default Author

بطاريات للبشر

|

نكره الشيخوخة ونخاف من الموت، نحاول جاهدين ألا نرى تلك الخطوط التي تعبر عن بصمات الزمن على وجوهنا، ونعتقد أنها تقربنا إلى الرحيل المر ومفارقة الحياة رغم عدم وجود عمر محدد لوفاة الإنسان، فالموت لا يفرق بين صغير وكبير!
لذا عكف الباحثون على تحويل الحلم الذي عد نوعا من أنواع الخيال العلمي إلى حقيقة، وتوصلوا إلى ميتوكوندريا أو "عضية" ـ وهي أحد أهم أجزاء الخلية، لأنها تأخذ المواد الغذائية وتصنع الطاقة التي يمكن أن تستخدمها باقي الخلية ـ معدلة وراثيا بحيث تحول الطاقة الضوئية التي حصلت عليها الميتوكوندريا من خلال إدخال ألواح طاقة شمسية إليها تعرف بـ"إم تي أون" بدل الغذاء إلى طاقة كيميائية تستخدمها الخلايا، وأدت في النهاية إلى إطالة عمر ديدان الأرض من جنس "إيليجانس سي"!
ورغم أن فكرة شحن خلايا الإنسان بالطاقة الضوئية ما زالت أقرب إلى الخيال العلمي منها إلى العلم، لكن هذا الاكتشاف سلط الضوء على آليات مهمة من عملية التقدم بالعمر أو الشيخوخة، ذلك الوحش المرعب الذي يقف بعيدا ينتظر وصولك إليه ليقضي على صحتك وقد ينهي حياتك.
يقول أندرو فويتوفيتش الأستاذ المساعد في قسم علم التخدير، "نعلم أن اضطراب وظيفة الميتوكوندريا هو نتيجة التقدم في العمر. وجدت هذه الدراسة طريقة لإطالة حياة الديدان وتحسين صحتها بتعزيز الاستقلاب ببساطة باستعمال الميتوكوندريا المشحونة بالضوء. ستمكننا هذه الاكتشافات وأدوات البحث الجديدة من تعميق دراسة الميتوكوندريا والتعرف على طرق جديدة لمعالجة الأمراض المرتبطة بالتقدم بالعمر وجعل الشيخوخة صحية أكثر".
توجد الميتوكوندريا في معظم خلايا الجسم، وتسمى عادة مولدات الطاقة الخلوية لدورها في استخدام الجلوكوز لإنتاج "الأدينوزين" ثلاثي الفوسفات "أيه تي بي" المسؤول عن تزويد الوظائف الخلوية الأساسية بالطاقة، كالتقلص العضلي والنبضات الكهربائية التي تساعد الخلايا العصبية على التواصل فيما بينها. ويتطلب إنتاج الـ"أيه تي بي" عدة تفاعلات يستحيل تنفيذها دون تبادل البروتينات عبر الأغشية التي تفصل مكونات الميتوكوندريا المختلفة في عملية تسمى التبادل الغشائي، الذي اتضح للعلماء أنه يتراجع مع التقدم في العمر، ما يدل على دوره في تطور الأمراض المتعلقة بالتقدم في السن.
هذه التجربة فتحت الآفاق أمام العلماء للتعرف على الأدوار الحيوية المعقدة التي تقوم بها الميتوكوندريا في الجسم البشري، ففهم تلك العضيات والتلاعب بها ومعرفة كيفية التدخل في وظائفها ودعمها، عززت الأمل في إعادة الطاقة المفقودة إلى الخلايا البشرية بإعادة شحنها!

إنشرها