ماذا أعددنا للجم مهندسي الجينوم البشري؟

ماذا أعددنا للجم مهندسي الجينوم البشري؟

لكل تكنولوجيا ناشئة حالمون ومتآمرون. هذا ينطبق بالتأكيد على تعديل الجينوم البشري، الذي كان محور قمة عالمية رفيعة المستوى تم عقدها الأسبوع الماضي في معهد فرانسيس كريك في لندن.
من بين الحالمين عالم الكيمياء الحيوية في جامعة هارفارد، ديفيد ليو، الذي تضمن حديثه الإثنين أخبارا عن أليسا، وهي مراهقة بريطانية في حالة شفاء الآن من سرطان الدم بعد أن تلقت خلايا تائية متبرعا بها، تم تعديلها باستخدام أسلوب تم تطويره في مختبره.
أما أكثر المتآمرين شهرة فهو هي جيانكوي الذي كشف في تشرين الثاني (نوفمبر) 2018، أنه غير الحمض النووي لأجنة تم زرعها في نساء، ما نتج عنه ولادة أول ثلاثة أطفال في العالم تم تعديل الجينوم الخاص بهم. من الناحية الفنية تسبب مشروعه السري المبكر - الذي يهدف إلى جعل الأطفال محصنين ضد فيروس نقص المناعة البشرية، لكن يعتقد الآن أنهم فشلوا في ذلك، ما تركهم يواجهون عواقب صحية غير معروفة - في صدمة للعالم وأرعب أقرانه، وحكم عليه بالسجن لمدة ثلاثة أعوام.
بعد ذلك بأكثر من أربعة أعوام، خيم شبح جيانكوي على القمة بصفته رمزا للمغالاة في العلم. مع ذلك، شهدت الفترة اللاحقة تفاؤلا حذرا، فيما يتعلق بعلاج المرض: أظهر عديد من التجارب السريرية أن تعديل الجينوم يمكن، على ما يبدو، أن يصحح اضطرابات الجينات الفردية، بما في ذلك مرض فقر الدم المنجلي.
يقول البروفيسور روبن لوفيل بادج، عالم الأحياء التطوري في معهد كريك ورئيس اللجنة المنظمة للقمة: "إننا نشهد تقدما رائعا من الناحية التكنولوجية، من الطرق الأولى البسيطة إلى طرق للقيام بأمور أكثر تطورا ودقة، وفي بعض الحالات، أكثر كفاءة".
في تقدير لوفيل بادج أن نحو 70 مريضا تم علاجهم بنجاح باستخدام أحدث طرق تعديل الجينوم، مثل كريسبر. هذا يجعل الموافقة التنظيمية مسألة وقت - كما يعني أن على المجتمع التعامل مع السؤال العميق حول كيف ومتى يتم السماح لجني تعديل الجينوم بالخروج من الزجاجة. فمن هذه القضايا مسائل مثل الشرعية، والتكلفة، والوصول المتساوي، واحتمال محو بعض الأمراض والإعاقات.
يتضمن تعديل الجينوم البشري إجراء تغييرات على الحمض النووي البشري باستخدام مواد كيميائية يمكنها إضافة المادة الجينية، أو إزالتها، أو تغييرها. ويوجد نوعان من التعديل، هما الخط الجسدي والخط الجرثومي. يتضمن تعديل الجينوم الجسدي تطبيق التكنولوجيا على مجموعة فرعية من الخلايا غير التناسلية للمريض، كخلايا الدم مثلا.
ويعد تعديل جينوم السلالة الجرثومية أكثر إثارة للجدل: يتم تطبيقه على الأجنة المبكرة ويؤثر في جميع الخلايا، بما فيها خلايا البويضات والحيوانات المنوية. وهذا يعني أنه إذا تم السماح للجنين بالاكتمال والولادة، فإن جميع أحفاده سيرثون جينوما معدلا. هذا النهج الذي يطلق عليه أحيانا اسم تعديل الجينوم البشري الوراثي، هو ما حاول جيانكوي القيام به. وتعد منظمة الصحة العالمية أن تعديل الجينوم الجسدي مقبول في الدول التي لديها ضمانات تنظيمية، إلا أن تعديل الخط الجرثومي يطرح "مشكلات سلامة وقضايا أخلاقية أكبر".
أحد التحديات هو عدم وجود إطار قانوني عالمي لإصلاح الحمض النووي، وبشكل ضمني، التطور البشري. بدلا من ذلك، هناك خليط من القوانين والمعايير واللوائح والحظر العلمي لكل بلد على حدة.
شددت الصين قوانينها ورقابتها التنظيمية منذ إقدام جيانكوي على ذلك العمل الباهر، على الرغم من قلق مندوبي القمة من أن القيود الجديدة تركز أكثر من اللازم على الجامعات ومعاهد البحث، لكنها ليست كافية في تركيزها على العيادات الخاصة.
مع ذلك، يخشى لوفيل بادج في الغالب من أن يصبح تعديل الجينوم حكرا على الأثرياء، بالنظر إلى أن تكلفة العلاجات الحالية تقدر برقم مكون من أكثر من ست خانات لكل مريض. أبلغني لوفيل بادج: "أن مسألة الوصول العادل تعد مسألة ضخمة. كيف نخفض التكاليف؟ إنه تحد للعلماء والاقتصاديين وللجميع".
سؤال آخر هو ما إذا كان تعديل الجينوم يمكن أن يعزز القدرة على تحمل الإعاقة، أو عودة ظهور علم تحسين النسل. قال توم شكسبير، أستاذ أبحاث الإعاقة في كلية لندن للصحة وطب المناطق الحارة، الذي يعاني حالة وخز غضروفي وراثية: "لم أكن قلقا بشأن القضاء على الإعاقة لكنني (...) قلق بشأن تعديل الجينوم البشري بسبب مسألة السلامة، والأسئلة حول من يمكنه الوصول إليه والموارد التي قد يستهلكها"، مضيفا أن الإعاقة لا تتم معالجتها بالحلول البيولوجية فحسب، ولكن بالحلول الاجتماعية أيضا، مثل توفير الأجهزة المساعدة.
ربما تكون أصعب الحدود اجتيازا هي تلك التي تقع بين تصحيح المرض وتحسينه.

الأكثر قراءة