ما هدف الطرح للاكتتاب العام؟

يقوم كثير من الشركات الخاصة، خصوصا العائلية بطرح أسهمها للاكتتاب العام، لزيادة رأسمالها، مقابل إشراك المساهمين في ملكية الشركة، ولكن في الغالب يحافظون على ملكية الجزء الأكبر من الشركة والتحكم في قراراتها. والسؤال الذي يبرز في الذهن، ما سبب إقدام ملاك شركة خاصة على طرح أسهمها في سوق المال؟
قد تختلف الأسباب والنتيجة واحدة، من الأسباب زيادة رأس المال من أجل تمويل النمو المستقبلي والتوسع في الاستثمارات، أو الرغبة في الاستحواذ على شركات أخرى، أو توفير سيولة لمؤسسي الشركة والمساهمين الأصليين ومستثمري رأس المال الجاري، أو لتسديد ديون متراكمة! وهناك من يهدف إلى رفع قيمة الشركة وتعزيز سمعتها في السوق من خلال حوكمتها ضمن الشركات المدرجة في سوق المال، ومن ثم زيادة الثقة والمصداقية فيها، ما ينعكس على اطمئنان الآخرين للتعامل معها ومن ثم الاستفادة من الأفضلية في عقد شراكات وإبرام عقود.
هذه هي الأهداف النبيلة، ولكن يضاف إليها ممارسات بعض الشركات التي تسعى إلى التكسب على حساب المساهمين وتحقيق ما يعادل قيمة الشركات الحقيقية، ما ينعكس على قلة الاهتمام بمستقبل الشركة من قبل الملاك الأساسيين على الرغم من ملكيتهم معظم أسهمها، لأنهم قبضوا ثمنها من خلال الاكتتاب العام.
ومن المؤسف أن تقوم جهات التقييم بالمبالغة في سعر السهم إلى أكثر من عشرة أمثال القيمة الاسمية، بما يفوق شركات عملاقة في السوق، مثل سابك ومصرف الراجحي وغيرهما. والأمثلة كثيرة، فمن المؤسف أن هذه الممارسات تتكرر عاما بعد آخر! منها القديمة مثل الحكير والخضري والطيار والسريع، ومنها شركات جديدة طرحت للتداول خلال الأسبوعين الماضيين مثل شركة كابلات الرياض، وشركة السيف، وشركة لوبريف، إذ شهدت أسعار أسهم هذه الشركات انخفاضا كبيرا خلال الأيام الأولى للتداول تتجاوز 20 في المائة من سعر الاكتتاب، ما يعود إلى سببين، الأول أن تكون السوق في حالة انخفاض، ما يبرر انخفاض سعر السهم عن سعر الاكتتاب، ويمكن قبول ذلك إذا كان الانخفاض محدودا، والثاني أن يكون تقييم الشركة أعلى مما تستحق بناء على أدائها، وهذا هو الأرجح!
وهنا أرى أنه لا يكتفى بوضع عبارة بين السطور، تحمل المساهم مسؤولية قرار الاكتتاب، لسبب واحد، وهو أن معظم صغار المستثمرين يضعون ثقتهم بهيئة سوق المال، ويؤمنون بشفافيتها، وحرصها على الموافقة فقط على الشركات التي تعد إضافة نوعية للاقتصاد الوطني، وذلك لافتقارهم لمعرفة إجراءات تقييم أداء الشركات. ولعله من المهم أن تتضمن شروط الموافقة على الطرح إلزام الشركة بالربحية خلال الأعوام السابقة للطرح.
أخيرا أقترح لمزيد من الشفافية قبل الطرح الأولي أمرين، أولهما الإفصاح عن سجل الشركة منذ تأسيسها لمعرفة مراحل رفع رأس المال، وعما إذا كان رفع رأس المال من أجل تضخيم قيمتها قبل الطرح، والثاني، الإفصاح عن اسم الشركة أو الجهة التي قامت بدراسة الوضع المالي للشركة وتقييمها وتدقيق بياناتها المالية، لكي يكون المساهم على بينة من أمره، إضافة إلى ذلك، أقترح تعديل شرط الحد الأدنى لنسبة الطرح في السوق المحددة من 30 في المائة من أسهم الشركة، إلى ما لا يقل عن 40 في المائة، وذلك من أجل الحد من التحكم في قرارات الشركة من قبل الملاك الأساسيين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي