FINANCIAL TIMES

هل يوجد تقدم حقيقي في محاسبة المخطئين في الشركات؟

هل يوجد تقدم حقيقي في محاسبة المخطئين في الشركات؟

في هوليوود يريد الجميع رؤية الشخص السيئ ينال عقابه. الشيء نفسه ينطبق بصورة متزايدة على عملية وضع القوانين الخاصة بالشركات. لكن لا يبدو أن الأمر يسير بشكل جيد للغاية.
في الشهر الماضي فقط، وافقت الحكومة البريطانية على مطالب من أعضاء البرلمان بفرض عقوبات جنائية على رؤساء مواقع التواصل الاجتماعي الذين يفشلون في حماية من هم أقل من 18 عاما من الضرر الناتج عن الإنترنت. في الوقت نفسه، تقترح تعديلات على تشريعات الجرائم الاقتصادية الجديدة توسيع نطاق ما يسمى "الفشل في منع" الجرائم، الذي يتطلب أن تثبت الشركات أن لديها إجراءات معقولة ومناسبة تضع حدا للأنشطة الإجرامية.
كلاهما في تغير مستمر، ويبدو من المرجح أن الإجراء الخاص بالأضرار على الإنترنت تقلص ببساطة ليغطي الفشل في الالتزام بمطالب المنظم فقط. لكن كلاهما يعكس استعدادا لدعم العقوبات التنظيمية المتعلقة بمخالفات الشركات المنطوية على تهديد إجرامي.
كانت جرائم "الفشل في المنع" استجابة للصعوبات القانونية في جعل الشركات تخضع للمحاسبة. يسعى مؤيدو التعديلات إلى التغلب على ما يسمى مبدأ تحديد الهوية، حيث تكون الشركة مسؤولة فقط عن سلوك شخص يعد "العقل المدبر والإرادة" للمنظمة. كانت الرشوة أول جرائم "الفشل في المنع" في 2010، تبعها تيسير التهرب الضريبي في 2017. تتضمن الاقتراحات الآن إضافة غسل الأموال والتزوير المحاسبي والاحتيال إلى ذلك.
يقول بيتر بينينج، محامي الدفاع الجنائي في كوركر بينينج، الذي يود تطبيق منهج مشابه في الأضرار عبر الإنترنت، "لوائح تنظيمية قوية، مدعومة بعقوبات جنائية مجدية ونطاق من خيارات تنفيذ الأحكام المدنية والجنائية، يمكن أن تؤدي إلى تطوير السلوك والثقافة في الصناعة".
يقر معظم المحامين أنه حتى احتمال العقوبات الجنائية يساعد على تركيز العقول في المراكز العليا. لكن إلى متى؟ أشار بحث لكاترين ويستمور، من مؤسسة روسي الفكرية، إلى تراجع الفاعلية مع الوقت في غياب إجراءات إنفاذ كبرى.
قبل كل شيء، لم تكن هناك ملاحقات قضائية للفشل في منع التهرب الضريبي. أبلغت ويستمور عن تضاؤل الاهتمام أو التركيز داخل الشركات نتيجة لذلك، مع السماح بتقادم تقييم المخاطر وعدم إعطاء اهتمام كبير للجرائم المحتملة في تصميم المنتجات الجديدة. أدت قواعد الرشوة إلى تسويات تفاوضية، وإقرار شركة جلينكور بالذنب العام الماضي. لكن هذه لم تؤد (حتى الآن) إلى اتهامات منفصلة ضد أفراد، ما أحبط أولئك الذين يعتقدون أن الردع الحقيقي يتطلب قوة.
يبدو أن انتشار الجرائم التي لا تتم مقاضاتها أبدا غير مفيد للجميع، سواء الشركات، أو المنظمين، أو صانعي السياسات. تمت الإشارة إلى توفير الموارد إلى جهات مثل دائرة الادعاء في المملكة المتحدة ومكتب جرائم الاحتيال الخطيرة (مع نصيبه من الإخفاقات المحرجة في هذا المجال في الأعوام الأخيرة) باعتبارها مشكلة. تعدد الجرائم المتداخلة الجديدة قد يعقد رفع القضايا ويزيد الوضع تأزما: في العام الماضي اقترحت لجنة القانون الحد من أي إضافات للاحتيال وحده.
حتى إن تم تعريف النجاح أنه تغيير السلوك، فبدلا من جمع الغنائم، لا يزال يتعين القيام بالمزيد. مثلا، المعيار الذي ستلتزم به شركات وسائل التواصل الاجتماعي غير واضح بشكل خاص، لأن هيئة تنظيم وسائل الإعلام "أوفكوم" لم توضح بعد كثيرا من الواجبات والتعريفات حول الضرر عبر الإنترنت. تتمتع هيئة تنظيم وسائل الإعلام بصلاحيات أقل من سلطة السلوك المالي مثلا، وتبلغ نحو ربع الحجم من حيث عدد الموظفين. حتى المنظمين الماليين يعانون أحيانا لإثبات أنهم يستخدمون أدواتهم، مثل عدم وجود عقوبات تنظيمية ضد الأفراد في ظل نظام كبار المديرين (قيد المراجعة الآن كجزء من جهود الحكومة لتبدو صديقة للبنوك).
بشكل عام، تميل إرشادات المملكة المتحدة حول الفشل في المنع إلى أن تكون ضعيفة أو غير محدثة، كما يقول الممارسون. يقول ماثيو راسل، الشريك الاستشاري للمخاطر في أشورست: "تمتلك السلطات القضائية الأخرى مثل الولايات المتحدة مجموعة غنية من الإرشادات الدقيقة التي تعتمد عليها الشركات في تنفيذ هذه الأنظمة". يضيف: "يصبح هذا التوجيه بعد ذلك الأداة التي تطبق من خلالها القواعد".
القصة واضحة تماما من حيث التوسع الزاحف في المسؤولية الجنائية المصممة لتبدو صارمة في التعامل مع المخالفات ومحاسبة الشركات. قد لا يحصل صانعو السياسة على النهاية التي يأملون فيها.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES