FINANCIAL TIMES

الأسواق .. بيانات الوظائف القوية تزعج مديري الصناديق

الأسواق .. بيانات الوظائف القوية تزعج مديري الصناديق

لم تسر الأسواق المالية حسب الخطة بالضبط حتى الآن هذا العام.
بالنسبة إلى كبار مديري الأموال الممتعضين، جلب كانون الثاني (يناير) معه ارتفاعا في قيمة الأصول الخطرة - تصويت بالثقة يدعم رواية الهبوط السلس. في الوقت نفسه، واصلت أسواق الديون الحكومية تحذيراتها من ركود خطير في الأيام المقبلة، مع طلب قوي على السندات طويلة الأجل جعل عائداتها دون عائدات الديون قصيرة الأجل - منحنى العائد المقلوب المفزع الذي كان باكورة فترات انكماش عديدة.
قال لي جريج بيترز، كبير مسؤولي الاستثمار المشارك في "بي جي آي إم فيكسد إنكوم"، بداية هذا الأسبوع "شيء ما يبدو خاطئا. لا يمكن أن يكون هناك منحنى مقلوب بحدة، وخفض معدلات فائدة يتم احتسابها على افتراض أن الركود يلوح في الأفق، وأصول خطرة لا تحسب فعلا هذه النتائج. كل هذه الأشياء لا يمكن أن تكون صحيحة".
لقد كان محقا. عقب صدور بيانات الجمعة أظهرت أن الاقتصاد الأمريكي شهد ارتفاعا في عدد الوظائف تخطى 500 ألف وظيفة في كانون الثاني (يناير)، متجاوزا توقعات أشارت إلى 185 ألف وظيفة، بدا وكأن توقع حدوث الركود خاطئ تماما.
تلك أخبار رائعة للإنسان العادي. لكنها أخبار أقل روعة للاقتصاديين ومديري الصناديق الذين أجمعوا تقريبا على حدوث انكماش اقتصادي، استنادا إلى الأعمال السنوية التي تجريها شركة ناتيكسيس الاستثمارية، بتمشيطها آلاف الصفحات من توقعات المصارف الكبرى ومديري الأصول للعام المقبل.
يظهر تحليلها أن توقعات ما يفترض أنهم العقول الكبيرة في السوق كانت، في مجملها، محايدة حيال الأسهم الأمريكية وسلبية تماما تجاه الأوروبية. وقد تحققت على نحو سيئ للغاية حتى الآن. بحلول الوقت الذي بدأ فيه شباط (فبراير)، ارتفعت الأسهم في كلتا المنطقتين نحو 6 في المائة.
لكن الحالة الصحية الممتازة، حسب الظاهر، لسوق الوظائف في الولايات المتحدة توحي بأن النظرة المتشائمة تجاه الأسهم قد يتبين أنها صحيحة، للأسباب الخاطئة. إنها تعيد تعيين المخاطر الرئيسة للأسواق بالكامل، بحيث تشمل بقية العام.
قال مايك بيل، استراتيجي السوق العالمية في "جيه بي مورجان أسيت مانجمنت"، "الخطر الكبير المحدق بالأسواق هذا العام ليس الركود، بل سوق عمل لا تزال نشطة. هذا يعني أنه ليس بإمكان الاحتياطي الفيدرالي خفض معدلات الفائدة التي تحتسبها السوق".
للعلم، عندما فتحت الأسهم بعد ساعة من صدور بيانات التوظيف، انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 الأمريكي 1 في المائة قبل أن يستعيد اتزانه قليلا.
أشار ألان روسكين، الخبير الاستراتيجي في "دويتشه بانك"، إلى أن الأرقام كانت غير منطقية نوعا ما. قال في مذكرة للعملاء "هناك شعور بأن سوق العمل لا تتناسب مع إشارات نمو ضعيفة أخرى كثيرة. هذا صحيح".
لكنه أضاف أن "البيانات تعزز على الأقل فكرة أنها دورة استثنائية تتطلب استجابة سياسية استثنائية". كما أفسدت خطط عديد من المستثمرين لهذا العام، تحديدا لأنها تعطي الاحتياطي الفيدرالي فرصة ذهبية لرفع أسعار الفائدة أعلى كثيرا مما توقعه المشاركون في السوق سابقا.
حتى قبل نشر بيانات الوظائف، باستثناء الزراعية، انتاب بعض المستثمرين قلق من أن الارتفاع في الأسهم، الذي ظل قائما منذ تشرين الأول (أكتوبر)، سينقلب على نفسه، بتوليد وفرة مفرطة، ومن ثم مزيد من التضخم. لكن المضاربين على الارتفاع كانوا مستعدين لمواصلة التمسك بالارتفاع، جزئيا لأن واضعي سياسات أسعار الفائدة في الولايات المتحدة لم يخبروهم أنهم كانوا مخطئين.
الأسبوع الماضي فرض الاحتياطي الفيدرالي زيادة طفيفة في أسعار الفائدة بلغت ربع نقطة مئوية. قال جاي باول للصحافيين "أمامنا طريق طويل لنقطعه" للسيطرة على التضخم. لكن في الوقت نفسه، أشار رئيس الاحتياطي الفيدرالي إلى ظهور قوى انحسار التضخم، والأهم من ذلك أنه فوت الفرصة لقول إن أسواق الفقاعات الرغوية قد سبقت أوانها.
إذن، ماذا الآن؟ من المؤكد أن هذا تبرير للذين اعتقدوا أن الارتفاع في الأصول الخطرة، خاصة في الولايات المتحدة، تجاوز الحد.
من هؤلاء إيان كننجهام، الرئيس المشارك لنمو الأصول المتعددة في شركة ناينتي ون لإدارة الأصول. فهو يرى أن القوة الكاملة للتشديد النقدي العنيفة في 2022 لم تجد طريقها إلى تقييمات الأصول بعد، لكنها "ستؤثر بالتأكيد".
كان كننجهام ينظر إلى ارتفاع الفائدة وارتفاع الأسهم في بداية هذا العام بشيء من عدم التصديق، مقتنعا بأن أخطار الركود لم تنعكس كليا كما ينبغي. مرة أخرى، قد يتبين أنه محق بشأن السوق، ومخطئ بشأن الركود، لكن النتيجة هي نفسها: اللحظة التي تنتحب فيها السوق طلبا لخفض أسعار الفائدة ويقفز الاحتياطي الفيدرالي في الاتجاه الآخر هي اللحظة التي "لا تفضلها الأصول الخطرة حقا"، كما يقول.
على المستثمرين الآن العودة إلى لوحة التخطيط والتفكير بصورة صحيحة فيما يدفع الأسواق فعلا هذا العام. مثل الاحتياطي الفيدرالي، سيواجهون صعوبة في تقديم تخمينات مجدية عن المستقبل وبدلا من ذلك سيحتاجون إلى التحلي بالمرونة من لحظة إصدار البيانات إلى حين صدور البيانات التي تليها.
قال روسكين من "دويتشه"، "من الواضح تماما أن السوق في (وضع تسلل) فيما يتعلق بالتداول المفضل لهذا العام. على الأقل، ستلزم هذه البيانات المتداولين بالتراجع وإعادة تجميع صفوفهم". ربما عليهم تقبل كونهم مخطئين أيضا.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES