FINANCIAL TIMES

رئيس جوجل: الذكاء الاصطناعي سيمس كل جوانب الحياة

رئيس جوجل: الذكاء الاصطناعي سيمس كل جوانب الحياة

هذا العام، استحوذ الذكاء الاصطناعي التوليدي على خيال العالم. أصبح ملايين الأشخاص يستخدمونه لتعزيز الإبداع وتحسين الإنتاجية. في الوقت نفسه، بدأ مزيد من الشركات الناشئة والمؤسسات تقدم منتجات وتكنولوجيات مدعومة بالذكاء الاصطناعي إلى السوق بشكل أسرع من أي وقت مضى.
الذكاء الاصطناعي هو أعمق تكنولوجيا تعمل عليها البشرية اليوم، وستمس كل صناعة وجانب من جوانب الحياة. ونظرا لهذه المخاطر الكبيرة، فكلما زاد عدد الأشخاص الذين يعملون على تطوير علم الذكاء الاصطناعي، كان ذلك أفضل من حيث توسيع الفرص للمجتمعات في كل مكان.
وبينما حاول بعضهم اختزال هذه اللحظة إلى مجرد سباق ذكاء اصطناعي تنافسي، فإننا نراها أكثر من ذلك بكثير. في جوجل، نجلب الذكاء الاصطناعي إلى منتجاتنا وخدماتنا منذ أكثر من عقد ونتيحها لمستخدمينا. نحن نهتم لذلك كثيرا. لكن ما يهم أكثر هو السباق لبناء الذكاء الاصطناعي بمسؤولية والتأكد من أننا كمجتمع نفعل ذلك بشكل صحيح.
نحن نتعامل مع ذلك من خلال ثلاث طرق. أولا، من خلال مواصلة الابتكارات بجرأة لجعل الذكاء الاصطناعي أكثر فائدة للجميع. إننا مستمرون في استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين منتجاتنا بشكل ملحوظ - من محرك بحث جوجل وجي ميل إلى أندرويد والخرائط. هذه التطورات تعني أن السائقين في جميع أنحاء أوروبا يستطيعون الآن العثور على مسارات أكثر كفاءة من حيث استهلاك الوقود. كذلك تمت مساعدة عشرات الآلاف من اللاجئين الأوكرانيين على التواصل في أوطانهم الجديدة، كما أن أدوات التنبؤ بالفيضانات قادرة الآن على التنبؤ بالفيضانات مسبقا. عمل جوجل ديب مايند على برنامج ألفا فولد، بالتعاون مع المختبر الأوروبي للبيولوجيا الجزيئية، أنتج فهما رائدا لأكثر من 200 مليون بروتين مفهرس، وفتح إمكانات جديدة للرعاية الصحية.
حاليا ينصب تركيزنا على تمكين الآخرين من خارج شركتنا، من الابتكار باستخدام الذكاء الاصطناعي، سواء من خلال عروضنا للحوسبة السحابية وواجهات برمجة التطبيقات، أو من خلال مبادرات جديدة مثل برنامج جوجل فور ستارت أب جروث (برنامج جوجل لنمو الشركات الناشئة)، الذي يدعم رواد الأعمال الأوروبيين الذين يستخدمون الذكاء الاصطناعي لمنفعة صحة الناس ورفاهيتهم. ونحن بصدد إطلاق صندوق للابتكار الاجتماعي باستخدام الذكاء الاصطناعي لمساعدة المؤسسات الاجتماعية على إيجاد حل لبعض أكثر التحديات إلحاحا في أوروبا.
ثانيا، نحن نعمل على التأكد من أننا نطور التكنولوجيا وننشرها بمسؤولية، وهو ما يعكس التزامنا العميق بكسب ثقة مستخدمينا. هذا هو السبب في أننا نشرنا مبادئ الذكاء الاصطناعي في 2018، المتجذرة في الاعتقاد بضرورة تطوير الذكاء الاصطناعي لفائدة المجتمع مع تجنب تطبيقاته الضارة.
ولدينا عديد من الأمثلة على تطبيق هذه المبادئ عمليا، مثل إنشاء وسائل الحماية للحد من إساءة استخدام مترجمنا العالمي. هذه الخدمة التجريبية لدبلجة الفيديوهات عبر الذكاء الاصطناعي تساعد الخبراء على ترجمة صوت المتحدث ومطابقة حركة الشفاه. وهي تنطوي على إمكانات هائلة لزيادة استيعاب التعلم، لكننا ندرك المخاطر التي يمكن أن تطرحها في أيدي الجهات السيئة، ولهذا جعلناها متاحة للشركاء المعتمدين فقط. ومع تطور الذكاء الاصطناعي، يتطور منهجنا أيضا، أعلنا هذا الشهر أننا سنوفر طرقا لتحديد إن كنا قد استخدمناها لإنشاء محتوى في خدماتنا.
أخيرا، تحقيق إمكانات الذكاء الاصطناعي ليس مسألة يمكن لشركة واحدة أن تنجزه بمفردها. في 2020، عبرت عن وجهة نظري بأن الذكاء الاصطناعي بحاجة إلى التقنين بطريقة توازن بين الابتكار والأضرار المحتملة. ومع وصول التكنولوجيا الآن إلى نقطة تحول، ومع عودتي إلى أوروبا هذا الأسبوع، ما زلت أعتقد أن الذكاء الاصطناعي بحاجة إلى أن يتم تقنينه بشكل جيد.
تطوير أطر السياسات التي تتوقع الأضرار المحتملة وتفسح المجال للفوائد يتطلب مناقشات عميقة بين الحكومات وخبراء الصناعة والناشرين والأوساط الأكاديمية والمجتمع المدني. قد لا يحتاج المشرعون للبدء من الصفر، توفر اللوائح الحالية أطرا مفيدة لإدارة المخاطر المحتملة للتكنولوجيات الجديدة. لكن الاستثمار المستمر في البحث والتطوير للذكاء الاصطناعي المسؤول سيكون مهما - وكذلك ضمان تطبيق الذكاء الاصطناعي بأمان، خاصة عندما لا تزال اللوائح التنظيمية قيد التطوير.
سيكون التعاون الدولي المتزايد أمرا أساسيا. الولايات المتحدة وأوروبا حليفتان وشريكتان استراتيجيتان. ومن المهم أن تعملا معا لإنشاء أطر قوية داعمة للتكنولوجيا الناشئة، بناء على القيم والأهداف المشتركة. سنواصل العمل مع الخبراء وعلماء الاجتماع ورواد الأعمال الذين يضعون معايير لتطوير الذكاء الاصطناعي المسؤول على جانبي الأطلسي. الذكاء الاصطناعي يقدم فرصة لا تتكرر سوى مرة في كل جيل للعالم للوصول إلى أهدافه المناخية، وبناء نمو مستدام، والحفاظ على القدرة التنافسية العالمية وأكثر من ذلك بكثير. مع هذا، لا نزال في الأيام الأولى، وهناك كثير من العمل أمامنا. نحن نتطلع للقيام بهذا العمل مع الآخرين، وبناء الذكاء الاصطناعي معا بشكل آمن ومسؤول حتى يتمكن الجميع من الاستفادة.

*الرئيس التنفيذي لجوجل وألفابت

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES