كما لو فرحت

كما لو فرحت

شعر - محمود درويش

كما لو فَرِحتُ: رجعتُ. ضغطتُ على
جرسِ الباب أكثرَ من مرّةٍ، وانتظرتُ..
لعلِّي تأخّرتُ. لا أَحَدٌ يفتحُ البابَ، لا
نأمةٌ في الممرِّ.
تذكّرتُ أَنَّ مفاتيحَ بيتي معي، فاعتذرتُ
لنفسي: نسيتُكَ فادخلْ
دخلنا... أنا الضيفُ في منزلي والمُضيف.
نظرتُ إلى كلِّ مُحْتَويات الفراغ، فلم أَرَ
لي أَثَراً، ربّما... ربّما لم أكن ههنا. لم
أَجدْ شَبَهاً في المرايا. ففكَّرْتُ: أَين
أنا، وصرختُ لأوقظَ نفسي من الهذيان،
فلم أَستطعْ... وانكسرتُ كصوتٍ تَدَحرَجَ
فوق البلاطِ. وقلتُ: لماذا رجعتُ إذاً؟
واعتذرتُ لنفسي: نسيتُكَ فاخرجْ!
فلمْ أَستطعْ. ومشيتُ إلى غرفة النوم،
فاندفعَ الحلمُ نحوي وعانقني سائلاً:
هل تغيَّرتَ؟ قلتُ تغيّرتُ، فالموتُ
في البيت أفضلُ من دَهسِ سيَّارةٍ
في الطريقِ إلى ساحة خالية!

سمات

الأكثر قراءة