FINANCIAL TIMES

كيف استطاع آلان رايدر إدارة التوسع السريع لشركة أر إس كيه؟

كيف استطاع آلان رايدر إدارة التوسع السريع لشركة أر إس كيه؟

يصعب التغلب على شركة أر إس كيه بسبب تنوع عملياتها. من بناء دور الرعاية في جزر فوكلاند إلى استخراج النفط من حمأة النفايات في حقول النفط، توظف شركة الاستشارات الهندسية والبيئية التي تتخذ من المملكة المتحدة مقرا لها الآن نحو 11 ألف شخص حول العالم. بعد مضاعفة حجمها خلال جائحة كوفيد- 19، يتمحور طموحها في أن تصبح أكبر حجما، وفقا لمؤسسها ورئيسها التنفيذي، آلان رايدر.
يعترف رايدر أنه لا يمكنه أن يعرف ماذا يحدث في مختلف أجزاء شركته، التي تحقق الآن أكثر من مليار جنيه استرليني سنويا على أساس دوري، معدلا حسب عمليات الاستحواذ. كيف يخطط لقيادتها عبر هذا التوسع السريع المستمر؟ يجب أن يكون هناك خطر يتمثل في أن الاستحواذ على كثير من الشركات بوتيرة سريعة سيؤدي إلى إضعاف، أو حتى تلويث، ثقافة شركة أر إس كيه القوية التي بناها على مدى أكثر من ثلاثة عقود. لماذا الدفع بهذه القوة من أجل النمو؟
كما يليق بالرجل الذي يريد أن يرأس أكبر شركة مزودة "للحلول المستدامة" في العالم، لجأ رايدر إلى التشبيه النباتي. يقول إن شركة أر إس كيه "مثل بركة من أوراق الزنبق. المكان الذي يمكنك الحصول على الفائدة الحقيقية منه هو حيث تتلاصق ورقة الزنبق بورقة زنبق أخرى. لذا بدلا من جيوب الخبرة الفردية (...) يمكننا الحصول على ورقتي زنبق أو ثلاثة ملتصقة ونقدم الخبرة من هؤلاء الأشخاص، وهؤلاء الأشخاص ،وهؤلاء ونضعها معا".
يقول رايدر إن بناء هذه المجموعة الكبيرة والمتنوعة من الخبرات داخل المجموعة ينتج "عرضا فريدا للعميل"، ويجمع بين "الأشخاص الذين يرتدون معاطف المختبر البيضاء ويقومون بالأبحاث في الواجهة الأمامية (...) وبين المسؤولين عن الاستشارات بقمصانهم الأنيقة، والأشخاص الذين يقدمون الحلول على الأرض ويرتدون قبعات صلبة وأحذية فولاذية".
وفقا لرايدر، فإن هذا التلقيح المتبادل للأفكار والخبرات هو أحد الأسباب التي تجعل الحجم مهما. يكمن السبب الآخر في أن هذا الحجم يثير إعجاب العملاء، والموظفين، والممولين ومالكي كثير من الشركات التي تشتريها شركة أر إس كيه ويطمئنهم.
اليقين - إلى جانب الحجم - أيضا هو أحد العناصر التي تغري رواد الأعمال الآخرين بالبيع لشركة أر إس كيه. يقول، "نتطلع لشراء الشركات التي نماها المؤسسون. إنهم يقبلون حتمية الشيخوخة والحاجة إلى فعل شيء ما بشأن شركتهم ورغبتهم في رؤيتها تنتقل إلى أشخاص آخرين، ربما إلى زملاء آخرين كبار ليقوموا بدور أكبر. لكنهم يريدون أيضا ادخار بعض الأموال للمساعدة على تقاعدهم، لكن مع استمرار مشاركتهم في أعمالهم". إنها استراتيجية مشابهة لتلك التي استخدمها وارين بافيت، الذي مثل رايدر، يسمح في الغالب للمؤسسين بالحفاظ على علامتهم التجارية واستقلاليتهم حتى عندما تصبح شركاتهم جزءا من شركة بيركشاير هاثاواي الاستثمارية التي يرأسها.
مثل جميع رواد الأعمال الجيدين، لدى رايدر، البالغ من العمر الآن 61 عاما، قصة منشأ مصقولة جيدا. كانت درجة الدكتوراه التي حصل عليها من جامعة أبردين حول الأثر البيئي لبناء خطوط الأنابيب. في 1989، أنشأ إلى جانب مشرفه خلال دراسته الدكتوراه برنارد كينوورثي، الذي توفي 1994، شركة أر إس كيه لتقديم المشورة بشأن تطبيق لوائح التنظيم البيئية الجديدة على خطوط الأنابيب عبر البلاد. في البداية، كان حرف "إس" يعود إلى اسم محاضر آخر، الذي تراجع بعد طباعة الأدوات المكتبية ذات العلامة التجارية بالفعل، ولاحقا أصبح يرمز إلى مساهمة أخرى اسمها سو سليجيفيك، التي تقاعدت في 2021. ساعدت على إنشاء المكتب في شيشاير، شمال غرب إنجلترا، حيث لا يزال المقر الرئيس لشركة أر إس كيه، بالقرب من نهاية خط أنابيب الإيثيلين البالغ طوله 411 كيلومترا من اسكتلندا إلى ميناء إليسمير الذي كان أحد مشاريع الشركة الأولى.
يعطي رايدر انطباع الرئيس التنفيذي المتواضع. المقر الرئيس للشركة عبارة عن مبنى متواضع ذي طوابق قليلة الارتفاع يقع بين منازل الضواحي. مكتبه مليء بالخزائن المليئة بمجموعة والديه من السيراميك العتيق، وأكواب الشاي والقهوة "التي يضيف إليها من وقت إلى آخر". على أحد الجوانب يوجد جهاز هاي فاي عتيق "لم يستطع التخلص منه" وجهاز جراموفون حوله إلى آلة رسم آلية عندما كان ملازما للسرير بسبب مرض في طفولته. عند سؤال رايدر لوصف يومه العادي، أجاب "عادة ما يكون هناك كثير من الرسائل الإلكترونية". ما هو أكبر تحد بالنسبة إليه؟ "تمويل النمو"، فهو ليس إيلون ماسك.
يقول إنه مرتاح بشأن استخدام شركة أر إس كيه لتمويل الديون، بما في ذلك مليار جنيه استرليني من مجموعة أريز منجمنت لرأس المال الخاص، حتى مع تزايد الضغوط الاقتصادية والمالية. إذا أصبحت أسعار الفائدة "مرتفعة للغاية"، كما حدث في الثمانينيات، فقد يصبح هيكل التمويل هذا غير مستدام. لكنه يقدر استقرار تمويل الديون، مقارنة بحالة عدم اليقين في شركات الأسهم العامة أو الخاصة، حيث "في اللحظة التي تحصل فيها على حصة، تكون أفكار المستثمرين على نحو كيف سأضعها في السوق مرة أخرى؟ ومن الذي سأبيعها له؟".
يشترك رايدر في الطموح الدافع والرغبة القوية في المخاطرة لدى المؤسسين ورجال الأعمال الأكثر تميزا. ربما اختلطت هذه السمات مع جينات والديه المحبة لجمع الأثريات، وقد ساعدته هذه السمات على تكوين إمبراطورية عالمية، تلمس كل الأسواق الكبيرة باستثناء الولايات المتحدة "المزدحمة جدا بالمستشارين، ولديها دعاوى قضائية كثيرة، وذات الطابع الأمريكي للغاية"، حسب قول رايدر مازحا.
شركات النفط والغاز ما زالت عملاء مستقرين، لكن هذه الصناعة تمثل الآن نحو 2.5 في المائة فقط من المبيعات، مقابل أكثر من ثلث الإيرادات من مشاريع الصناعة المائية، و16 في المائة من العقارات والبناء، و12 في المائة من النشاط في مجال مصادر الطاقة المتجددة.
تستخدم مجموعته أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة كإطار عمل لاستراتيجيتها، ورايدر صريح بأنه لا يشعر بأي "رهاب" بشأن التعامل مع شركات الوقود الأحفوري أو التعدين. "نحن بحاجة إلى النفط والغاز ونحتاج إلى معادن ثمينة، لذلك يجب أن يتم التعدين بشكل مستدام وجيد، كما تجب حماية الموارد الطبيعية في سعينا إلى الحصول على النيكل والكادميوم لبطارياتنا. لا أعتقد أن القرار المسؤول هو الابتعاد عن تلك القطاعات الصعبة والقول، "كلا، أنتم صناعة ملوثة ولا نريد أي علاقة بكم". أعتقد أن مهمتنا تقع في المساعدة أن تكون جيدة قدر المستطاع وتتعامل مع المشكلات البيئية التي يتعين عليها التعامل معها، وكذلك التي يمكنها التعامل معها".
مع ذلك، فإنه يسمح للموظفين باختيار ما إذا كانوا يريدون العمل في هذه المشاريع، فلسفة أسست لأول مرة في التسعينيات عندما تولت شركة أر إس كيه عملا مثيرا للجدل في القطاع النووي.
يبدو رايدر عمليا بالمثل فيما يتعلق بمسألة كيفية إدارة شركة بهذا التنوع في الوقت الذي تستمر فيه في النمو بسرعة، حيث يجيب بأنها تقوم على الثقة بـ200 من كبار المديرين الذين لا يخشون تحديه، على حسب قوله.
تحولت شركة أر إس كيه عن مسار النمو من قبل. اندلعت الأزمة المالية في 2008 وكادت أن توقف طموحاته التوسعية. تضاعف حجم المجموعة ثلاث مرات، من 300 إلى 900 موظف، "وبدا كل شيء وكأنه يشهد نموا مطردا". كان هناك إدراج عام محتمل يلوح في الأفق. قضت الأزمة المالية على تلك الخطة، وأدت إلى أزمة نقدية وأجبرت على تقليص النفقات وتسريح الموظفين. يتذكر رايدر ضغوط قيادة المجموعة "عندما لم يكن لدينا ما يكفي من النقود في المصرف للدفع للموردين في الوقت المناسب (...) كان ذلك صعبا حقا، عندما تتلقى مكالمات من شركة الهاتف المحمول التي تريد إيقاف تشغيل هاتفك إذا لم تدفع الفاتورة".
استمتعت أيضا بوقتي في جامعة أبردين وربما كان بإمكاني الانتقال إلى الأوساط الأكاديمية والبقاء مشاركا في تقييم الأثر البيئي وتخطيط المشاريع الكبرى.
بعد أكثر من 30 عاما ومع هذه الخطط التوسعية الطموحة، لا يظهر رايدر أي علامات على التفكير بالتقاعد. إنه أكبر مساهم في المجموعة بـ40 في المائة من الشركة، مع امتلاك الموظفين معظم النسبة المتبقية. ماذا عن خطط الخلافة؟ جاوب رايدر في البداية مراوغا بشكل مازح "الحقيقة، أنا خالد"، لكنه اعترف في النهاية أنه ترك اسم خليفة محتمل في ظرف.
أما بالنسبة إلى الخضوع لعملية استحواذ على شركته، فإنه يعتقد أنه "سيفقد كثيرا من الأصدقاء" ولن يهنأ له النوم ليلا إذا باع الشركة. في 2017، في منتجع للقادة في كلية الإدارة، سأل كبار المديرين التنفيذيين عما إذا كان يجب على شركة أر إس كيه البيع لمصلحة شركة منافسة إذا أتيحت لها الفرصة. "رفع شخص ما يده وقال، اسمع، يا آلان، سيكون من السهل علينا الحصول على وظيفة في إحدى تلك الشركات الكبيرة الأخرى، وإذا أردنا العمل لديها، فسنذهب ونعمل لديها. لذلك نحن نعمل هنا في أر إس كيه لأنك، ونحن متميزون عنها. لذا، كما تعلم، لا نريد ذلك".
يضيف، "أحيانا نحصل على عروض لكن لم ترق لي لأنني أعتقد أنه لا يزال هناك الكثير الذي يتعين علينا القيام به". سيأتي جزء كبير من النمو المستقبلي من الاستحواذ، وبعضها من الأفكار التي يتم إنشاؤها داخليا. على مر الأعوام، تمكن طاقم العمل اللامع من إقناع رايدر بإضافة "أوراق الزنبق"، بما في ذلك شركة سكاي فيجين إنترناشونال التي تقدم مراقبة خطوط الأنابيب الجوية منذ 1994، إلى شركة نيتشر بوزيتف التي تقدم خدمات لتقييم التنوع البيولوجي اليوم. يقول، "ما لا تريد القيام به هو أن تلتفت إلى شخص وتقول، لا، شكرا، كما تعلم، هذه فكرة رائعة، لكنها لا تناسبنا". أود أن أقول للناس، إنها فكرة رائعة. نود مساعدتكم".
عندما سئل عن خطر خروج شركة أر إس كيه ببساطة عن نطاق السيطرة، أجاب رايدر بشك حقيقي، "لماذا قد ترغب في منع النمو؟" إنه لن يحاول الاستحواذ على شيء بعيد جدا عن أعمال شركة أر إس كيه الحالية، بحيث لن تكون هناك فرصة للاتحاد مع شركة مختلفة في المحتوى. لكن بخلاف ذلك، يبدو أن طموح رايدر، مثل العائلة التي تجمع الخزف، لها حدود قليلة و"إذا امتلأت البركة، فعليك التفكير في الحصول على بركة أكبر".
ثلاثة أسئلة إلى آلان رايدر
من بطلك في القيادة؟
أجد صعوبة في تحديد بطل قيادة واحد، لكن هناك ثلاثة أبطال يتبادرون إلى الذهن، إرنست شاكلتون، ونستون تشرشل ومارجريت تاتشر. نجح الثلاثة جميعا عندما تراكمت الاحتمالات ضدهم، البحث بلا هوادة عن حلول للمشكلات، وتحدي الوضع الراهن، وكسر الحواجز في السعي إلى تحقيق مثلهم العليا.
ما أول درس تعلمته في القيادة؟
إنها عملية معقدة. يأتي النجاح نتيجة للعمل الجاد، والأيام الطويلة والبدايات المبكرة. عليك أن تعمل في غرفة المحرك وكذلك على الجسر، وعليك أن تقود من الأمام ولا يمكنك أن تتوقع من الآخرين أن يفعلوا شيئا لن تفعله بنفسك. أهم شيء، إذا ساءت الأمور - تحمل، واستمر في العمل. اعثر على حل، ولا تستسلم. كن على دراية تامة بالأرقام - لا يمكنك قيادة شركة إذا لم تكن على دراية بالأموال اليومية وتصب تركيزك على التكلفة.
ما الذي كنت ستقوم به لو لم تكن تدير شركة أر إس كيه؟
أعتقد أنه من المحتمل جدا أن أكون أعمل في إحدى الشركات التي أصبحت الآن جزءا من مجموعتنا، وربما حتى أديرها. في صيف 1981 و1982، كانت وظيفتي الصيفية مع "إيه دي إيه إس" - شركة استشارية زراعية تم إنشاؤها في الأصل بعد الحرب العالمية الثانية لدعم المزارعين. يمكنني أن أتخيل أنني لو لم أذهب للحصول على درجة الدكتوراه، فربما كنت قد تقدمت بطلب للحصول على وظيفة في شركة إيه دي إيه إس. من الواضح أنني لم أتمكن من مقاومة فرصة شراء إيه دي إيه إس عندما أتيحت الفرصة في 2016.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES