FINANCIAL TIMES

وداعا للهاتف الذكي .. شباب يفضلون العالم الحقيقي على الافتراضي

وداعا للهاتف الذكي .. شباب يفضلون العالم الحقيقي على الافتراضي

هذا الأسبوع، في إعلان مفاجئ، حذفت ابنتي تطبيق تيك توك من على هاتفها. بعد فترة من التفكير قررت أن التطبيق "مضيعة حقيقية للحياة".
على حد علمي، لم يكن هناك ما يدفعها لاتخاذ هذا القرار. لكنه قد يكون قرارا حتميا في شهر نحاول فيه تحسين ذواتنا. كان قرارا اتخذه آخرون من مجموعة أقرانها ممن شعروا أنهم مرتبطين بهواتفهم بشكل مشابه. معا، تخلوا عن منصة التواصل الاجتماعي – والرقص المشترك والنكات والتصفح الإدماني اللانهائي.
قرارهم بالانفصال عن منصة التواصل الاجتماعي في أعماق الشتاء، بدا شجاعا بعض الشيء. بالتأكيد لا يوجد في كانون الثاني (يناير) شيء أفضل من الاستلقاء على السرير ومشاهدة غرباء يتحدثون عن محتويات ثلاجاتهم؟ لكن، يكفي! لقد قررت. حان وقت إنهاء ذلك، فقد استحوذ تيك توك على حياتها لوقت طويل وأرادت تحرير نفسها.
بالنظر إلى مدى هوسنا بالوقت الذي يقضيه أطفالنا أمام الشاشات، شعرت بالفضول لرؤية ما سيحدث بعد ذلك. هذا الجيل من المراهقين هم أول دفعة من الجيل الرقمي الذين تعرضوا للأجهزة الذكية منذ كانوا أجنة. نتيجة لذلك، أجد نفسي متأكدة تماما أن استخدامها لهاتفها يتوافق مع المتوسط لجميع الأطفال: وفقا لاستطلاع أجرته منظمة كومون سينس ميديا غير الربحية في الولايات المتحدة، بلغ متوسط استخدام الأجهزة اليومي بين الأطفال ما قبل المراهقة في الولايات المتحدة خمس ساعات و33 دقيقة، بينما سجل المراهقون متوسطا مذهلا وصل إلى ثماني ساعات و39 دقيقة.
من غير المستغرب أن الأرقام ارتفعت أثناء الإغلاق عندما طور الأطفال، وهم عالقون في المنزل، اعتمادا أكبر على هواتفهم.
كان من المرجح أن تقضي ابنتي، فتاة من أسرة ذات دخل مرتفع، وقتا أقل بالفعل على هاتفها. لكنها بدت بالنسبة إلي مدمنة كأي طفل آخر.
سمحت لها بذلك أغلب الوقت، لأن وقتي أمام الشاشة كان مراقبا بصرامة في طفولتي (ساعتان أمام التلفاز في الأسبوع، وكانت المسلسلات الميلودرامية الطويلة والتلفزيون التجاري ممنوعين، وجدول مشاهدة مخطط مشار إليه عبر نسخة من مجلة راديو تايمز). لذلك ملت نحو عدم التدخل ـ لا أزال أشاهد حلقات متتالية لعدة ساعات، إذا تم تركي دون مراقبة، ولدي عادة قضاء وقت أمام الشاشة تجعل أمي تنتحب.
لقد حاولت عدم ترسيخ عدد من التحفظات بشأن عادات ابنتي في قضاء الوقت أمام الشاشة. أنا أكسل من أن أتجادل حول ما إذا كانت قناة ديزني مدمرة للعقل ـ هي كذلك بالفعل. حصلت على أول هاتف ذكي لابنتي عندما كانت كبيرة بما يكفي لتذهب إلى المدرسة بمفردها، ومنذ ذلك الوقت اتبعت سياسة عدم التدخل بشدة. أفحص تنزيلاتها فقط إذا كنت سأدفع مقابل ذلك، لكنني تخليت عن وضع حدود لوقتها أمام الشاشة منذ زمن. في الأغلب، أنا ممتنة لاختراع الهواتف الذكية. أثناء الإغلاق، حمدت الله أنه كان باستطاعتها التواصل مع أصدقائها بسهولة.
قد يكون التخلص من منصات التواصل الاجتماعي نتيجة مباشرة لتلك الفترة من الاعتماد على الهواتف. إنها إدراك لحقيقة أن العالم الحقيقي – دون رقابة أو مشاركة أو إشراف – قد يكون أكثر متعة في الواقع. على الرغم من أن التخلص من تيك توك ليس إلا أصغر المبادرات – فهي لا تزال مولعة بيوتيوب وسناب شات، كالأطفال في ذلك الاستطلاع – أشعر بأن الشباب يفقدون حبهم للهواتف الذكية ببطء.
أعضاء "نادي لودوت" (مجموعة من المراهقين قرروا التخلص من هواتفهم لأنها تستهلك وقتا كبيرا من حياتهم) تعهدوا، حسبما أوردت صحيفة "نيويورك تايمز" الشهر الماضي، بالتخلص من وسائل التواصل الاجتماعي. النادي أسسه لوجان لين، طالب في المرحلة الثانوية في نيويورك. يجتمع رافضو التكنولوجيا هؤلاء، المقيمون في بروكلين، في الوقت نفسه أسبوعيا ويتوجهون إلى حديقة بروسبكت للقراءة والرسم والحديث عن السياسة وقضاء الوقت على أرض الواقع. استبدل عديد منهم الهواتف البسيطة القابلة للطي بهواتفهم الذكية. بعضهم تجنب امتلاك هاتف بالكامل.
يقول أعضاء النادي إن حالة من اليقظة حلت عليهم: أصبحوا يقرؤون لدوستوفسكي ويتحدثون مع والديهم ويتعلمون ملاحظة ما حولهم. المثير للاهتمام أن الآباء هم من كانوا متفاجئين من قرارهم قطع الحبل السري أخيرا. تعودوا على التواصل المستمر مع أبنائهم، لكنهم لا يعرفون مكانهم بالتحديد الآن.
عندما قرأت عن المجموعة أول مرة شعرت بانزعاج شديد من فطنة المراهقين المزعجة هذه، لكن سرعان ما خف الشعور وتحول إلى احترام على مضض. في وقت يوجد فيه العالم في متناول أيدينا، يعد رفض الهاتف الذكي حركة معارضة للثقافة تماما. ما يبعث على الأمل أيضا أن أعضاء هذا الجيل الشاب المشوش العقل، الذي أذهلته الهواتف، قد يكونون قادرين في الحقيقة على تنظيم استخدامهم لهواتفهم الذكية بأنفسهم.
ربما يجب علينا مقاومة احتمال أن الجيل زد أكثر تطورا رقميا، بدلا من أن نحوم حول أطفالنا ونصبح مهووسين بذلك. وجودهم الدائم على منصات التواصل الاجتماعي قد يجعلهم في علاقة صحية ـ أكثر منا ـ مع هواتفهم.
الأكثر أهمية من ذلك، بينما توجهت إلي ابنتي: أحذف تيك توك أنا أيضا؟ أتمزحين معي، كما أجبتها وأنا أتصفح محتوى جديدا من كيت بلانشيت. أعمل بجد لأضيع حياتي.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES