المتضمنة في خدمة قطاعات الأبحاث مثل البيولوجيا الحاسوبية والمجالات المشابهة كانت صغيرة، كما أخبر "فاينانشيال تايمز". قال "تميز عمل شركتنا بنهج (نحل المشكلات العسيرة) ثم فجأة انتهى قانون مور (...) والآن أصبحنا شركة الحوسبة التي تتجه نحوها إذا كنت ترغب في النمو".
مع ذلك، إحدى عواقب تركيز ابتكار الرقائق بشكل ضيق هي أن أي اختراقات تميل إلى أن تكون محمية بحماس أكبر وأقل قابلية للتحويل إلى السوق الأوسع.
يقول خان "خلال التسعينيات وأوائل القرن الـ21، التكلفة لكل ترانزستور والقدرة على تصنيع رقاقات أكثر تعقيدا كانت مجانية تقريبا للصناعة بأكملها. الآن الحوسبة ليست تكنولوجيا ذات أغراض عامة (...) إذا كنت أقوم بتحسين الرقائق للذكاء الاصطناعي، فقد يجعل ذلك برمجية جي بي تي أكثر كفاءة أو قوة، لكن قد لا تمتد إلى بقية الاقتصاد".
المنطقة الرئيسة الأخرى للابتكار هي "تعبئة" الرقائق. بدلا من طباعة كل مكون على قطعة السيليكون نفسها، لإنشاء ما يعرف باسم "نظام على رقاقة"، تتحدث شركات أشباه الموصلات الآن عن إمكانات "الشرائح" التي تسمح بخلط "وحدات البناء" الأصغر ومطابقتها، ما يؤدي إلى مرونة جديدة في التصميم وتحديد مصادر المكونات.
وصفت شركة إنتل الشرائح بأنها "المفتاح لتمديد قانون مور خلال العقد المقبل وما بعده"، وجمعت في العام الماضي اتحادا من صانعي الرقائق والمصممين، بما في ذلك شركات تي إس إم سي، وسامسونج، وآرم، وكوالكم، لوضع معايير لبناء هذه المعالجات الشبيهة بلعبة الليجو.
يقول ريتشارد جريسنثويت، كبير المهندسين في شركة آرم، "إن إحدى مزايا الشرائح المعدنية مقارنة بالرقائق التقليدية (المتجانسة) هي أن الشركات يمكنها جمع المعالجات المعقدة والمكلفة مع المعالجات القديمة والأرخص". الحيلة، كما يحذر، "هي ضمان أن التكلفة المضافة لتعبئة المكونات المتعددة معا يتم تعويضها أكثر عبر التوفير من استخدام بعض الأجزاء القديمة وغير المكلفة".
مسألة تتعلق بالفيزياء
الأفكار الجديدة تأتي مع عقبات جديدة. وفقا لبوركاكي، من شركة ماكينزي، التحدي الرئيس لعديد من هذه الابتكارات هو أنها تميل إلى صنع رقائق أكبر حجما، يؤدي بدوره إلى إيجاد مساحة سطح أكبر للعيوب.
يقول "عادة ما يكون العيب من الشوائب، سقوط أي جسيم من الهواء أو من العملية الكيميائية على السطح، يمكن أن يقتل وظيفة الرقاقة. ويصبح الاحتمال أعلى عندما تكون الشريحة أكبر حجما".
يمكن أن تكون لذلك آثار وخيمة في عوائد إنتاجية صانعي أشباه الموصلات، التي يقول بوركاكي "إنها يمكن أن تنخفض إلى ما بين 40 و50 في المائة، ما يجعل العملية أكثر صعوبة من الناحية الاقتصادية".
كذلك يمكن أن تستهلك الرقائق الأكبر حجما والأكثر قوة مزيدا من الكهرباء، الأمر الذي ينتج عنه قدر كبير من الحرارة داخل مركز البيانات بحيث تكون أنظمة التبريد الأكثر كثافة في استخدام الطاقة -مثل التبريد بالغمر- مطلوبة لتحقيق أعلى أداء.
لكن في الطرف الآخر من الميزان قد تسبب الرقائق الأصغر حجما أيضا مشكلات تتعلق بالموثوقية، وفقا لبعض الباحثين. نشر فريق في جوجل عام 2021 ورقة بعنوان "النوى التي لا يتم احتسابها"، بعد أن لاحظ مهندسو مركز البيانات التابع للشركة ما وصفوه بالسلوك "الزئبقي" من قبل الرقائق المدفونة في مراكز البيانات الضخمة التي تمتلكها.
كتب مهندسو جوجل، بقيادة بيتر هوشيلد "نظرا لأن تصنيع الرقائق يدفع نحو أحجام أصغر (...) لاحظنا أخطاء حسابية سريعة الزوال لم يتم اكتشافها أثناء اختبارات التصنيع. والأسوأ من ذلك، أن هذه الإخفاقات غالبا ما تكون (صامتة). إن العرض الوحيد هو الحساب الخاطئ".
خلص هوشيلد إلى أن "السبب الأساسي" هو "أحجام الميزات الأصغر من أي وقت مضى" التي تقترب من حدود تحجيم السيليكون، إلى جانب "التعقيد المتزايد باستمرار في التصميم البنيوي لها".
يقول بوركاكي "حتى الآن كان الالتزام بقانون مور يمثل تحديا صناعيا. لا أريد التقليل من شأن ذلك -فقد كان أمرا مربكا وصعبا للغاية- لكننا وصلنا إلى نقطة نتحدث فيها الآن عن الفيزياء (...) نحن نصل حاليا إلى الذرة الواحدة التي تعد حتى الآن الحد النهائي في الفيزياء".
يوما ما، قد تحقق أجهزة الحاسوب الكمي القفزة الموعودة للأمام في قوة الحوسبة، على غرار التطورات في السيليكون التي بدأت في الستينيات. لكن حتى أكثر المدافعين عن الكم تفاؤلا يعترفون بأن الأمر قد يستغرق أكثر من عقد لجعلها مفيدة لمهام الحوسبة العملية اليومية.
في غضون ذلك، يشعر تون بالتفاؤل بأن رقائق، مثل رقائق جراف كور، ستكون قادرة على تحقيق أنواع جديدة من التقدم.
يقول "وجهة نظري في المسألة هي (...) أننا سنبني أجهزة حاسوب قوية جدا، وذكاء اصطناعيا قويا جدا، بحيث نكون قادرين على فهم كيفية عمل الجزيئات، ومن ثم نبدأ في استخدام أجهزة الحاسوب التي تعمل بالذكاء الاصطناعي لبناء أجهزة حاسوب جزيئية".
"فكرة التفرد هذه -عندما يتفوق الذكاء الاصطناعي على الذكاء البشري- غير صحيحة، لكن فكرة أنه يمكنك استخدام الذكاء الاصطناعي لإيجاد النطاق القادم للحوسبة هي فكرة عملية تماما".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES