FINANCIAL TIMES

مجموعات تكنولوجيا التعليم: الذكاء الاصطناعي صديق لا عدو

مجموعات تكنولوجيا التعليم: الذكاء الاصطناعي صديق لا عدو

مع تبقي أسبوع واحد فقط على امتحانات المرحلة الثانوية وعدم شعوره بالإلهام من كتبه الدراسية، تولى جاستن "17 عاما" الأمور بنفسه في وقت مبكر من هذا العام. مستخدما مجموعة من التعليمات، طلب من "شات جي بي تي -4" أن يعلمه المفاهيم التي كان عليه معرفتها.
نجحت الاستراتيجية بشكل جيد حتى إن جاستن، الأسترالي، طور تعليمات أكثر تقدما بعد انتهاء الامتحانات وحملها على موقع "جيت هب" للبرمجة، مطلقا عليها اسم "راندير، معلم الذكاء الاصطناعي". يمكن الآن لأي شخص لديه حساب بقيمة 20 دولارا في "شات جي بي تي-4" نسخ التعليمات ولصقها والبدء في التعلم.
جاستن، الذي يفضل عدم ذكر اسمه الأخير، قال لـ"فاينانشيال تايمز" عبر تويتر "فكرت في الطرق المختلفة التي يمكن بها للطلبة التعلم (...) أساليب التعلم، والتواصل، والنبرة، والتفكير المنطقي".
لا يعلم جاستن عدد الأشخاص الذين استخدموا التعليمات، لكن وجود 5800 إشارة مرجعية على "جيت هب" يشير إلى مستوى عال من التفاعل من المستخدمين، لم يتوقعه قط.
السهولة التي استخدم بها جاستن تكنولوجيا "شات جي بي تي"، معطيا الطلاب أساليب تعليم في أي مهارة أو مادة تقريبا، هي واحدة فقط من الطرق المتوافرة مجانا التي يعمل بها الذكاء الاصطناعي التوليدي على تعطيل التعليم التقليدي.
يشكل هذا التطور تهديدا حقيقيا لشركات تكنولوجيا التعليم التي تقدم التعليم والتدريب على الاختبارات عبر الإنترنت، لأن الذكاء الاصطناعي منخفض التكلفة يمكن أن يقوض منتجاتها، ما يؤدي إلى توقعات بأن تتداعى أجزاء من القطاع بسبب التكنولوجيا الجديدة.
أسهم منصة "تشيج" للمساعدة على حل الواجبات عبر الإنترنت انخفضت إلى النصف في وقت مبكر من هذا الشهر، بعد أن أقر دان روزينسويج رئيسها التنفيذي، ، بأن "شات جي بي تي" أثر في خط الأساس. كذلك شهد آخرون في القطاع، مثل "بيرسون"، انخفاضا في أسعار أسهمهم نتيجة لذلك.
قال ريس سبينس، رئيس الأبحاث في "برايت آي فينتشرز"، مستثمر رأس المال المغامر في تكنولوجيا التعليم، معلقا على ما حدث لمنصة تشيج "ستضع شات جي بي تي ضغطا بالتأكيد على منصات التعليم القائمة على المحتوى فقط. كان من المثير رؤية أن بعض شركات تكنولوجيا التعليم العامة والخاصة الكبرى المهددة بصورة أوضح هي أول وأسرع من تعامل مع الأمر".
لم يتعاف سهم "تشيج" الذي انخفض نحو ثلثين منذ بداية العام. لكن القطاع يحاول أن يكون شجاعا في وجه المخاطر التي تلوح في الأفق، حيث يصر المسؤولون التنفيذيون وبعض المستثمرين على أن الذكاء الاصطناعي لديه القدرة على جعل خدماتهم أكثر جاذبية.
قال لويس فون آن، الرئيس التنفيذي لتطبيق "دولينجو" لتعلم اللغات "إنه ليس تهديدا، بل فرصة. الذكاء الاصطناعي أمر جيد بالنسبة إلينا".
أطلق دولينجو في آذار (مارس) خيارا أكثر تكلفة، معززا بـ"شات جي بي تي"، ما يتيح للمستخدمين خوض محادثات أكثر واقعية إلى جانب مزايا أخرى.
قال فون آن "إن هدف (دولينجو) كان دائما جعل منصات الذكاء الاصطناعي المتوافرة بشكل واسع جيدة بمثل مستوى المعلمين البشر"، وإن التطبيق والعلامة التجارية والبيانات التي يتم جمعها تتيح تجربة أكثر شخصية وإمتاعا من الدردشات الآلية العامة.
وأضاف "لدينا بيانات عن كيفية تعلم الناس للغات أكثر من أي مؤسسة أخرى في التاريخ". في نهاية الربع الأول من هذا العام زاد عدد الأشخاص ذوي الاشتراكات المدفوعة 63 في المائة، إلى 4.8 مليون، مقارنة بالفترة نفسها عام 2022.
أندي بيرد الرئيس التنفيذي لـ"بيرسون"، الناشر القديم للكتب الدراسية، ذكر أن الشركة امتلكت دليلا ضخما من مواد المقررات الدراسية الموثقة والمعتمدة يمكن استخدامها لبناء محتوى تفاعلي قائم على الذكاء الاصطناعي. قال لـ"فاينانشيال تايمز"، "نحن مالكي مجموعات بيانات وفيرة للغاية (...) عندما تبدأ بإدخالها إلى نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي ستحصل على مخرجات أفضل".
انخفض سهم "بيرسون" 15 في المائة في اليوم الذي صدر فيه تحذير "تشيج"، لكنه تعافى جزئيا منذئذ.
استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين المنتجات، وتقديم تجربة أكثر جاذبية وسهلة الاستخدام، وتدريبه على المحتوى أو البيانات الخاصة هو استراتيجية شائعة بين شركات تكنولوجيا التعليم.
في "نيردي"، شركة تقدم التعليم عبر الإنترنت، لا يعتقد تشاك كون الرئيس التنفيذي، أن "المعلمين المبتكرين" مثل استخدام الطالب جاستن الذكاء الاصطناعي يشكلون تهديدا، نظرا للمهارات التي لا يزال البشر وحدهم هم من يستطيع تقديمها.
قال "نظريا، كل المعارف والمهارات التي قد تحتاج إليها متاحة بالفعل في يوتيوب أو الكتب التي في المكتبات، ولا يستخدمها الناس دوما".
تخطط "نيردي" لاستخدام الذكاء الاصطناعي في "إنتاج المحتوى بكميات كبيرة" مثل خطط الدروس المخصصة، التي سيدرسها معلمون بشر، ما يسميه تشاك طريقة "فائقة الفاعلية" لدعم الاتصالات بين البشر. "لقد كنا متحمسين للغاية وقد رأينا فوائد بالفعل، إنتاج محتوى كان تقديمه سيكون باهظ التكلفة على مر التاريخ".
مارتين فاروس، الرئيس التنفيذي في "سوب بوكس لابس"، التي تنشئ برامج التعرف على الصوت للأطفال، قال "إن تكنولوجيا التعليم الآن عند نقطة تحول قدمت للشركات كلا من التهديدات والفرص".
في حين إن الشركات التي تنشئ محتوى عاما نسبيا مثل أدلة الدراسة قد تعاني، فإن الحاجة إلى الإشراف البشري لإنشاء مواد موثوقة -أي تكون مناسبة لأعمار معينة، مثلا- تعني أن المنظمات ذات الخبرة ستضيف قيمة، كما جادل فاروس.
وقال "إنهم بحاجة إلى كثير من العمل، وهذه فرصة للشركات للعمل معهم لتحقيق أقصى استفادة من هذه المشاريع".
مع ذلك، لا يزال هناك ضرر يجب أن يحدث. كانت "تشيج" واحدة من الشركات التي اتخذت إجراءات استباقية بشأن الذكاء الاصطناعي، أطلقت الشهر الماضي رفيق التعلم عبر الإنترنت "تشيجميت" الذي قدم تعليما مخصصا باستخدام الذكاء الاصطناعي، لكن ذلك لم يمنع من أن تضربها الأسواق.
وفقا لبينجامين زويجا، محلل في "دويتشه بنك"، تكمن المشكلة في أن خدمتها لحل الواجبات كان يسهل أن يستبدل بها "شات جي بي تي".
الإصدار الأساسي من خدمة الذكاء الاصطناعي مجاني أيضا، مقارنة بـ19.95 دولار لاشتراك "تشيج"، وهو سعر "شات جي بي تي-4" نفسه الأكثر تقدما.
يخطط جاستن لمواصلة استخدام وتحسين معلم الذكاء الاصطناعي الخاص به. إنه يعتقد أن الشركات سيظل لها مكان، لكنها ستحتاج إلى التصرف بسرعة. قال "إذا تمكنا من تحويل أي كتاب إلى درس، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي أيضا إنشاء أسئلة تدريبية بناء على المحتوى المقدم (...) يمكن أن يكون ذلك ثوريا".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES