FINANCIAL TIMES

مساع أوروبية لتنشيط سوق التوريق الراكدة

مساع أوروبية لتنشيط سوق التوريق الراكدة

على مدى 15 عاما أعقبت اتهام ممارسة تجميع القروض بإشعال الأزمة المالية العالمية، شهدت أسواق التوريق في أوروبا حالات فجر كاذب أكثر من عمليات الإنقاذ التي شهدتها البنوك الأوروبية.
يتطلع خبراء الصناعة الآن إلى خطوة أولى تسفر عن نتيجة مختلفة هذا الأسبوع، حين يصوت البرلمان الأوروبي على إجراء تقول البنوك إنه يمكن أن يعزز بشكل كبير السوق الخاصة بتجميع الأصول في أدوات استثمارية وبيع شرائح منها على شكل أوراق مالية.
سيطلب من السياسيين في الاتحاد الأوروبي، الثلاثاء، دعم تغيير في اللوائح المصرفية يقلل بمقدار النصف الزيادة في رأس المال على التوريق الذي كان سيحدث بموجب قوانين رأس المال الجديدة. هذا الشرط الذي تم إلحاقه أخيرا بحزمة تنظيم رأس المال المصرفي الكبيرة التي شقت طريقها عبر الهيئة التشريعية للاتحاد الأوروبي، يعد إجراء لمعالجة إحدى الشكاوى الرئيسة للبنوك الأوروبية حول كيفية عمل نشاط التوريق.
يمكن استخدام عمليات التوريق لبيع حصة اقتصادية لكل شيء، بدءا من مشاريع البنية التحتية إلى القروض قصيرة الأجل. بالنسبة للبنوك يعد التوريق أداة سيولة يمكنها تقديم قروض جديدة من الأموال التي يدفعها مستثمرو التوريق. وهي أيضا وسيلة لتقليل المخاطر، حيث يتم تقاسم حالات التخلف عن السداد المحتملة بين البنك، الذي يجب أن يحتفظ بما لا يقل عن 5 في المائة من الفائدة الاقتصادية للمحفظة المورقة، وبين المستثمرين.
من الناحية النظرية، إذا كانت البنوك معرضة بشكل أقل للخسائر، فعليها أن تخصص رأسمالا أقل من أجل مواجهتها. لكن البنوك الأوروبية تقول إن لوائحها تتطلب في بعض الحالات قدرا كبيرا من رأس المال لدعم الشرائح التي تحتفظ بها، كما لو كان يتعين عليها التخصيص لدعم المحفظة بأكملها. واعتمادا على كيفية تقسيم الصفقة، وكيفية تقييمها من قبل المنظمين الأوروبيين، يمكن أن يؤدي توريق المحفظة إلى زيادة متطلبات رأس المال لتلك القروض، حسبما ذكر شخص ينتمي لإحدى جماعات الضغط في بنك كبير في الاتحاد الأوروبي.
حتى المسؤولين في منظمة آلية الاستقرار الأوروبية اعترفوا بعد الأزمة المالية بأن "الاتحاد الأوروبي ربما تبنى أيضا قوانين محاسبية واحترازية أكثر تطلبا من الولايات المتحدة". إذن، لا عجب أن البنوك الأوروبية كانت خجولة في الدخول إلى السوق، مقارنة بنظيراتها في الولايات المتحدة، حيث التكاليف والتعقيد أقل من الأسواق الأوروبية المجزأة. في 2022، كان حجم سوق التوريق الأوروبية يعادل 8 في المائة فقط من حجم سوق الولايات المتحدة، مقارنة بـ85 في المائة في 2008.
الاقتراح الذي تم عرضه على البرلمان الأوروبي الثلاثاء -قدمه النائب الفرنسي جيل بوير كإجراء مؤقت- يعالج تحديات التوريق في أوروبا بطريقة فعالة، لكنه مجرد مجهود منفرد ضمن دفعة أوسع تصدرت أجندة صانعي السياسة الأوروبيين.
في وقت سابق من هذا الشهر، كتبت وزارتا المالية الفرنسية والألمانية إلى المفوضية الأوروبية تحثان المسؤولين على دعم مجموعة من الإجراءات، التي تدعم سوق التوريق، بما في ذلك "إعادة ضبط" معالجة رأس المال للبنوك، وإجراء تغييرات في القوانين من شأنها أن تسهل على شركات التأمين الاحتفاظ بحصص في أدوات التوريق، وإصلاح قوانين الإفصاح المرهقة، التي تجعل المعاملات أكثر تكلفة.
ذكرت الورقة أن "التوريق أداة أساسية لا تستخدم حاليا إلا ما ندر لتمويل الاقتصاد الحقيقي وإدارة المخاطر المصرفية"، معتبرة هذه القضية "بالغة الأهمية" لاتحاد أسواق المال في الاتحاد الأوروبي.
دعم المفوضية الذي يقول مراقبو بروكسل إنه مرجح، يعد أمرا مهما. وأي تأجيل يقره البرلمان الثلاثاء يجب أن يتم الاتفاق عليه مع المفوضية ومجلس الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. الإصلاحات المستقبلية الأخرى، بما فيها "المراجعة الشاملة للإطار التنظيمي للتوريق"، التي تدعو إليها ألمانيا وفرنسا على المدى الطويل، ستحتاج إلى اتفاقيات مماثلة.
تعززت الآمال في التغيير من خلال تقرير صدر في كانون الأول (ديسمبر) عن هيئات الرقابة المالية في الاتحاد الأوروبي أقر بأوجه القصور في إطار عمل التوريق، بما في ذلك معالجات رأس المال المصرفي، حتى إن أوصى بانتظار الحصول على توجيه عالمي بشأن الحلول.
يجادل مؤيدو الإصلاح بأن الاتحاد الأوروبي يحتاج إلى تحركات أسرع من تحركات الولايات المتحدة لأن البنوك الأمريكية تفرغ معظم قروضها العقارية في وكالات مدعومة من الدولة ومثل هذه الوكالات غير موجودة في أوروبا. كما يمكن أن يؤدي تشديد السياسة النقدية إلى جعل التوريق أكثر جاذبية ومصدرا للتمويل تمس حاجة البنوك إليه.
ثم هناك عامل آخر يبشر بالتغيير هو مرور الوقت بعد الأزمة المالية لعام 2007/ 2008، عندما تعرضت سمعة التوريق للتشويه. كانت تلك الذكريات لا تزال حية عندما قامت أوروبا بأول جهد لإحياء الأسواق في 2014. يقول أحد أعضاء جماعات الضغط المخضرمين عن المزاج السائد في بروكسل الآن: "لقد حدث تراجع قليل بمرور الوقت". هذا بالتأكيد ما تأمله البنوك.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES