قراءات
جيش من رجل واحد
صدرت حديثا عن "محترف أكسجين للنشر" مجموعة شعرية جديدة للشاعر العماني المقيم في المغرب عبدالله الريامي (1965) بعنوان "جيش من رجل واحد". يرى الكاتب حسام معروف أن الريامي "يذهب إلى تفكيك فكرة الحرية عند الإنسان، وإعادة تجميعها من خلال المادة الخام الصغيرة، شديدة الالتصاق بالجسد والحواس، عبر صور شعرية محملة بالرموز والإيحاءات حول علاقة الإنسان في العالم، وبالأشياء المعتادة من حوله". ووفق معروف فإن "اللغة الشعرية عند الريامي تكشف عن المعنى بطريقة خالية من التكلف والتعقيد، فهو كما يدعو إلى الخفة في الحياة، فإنه يمارسها، أيضا، من خلال اللغة، بقدرته على الانتقال من الصورة إلى الأخرى، بسلاسة، دون التخلي عن الكثافة الشعرية المطلوبة". ووفق الناشر تفصلنا ثلاثة عقود عن ديوان الشاعر العماني عبدالله الريامي الأول "فرق الهواء" (1992)، ثلاثة عقود ترقبنا فيها ديوانه الجديد فإذا هو ممحاة للزمان، وقصائده تذلل الانتظار، تجعله فترة وجيزة أمام قدرتها المدهشة على صوغ خريطة شعرية هائلة ومترامية لجيش من رجل واحد، لجمهرة من شاعر واحد متفرد، يلملم ما تبقى لنا من شعر وحب في هذا العالم.
أول العشب
في مجموعته الشعرية الجديدة بعنوان "أول العشب" يواصل الشاعر السوري حازم العظمة تقديم مقترحه الشعري في كتابة قصيدة تبدو كأنها منقطعة الصلة عن جيلها الشعري، إذ إنه يكتب ظلال اللغة، لا اللغة نفسها، كمن يعرض نفسه طويلا لأشعة الشمس ليتأمل ظله، ويبعث فيه حياة مستقلة. لا يهم الشاعر بنيان الشعر المترامي، بل -بالضبط- ما يخلفه من ظل يقول، “لم نأخذ صورا/ عدنا من صورنا القديمة كلا وحده../ وراءنا الجدران لسنين بقيت مضاءة/ من وميض الكاميرات الأخير/ وفي الخلفية مقهى في الحجاز/... أو شرفة من حارة الزيتون". مفردات العظمة اللغوية تلك تشابكت، على نحو كثيف، مع مفردات الطبيعة بما تحمله هذه من ألوان وروائح وثراء، ما جعلها تنأى عن كآبة القصيدة العربية الحديثة في جزء كبير منها، وعن حزنها. فلا شعور بالذنب ولا آثام، بل قصيدة ملونة تقطر روائح لطيفة ومبتسمة، يقول، "سيأتي المهرجان والمغنون/ ستأتي المدن/ والأحياء والساحة والرايات/.. تمسك بي، تقول عيناك". يذكر أن "أول العشب" هو الكتاب الشعري الرابع لحازم العظمة، وصدر أخيرا عن منشورات المتوسط في ميلانو إيطاليا.
الكناس
تحكي رواية "الكناس" للقاص والروائي الجزائري سليم عبادو سير أناس بسطاء وما يعانونه في زحمة الحياة التي استطاع الروائي أن يصنع منها بناء روائيا متماسكا وماتعا، من خلال تتبع التفاصيل اليومية لأبطالها، أمثال كريمو، والحاجة وردة، ومروان، وفلة، وقديرو، وعزوز، وغيرهم من شخصيات. ويؤكد الناقد علي ملاحي على غلاف هذه الرواية أن "الكناس" ليست مجرد حكاية اعتيادية، وأن ما يصنعه الروائي سليم عبادو من مفارقات ومشاهد، ومن تعقيدات زمانية ومكانية يلجأ إلى تأليفها وفق أدواته في نسيج مفتون بالمغامرة والتيه في لغة أنثروبولوجية دامغة، تذكرنا بأننا أمام طبيب أديب. من جهة أخرى، يشير القاص والمترجم بوداود عمير، تعليقا على رواية "الكناس" إلى أن هذه الرواية تنتمي إلى الكتابة الواقعية النابعة من عمق هموم المجتمع، التي يستند فيها الروائي إلى تجاربه الإنسانية بصفته طبيبا متمرسا، وناشطا جمعويا في منطقتي ورقلة والوادي. ويضيف أن الروائي سليم عبادو لم يكتف بسرد تفاصيل حياة الناس البسطاء، وسط بيئة قاسية وعالم لا يرحم في الصحراء الجزائرية الشاسعة، بل يقتفي أثرهم وهم يقاومون، في صبر.