FINANCIAL TIMES

انخفاض العقار وارتفاع الفائدة.. معضلة تقاعد أمام الملايين

انخفاض العقار وارتفاع الفائدة.. معضلة تقاعد أمام الملايين

أصبح كل شيء أكثر غلاء في أيامنا هذه - بما في ذلك تكلفة التقاعد.
إن ارتفاع الأسعار وارتفاع الفواتير أديا إلى رفع مستوى الدخل الأدنى الذي ستحتاج إليه لأبسط دخل تقاعدي بـ20 في المائة تقريبا مقارنة بالعام الماضي، وفقا لجمعية المعاشات التقاعدية ومدخرات العمر.
حتى إذا كان أي زوجين متقاعدين يقتصدان في سبيل ادخار المال دون قضاء العطلات في الخارج، ودون اقتناء سيارة، ويتناولان وجبة واحدة في الشهر خارج البيت وأنفقا أقل من 100 جنيه استرليني في الأسبوع على البقالة، فسيحتاجان الآن إلى ما لا يقل عن 20 ألف جنيه استرليني سنويا. هذا على افتراض أنهما سددا أقساط الرهن العقاري بالكامل.
مع ارتفاع أسعار الفائدة على القروض العقارية وزيادة الفترة الزمنية للقروض، فإني أتساءل، كم منا سيستطيع تحقيق هذا الهدف في المستقبل؟
إذا كانت مدخراتك التقاعدية قد تقلصت في العام الماضي "ومن منا لم يتعرض لذلك؟"، فربما شعرت بالراحة من حقيقة أن أسعار المساكن كانت ثابتة.
مر وقت طويل منذ أن تلقيت إحدى تلك الرسائل من وكلاء العقارات التي تقول، "لقد بعنا للتو منزلا في شارعك بسعر أعلى مما تحلم أن منزلك يستحقه".
حتى لو لم تكن تخطط للبيع، فإن هذا التعزيز النفسي والشعور بالرضا الذي يأتيك من ارتفاع قيمة منزلك قد تحول إلى شعور بالرهبة. فهذه القيمة التي جمعتها أصبحت على وشك الانهيار بسبب انخفاض أسعار المنازل، ولزيادة الطين بلة، من المقرر أن ترتفع تكاليف الرهن العقاري الشهرية للملايين من الناس مع توقعات بحدوث موجة من التخلف عن السداد.
يشير أكثر وكلاء العقارات تفاؤلا إلى أنه حتى إذا حدث انخفاض 20 في المائة في أسعار المساكن فإن ذلك سيعيدنا إلى مستويات ما قبل الجائحة. ومع ذلك، فإنها ستخفض نسب القرض إلى القيمة لـ1.4 مليون من المقترضين الذين من المقرر أن يقوموا بإعادة تمويل رهنهم العقاري بسعر فائدة ثابت في 2023.
لكن أصحاب المنازل الأصغر سنا، من الذين يمتلكون قيمة أقل، سيجدون أن هذا سيؤثر في سعر الفائدة الذي يمكنهم الحصول عليه.
بالنسبة إلى الأشخاص الذين يمكنهم الحصول على أفضل أسعار الفائدة، فإن الانتقال من 2 في المائة إلى صفقة بنسبة 6 في المائة على رهن سداد بقيمة 250 ألف جنيه استرليني سيكلف المقترضين ما يقارب 500 جنيه استرليني إضافية شهريا، على أساس مدة 25 عاما.
لكن بالنسبة إلى أولئك الذين لديهم قروض عقارية بالفائدة فقط، فإن القفزة ستكون أكثر من 800 جنيه استرليني. أمر مؤلم! وما زالت تواجههم مشكلة كيفية سداد رأس المال.
يقول المستشارون إن هذا بدأ يتسبب في مشكلات لمن يعتمد على الممتلكات لزيادة معاشاتهم التقاعدية.
جاري سميث، مخطط مالي معتمد في إيفيلين بارتنرز، لديه عميل يملك محفظة من ستة عقارات اشتراها لغايات التأجير، وكلها ممولة برهون عقارية ذات الفائدة فقط التي تنتهي صلاحيتها في وقت لاحق من هذا العام.
قال، "إنهم يجنون حاليا 24 ألف جنيه استرليني سنويا من دخل الإيجار، بعد احتساب تكاليف الفائدة على الرهن العقاري وقبل خصم الضرائب". لكن بناء على أسعار الفائدة الحالية، من المرجح أن ينخفض هذا المبلغ إلى أربعة آلاف جنيه استرليني فقط بعد إعادة التمويل.
قد يجد القراء صعوبة في التعاطف كثيرا مع أصحاب العقارات الذين يشترون عقارات لغايات التأجير، لكنني قلق من عواقب ذلك على المستأجرين حيث سيحاول أصحاب العقارات تمرير هذه التكاليف المرتفعة إليهم، وربما سيخفضون إنفاقهم على صيانة ممتلكاتهم.
يقول سميث إنه عندما كانت الفوائد منخفضة، كان هناك اتجاه آخر شائع وهو الحصول على رهن عقاري دون فوائد على المسكن الرئيس لشراء منزل ثان في بلد آخر. يقول، "على الرغم من أن ذلك كان يعد أسلوب حياة وليس قرارا استثماريا، قد يجبر الناس الآن على بيع منازلهم المخصصة لقضاء العطلات من أجل سداد هذه القروض بسبب زيادة أسعار الفائدة".
أسهم الرهن العقاري في تمويل حلم التقاعد لعديد من الذين يفتقرون إلى معاش بدخل لائق، لكن المستشارين يقولون إن أزمة تكلفة المعيشة تسببت في ظهور بعض المشكلات.
يستخدم سميث مثالا لزوجين قاما برهن منزل عائلتهما. قال، "عند وفاة الزوج الأول، هل سيكون للشريك الذي ما زال على قيد الحياة دخل كاف لتغطية فواتير الطاقة وضريبة البلدية لعقار بحجم كبير؟ حتى إذا تم تجميع الفائدة مع انخفاض أسعار العقارات، فقد يكون هناك القليل جدا من القيمة المتبقية إذا أراد الشريك بيع العقار والانتقال إلى العيش في منزل أصغر حجما".
إن اجتماع عاملي ارتفاع أسعار الفائدة وانخفاض أسعار العقارات يعني أيضا أن أولئك الذين يفكرون في الرهن العقاري في المستقبل سيكون أمامهم وقت أقل بكثير قبل أن تنخفض قيمة ملكيتهم الخاصة بسبب رسوم الفائدة.
ما دمنا نتحدث عن القرارات المالية غير الحكيمة، ماذا عن تقليص استثماراتك لتصبح بلا رهن عقاري بسرعة أكبر؟
إذا كانت اتفاقية الرهن العقاري الخاصة بك على وشك الانتهاء، فقد تميل إلى استخدام مدخراتك لسداد جزء كبير من الثمن.
يقول أندرو ويلر، رئيس تطوير أعمال الشراكة في آر بي سي بريوين دولفين، إنه يستطيع فهم الاضطرار للقيام بهذا - على الرغم من أن الاستثمار يوفر إمكانات أفضل لتحقيق عوائد طويلة الأجل.
قال، "إن أسعار فوائد الودائع المصرفية لا تعكس أسعار الرهن العقاري، كما يخشى كثير من الناس أن يستمر التضخم وأسعار الفائدة في الارتفاع".
"إضافة إلى ذلك، ينظر الناس إلى المستقبل ويشعرون بالقلق بشأن تسريحهم لزيادتهم عن حاجة العمل. فبالنسبة إلى كثيرين، يبدو أن سداد مبلغ مقطوع وتقليل تكاليفهم الشهرية المعتادة وكأنه الشيء الصحيح الذي يجب فعله - خاصة عندما تمر الأسواق بأزمة".
كما أخبرني المستشارون أيضا أن عملاءهم يقتطعون مبالغ كبيرة من معاشاتهم التقاعدية ليس فقط لسداد قروضهم العقارية، بل أيضا لدفع قروض منازل أبنائهم البالغين. يقول سميث إن البعض منهم يفكرون في بيع استثماراتهم من أجل ذلك.
حسب ما تم تناقله، يقول ويلر إن عملاء بروين لا يتوقون إلى سداد رهون أبنائهم العقارية، لكنهم يدركون أنهم قد يصبحون "مقرضي الملاذ الأخير لهم" إذا تحولت سوق العمل نحو الأسوأ.
سواء لسداد جزء كبير من هذا الدين أو ببساطة للتعامل مع المدفوعات الشهرية بعد ارتفاعها، تجب إعادة موازنة الميزانيات - وستكون المدخرات والاستثمارات في مرمى النيران.
اعترفت إحدى القارئات هذا الأسبوع بأنها تحول مبلغ 40 ألف جنيه استرليني الذي تدفعه عادة إلى معاشها التقاعدي الشخصي المستثمر ذاتيا لسداد جزء من قرضها العقاري. لم أكن مضطرة لإخبارها بالأسباب التي قد تجعلها تحجم عن فعل ذلك - فقد كانت تعرف ذلك تماما، لكنها لم تستطع التغلب على غريزتها بأن ذلك كان يعد أفضل طريقة لاستخدام أموالها.
قد يكون هذا غير منطقي، لكنه قد يساعدها على "النوم مستريحة البال في الليل". لكن كيف يمكن للناس أن يزنوا قراراتهم بطريقة أكثر عقلانية؟
يقول سميث، "جزء كبير من ذلك يعتمد على رغبتك في المخاطرة، ومدى اقترابك من التقاعد. إذا كنت تعتقد أنه يمكنك تحقيق عائد على استثماراتك يفوق فائدة رهنك العقاري، فمن المنطقي أن تستمر في الاستثمار. لكن إذا كان لديك محفظة منخفضة المخاطر وأفضل أمل لك هو تحقيق 3 إلى 4 في المائة، فمن المحتمل أن يكون إعادة توجيه بعض هذه الأموال لسداد الديون هو الحل الأفضل لك".
الآلية الوحيدة الأخرى التي يمكنك الاستفادة منها، هي العمل لفترة أطول. هناك وسم يظهر بشكل متكرر في المنتديات عبر الإنترنت المخصصة للتقاعد المبكر وهو #OMYS يعني "متلازمة عام آخر" حيث يصف الأشخاص الذين وصلوا إلى وضع مالي يجعلهم يعتقدون أنهم يستطيعون التوقف عن العمل، لكنهم مع ذلك يشعرون بالحاجة إلى الاستمرار في العمل.
هل هذا الأمر غير منطقي أم معقول؟ بينما ننتظر لمعرفة إلى أي مدى يمكن أن تنخفض أسعار العقارات والمدى الذي يمكن أن ترتفع إليه أسعار الفائدة، فإنني أؤيد ذلك تماما.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES