FINANCIAL TIMES

هل تستطيع الأحذية الرياضية والقمصان أن تغري الموظفين بالعودة إلى المكتب؟

هل تستطيع الأحذية الرياضية والقمصان أن تغري الموظفين بالعودة إلى المكتب؟

بعد ثلاثة أعوام من العمل من المنزل، استأنفت معظم الصناعات اجتماعاتها وفعالياتها التي تتطلب حضورا شخصيا. ولكن شيئا ما قد تغير: في كثير من تلك الحالات، شهدت قواعد اللباس تغيرا كبيرا.
لنأخذ مثالا على ذلك فعالية حضرتها أخيرا في نيويورك أقامها صندوق تحوط. تم الإعلان عن الاجتماع، الذي عقد في وقت مبكر من المساء، بصفته يدور حول النظرة المستقبلية للصناعة. وتضمن لجنة من أربعة أشخاص، لم يكن ثلاثة منهم يرتدون ربطات عنق، بينما كانت المرأة التي تشغل منصبا عاليا ترتدي حذاء رياضيا. كما كان جمهور الحاضرين يرتدون ملابس غير رسمية أكثر. فيما كانت الأحذية ذات الكعب العالي قليلة وفي أماكن متباعدة بين الحاضرين وكان وجود البدلات أيضا شبه معدوم.
يقول خبراء الأناقة والموضة إن هذا ليس بالأمر الشاذ، حددت شركة ماكينزي للاستشارات تحول نحو نوع الألبسة "غير الرسمية" أكثر- في كل من زي المكتب ومناسبات العمل - بصفته الاتجاه الرئيس في تقرير الشركة عن حالة الموضة لعام 2023. كما لاقت مصطلحات تعبر عن الملابس المريحة التي يمكن ارتداؤها في العمل وخارجه الاهتمام على مواقع الموضة على الإنترنت.
هناك أيضا اهتمام متزايد بالملابس ذات الانسيابية بين الجنسين، التي تطمس الحد الفاصل بين الملابس الرجالية والنسائية، من خلال تجنب الهيئة العامة المبالغ فيها وذلك لمصلحة توفير الراحة.
لقد قضى موظفو المكاتب ثلاثة أعوام في اكتشاف متعة العمل، وهم يرتدون الشباشب والقمصان قصيرة الكم والسراويل الرياضية، ويبدو أنهم يرفضون التخلي عنها. يتساءل كثيرون لماذا يجب أن يكون الالتزام بارتداء التنانير الضيقة والفساتين السوداء القصيرة وكعب طوله سبعة سنتميترات تقريبا مرادفا "للاحترافية" في البنوك والوكالات الإعلانية وشركات المحاماة - في حين أن الملابس التي تشعرنا براحة أكبر ليست كذلك؟
تأكد هذا الانقسام بعد العودة البطيئة للأشخاص إلى العمل. ولا يزال يتعين على كثير من الشركات إقناع الموظفين بالحضور للعمل لثلاثة أو أربعة أيام في الأسبوع.
في أي يوم، سيرتدي بعض العاملين ملابسهم المريحة ويسجلون دخولهم للعمل من المنزل، حتى عندما يرتدي آخرون ملابسهم الرسمية في الذهاب للعمل. في الوقت نفسه، يبذل الرؤساء كل ما في وسعهم لتعزيز فكرة أن العمل سوية في الحياة الواقعية يعد متعة.
أما بعض المكاتب فبالكاد تتسامح مع الانحراف عن المعايير المتبعة قبل الجائحة، بينما تشجع أخرى العاملين بإيجابية على ارتداء الملابس والمجوهرات للتعبير عن شخصيتهم.
تقول نانسي ماهون، كبيرة مسؤولي الاستدامة في مجموعة إستي لودر لمستحضرات التجميل في الولايات المتحدة: "لقد خف كثير من الضغط على ارتداء الزي المثالي. نحن الآن أقل انتقادا مما كنا عليه قبل الجائحة، هناك مساحة أكبر بشأن ما يعد مهنيا".
هذا يعني بالنسبة لها "ارتداء زي يمثلني أكثر كشخص". خلال حديثنا، كانت ترتدي سترة منسوجة باللون الأحمر والبرتقالي والبيج، وأضافت: "أميل كثيرا إلى الألوان وإلى الراحة".
من نواح كثيرة، هذا أمر جيد. إن الذهاب للمكتب أياما أقل يعني أن العاملين يحتاجون إلى ملابس عمل أقل. كما يمكنهم تكرار الملابس التي يفضلونها في كثير من الأحيان، ربما مع إكسسوارات جديدة. هذه نعمة لأي شخص يتعرض للضغط بسبب التضخم أو يحاول خفض بصمته الكربونية بشراء عدد أقل من المنتجات.
وجدت دراسة استقصائية أجريت أخيرا لمجموعة تعمل في صناعة القطن أن 41 في المائة من المستهلكين يخططون لاتخاذ قرارات مدروسة أكثر بشأن شراء الملابس، وأن نصفهم تقريبا سيدفعون أموالا أكثر مقابل جودة أفضل.
لكن هناك مخاطر تقف في وجه الموظفين، الذين يختارون توسعة تلك الحدود. قد يكون الحد الفاصل رفيعا بين ما هو مريح وما هو غير مرتب، وبين التعبير عن نفسك وارتداء ما هو غير مناسب للعمل. والأسوأ من ذلك، إذا كان المديرون يميلون بالفعل إلى تفضيل الأشخاص الذين يجعلونهم يشعرون بالراحة، فلباس المكتب غير التقليدي يمكن أن يعزز هذا التحيز. هناك بالفعل عدة دعاوى قضائية زعمت أن قواعد اللباس يمكن أن تكون تمييزية من ناحية عنصرية، ومن المرجح أن تزداد في حال غير أصحاب العمل رأيهم بشأن الملابس المناسبة للعمل.
هناك مسائل من الناحية العملية أيضا. تقول إخصائية الأزياء البريطانية آنا بيركلي إنها تشعر بالإحباط بسبب فشل كثير من مصممي الأزياء الراقية في مواكبة التغيرات في شعور المستهلك.
شرحت ذلك قائلة: "العلامات التجارية لا تفكر بشكل كاف فيما تريده المرأة وتحتاج إليه". وقد قلص عملاؤها المشتريات الجديدة، أما الذين يشترون فيميلون إلى أن تكون الألبسة مصنوعة من أقمشة انسيابية ومرنة، مثل خامة قماش الكريب أو الفسكوز.
إن بيركلي مقتنعة بأن هذا التغيير سيستمر لفترة تمتد أكثر من سياسات "لباس الجمعة غير الرسمي" التي اعتمدتها بعض شركات الخدمات المالية، لكن ألغتها فيما بعد، عندما كانت بحاجة لجذب الموظفين الأصغر سنا من شركات التكنولوجيا. تقول "إنه تحول دائم. وهذا لا يقتصر على الأشخاص الموجودين في المكتب فحسب، بل العملاء الذين يحضرون لرؤيتهم. لقد غيرت الجائحة طريقة تفكير الناس حول ارتداء الملابس".
توافق ماهون على ذلك قائلة: "لقد ولت الأيام التي كان الجميع فيها يرتدي بدلة معينة مع ربطة عنق أو فستان".
بالنظر إلى أنني أكتب هذا المقال وأنا أرتدي سروال اليوغا الأسود وأحذية المشي لمسافات طويلة، آمل من كل قلبي أن يكونوا على حق.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES