FINANCIAL TIMES

منصات «اقتصاد الشغف» تشد الحزام وسط التراجع التكنولوجي

منصات «اقتصاد الشغف» تشد الحزام وسط التراجع التكنولوجي

اضطرت الشركات الناشئة التي كانت ناجحة ذات يوم، التي تخدم المبدعين والمؤثرين عبر الإنترنت، إلى تقليص النفقات بشكل مؤلم، حيث سرحت الموظفين وتخلت عن خطط جمع الأموال استجابة للتراجع في قطاع التكنولوجيا.
تعد منصة العضوية باتريون وخدمة الرسائل الإخبارية سبستاك من بين تلك المنصات التي حصلت على تقييمات كبيرة بفضل مركزها في طليعة الاتجاه العالمي، الذي يضم فنانين ومشاهير وكتابا، يسعون إلى بناء علاقات مباشرة مع المعجبين والاستفادة منها.
أندريسن هورويتز، أحد كبار مستثمري رأس المال المغامر في وادي السيليكون، أطلق على هذه الشركات أنها جزء من "اقتصاد الشغف"، حيث تقدم الخدمات، والمنتجات والبنية التحتية التي تسمح للمبدعين بالاستفادة من قاعدة معجبيهم ومتابعيهم الضخمة عبر الإنترنت.
ارتفع الاستثمار في هذا القطاع من 1.4 مليار دولار في 2020 إلى 3.3 مليار دولار في 2021، وفقا لمنصة توفير البيانات ديل رووم. لكن هذا الرقم انخفض 75 في المائة في 2022 إلى 801 مليون دولار، مع تزايد قلق المستثمرين بشأن التقييمات ذات الزبد في شركات التكنولوجيا الخاصة.
أخبرت شركة باتريون، التي ضمنت تقييما يبلغ أربعة مليارات دولار في 2021، "فاينانشيال تايمز" بأنها ستتخلى عن خطط إدخال مدفوعات العملات المشفرة وأجلت الطموحات السابقة لطرح عام أولي.
قال جوليان جوتمان، كبير مسؤولي المنتجات في "باتريون"، "من الواضح أن البيئة الاقتصادية الأوسع قد تغيرت بشكل كبير. لسنا محصنين من ذلك، لذا يجب علينا تغيير كيفية عملنا".
من جانبها، قالت شركة سبستاك، الخدمة الإخبارية التي حظيت باهتمام كبير وبلغت قيمتها 650 مليون دولار في آذار (مارس) 2021، لـ"فاينانشيال تايمز"، "إنها تخلت عن الخطط قريبة الأجل لجمع مزيد من المال لدعم أعمالها".
"لم تعد خطتنا لتنمية سبستاك تتضمن جمع الأموال كعنصر ضروري خلال العملية. ستكون لدينا خطة تقضي باستخدام الإيرادات من الأعمال المتنامية لتمويل الاستثمارات التي نحتاج إليها خلال ذلك"، كما قال كريس بيست رئيسها التنفيذي.
اضطرت مجموعات التكنولوجيا الأخرى إلى الاستجابة لأزمة التمويل والتراجع الاقتصادي لإعادة التركيز على تحقيق إيرادات مستقرة، بدلا من إنفاق مزيد لتحقيق نمو أسرع.
أعلنت "تويتش"، خدمة بث ألعاب الفيديو المملوكة لشركة أمازون، خططا لاقتطاع جزء أكبر من مدفوعات الاشتراك لبعض أكبر قنوات البث فيها العام المقبل.
تمثل تحركات شركات اقتصاد الشغف هذه إعادة ضبط التوقعات لقطاع حظي بكثير من الاهتمام في السابق. في نيسان (أبريل) 2021، قادت شركة تايجر جلوبال جولة تمويل بقيمة 155 مليون دولار لشركة باتريون، مقرها سان فرانسيسكو، التي قيمت الشركة بمبلغ أربعة مليارات دولار، ارتفاعا من 1.2 مليار دولار في جولة سابقة قبل ستة أشهر فقط.
تأخذ المنصة، التي تأسست في 2013 على يد الموسيقي جاك كونتي والمطور سام يام، ما بين 5 إلى 12 في المائة من المدفوعات المباشرة التي يدفعها المعجبون للمبدعين.
وفقا لأحد كبار الموظفين السابقين في "باتريون"، فإن الشركة "كانت تسبح في المال وكان الناس يتوسلون لاستثمار مزيد"، مضيفا أن الشركة "كانت تفرض الجدول الزمني والشروط. وكان يقال للمستثمرين (إذا كنت ترغب في الاستثمار، فقدم طلبك هنا)، وهذا شيء لم أشهده من قبل".
قال موظفون سابقون "إن الصفقات المكونة من ستة أو سبعة أرقام لتشجيع نجوم منصة تيك توك مثل المؤثر لاراي في إنشاء حسابات على منصة باتريون التي تقدم محتوى حصريا فشلت في تحقيق العائد المتوقع".
سرحت الشركة نحو نصف فريق الشركاء المبدعين البالغ عددهم 18 شخصا، المسؤول عن إدارة المؤثرين عبر الإنترنت والتوقيع معهم، كجزء من التسريح الأوسع بنسبة 17 في المائة من قوتها العاملة في أيلول (سبتمبر).
قال أحد الموظفين السابقين في "باتريون"، "السمعة التي تلاحقهم هي أن المنصة للفنانين المتعثرين. لقد أرادوا تغيير هذا المنظور عبر ملاحقة أكبر المبدعين في الاقتصاد الإبداعي. الحقيقة هي أن ذلك لم ينجح حقا".
كما واجهت "سبستاك" صعوبة في 2022، حيث تخلت عن جولة لجمع الأموال في أيار (مايو)، ما أدى إلى خفض 14 في المائة من موظفيها البالغ عددهم مائة شخص في حزيران (يونيو)، ومواجهة مغادرة الصحافيين والناشرين البارزين -مثل النشرة الإخبارية السياسية ديسباتش والأكاديمية جريس لافري- للموقع.
مع ذلك، تواصل الشركة جذب الاهتمام. غرد إيلون ماسك مالك تويتر، في كانون الأول (ديسمبر) قائلا "إنه منفتح على فكرة شرائها" بعد أن قررت تويتر إغلاق خدمة الرسائل الإخبارية ريفيو.
قالت "سبستاك"، "إن استحواذ ماسك ليس شيئا نفكر فيه في الوقت الحالي. نصب تركيزنا بشكل كامل على بناء سبستاك".
كما تواجه شركات اقتصاد الشغف تهديدا أوسع هذا العام: انخفاض إنفاق المستهلكين. يخطط ثلث الأشخاص الذين يستخدمون اشتراكا مدفوعا بما في ذلك المدفوعات للمبدعين، لخفض الإنفاق في الأشهر الستة المقبلة، وفقا لشركة أبحاث السوق منتيل.
تتيح خدمات مثل شركة نتفليكس للمشاهدين الوصول إلى مجموعة واسعة من المحتوى مقابل سبعة جنيهات استرلينية شهريا. على النقيض من ذلك، يمكن لمشتركي "باتريون" أو "سبستاك" دفع المبلغ نفسه مقابل الوصول إلى محتوى منشئ واحد.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES