دور الحضانات تدر أرباحا على مجموعات الأسهم الخاصة
بين وكلاء العقارات والمخابز الراقية في منطقة هايجيت، تقع حضانة إن فاميلي كلوب التي سرعان ما أصبحت أحد أكثر الأماكن المرغوبة في شمال لندن خلال النهار. فيها يستمتع الأعضاء بتناول ثلاث وجبات يوميا، وتتوافر لهم مساحة مخصصة للإبداع، وحدائق ذات مناظر طبيعية وديكورات اسكندنافية راقية. كما أن جميع الأعضاء تحت سن الخامسة.
بدعم من مستثمري الأسهم الخاصة جريشهام هاوس وستين جروب، أصبحت حضانة إن فاميلي كلوب الآن من أكبر مقدمي الرعاية للأطفال في المملكة المتحدة، وفقا لخبراء القطاع في "نيرسري ورلد". مع طموح الحضانة للنمو من خلال افتتاح 80 فرعا بحلول 2025، فهي تعد واحدة من عدد من السلاسل سريعة النمو تغير وجه قطاع المدارس المخصص للأعوام الأولى في إنجلترا الذي يعاني التشتت وعدم الاستقرار المالي.
يأتي نمو حضانة إن فاميلي وسط أزمة في رعاية الأطفال. حيث تسببت الإعانات الحكومية الضئيلة لمقدمي الخدمات في سوق غير مخطط لها بكفاحهم من أجل البقاء على أقدامهم، كما أن أجور الموظفين منخفضة، بينما يواجه الآباء أعلى رسوم لرعاية الأطفال في أوروبا تقريبا.
مع ذلك، وجدت المجموعات الربحية الكبيرة وداعمو شركات الأسهم الخاصة فرصة سانحة فيها، حيث زادوا من عمليات الاستحواذ ورفعوا من حصتهم في قطاع تهيمن عليه في العادة سلاسل شركات صغيرة. قال المستثمرون إن ذلك سيجلب مزيدا من الأموال والابتكار والكفاءة للقطاع.
لكن بعض المالكين وأولياء الأمور والموظفين يخشون من أن وجود شركات دولية ذات رافعة مالية عالية، في كثير من الأحيان، على رأس مسؤولية رعاية الأطفال سيؤدي إلى زيادة التكاليف والإضرار بالجودة وإغلاق دور الحضانة في المناطق المحرومة، إضافة إلى تركها في وضع مالي غير مستقر.
قال سام فريدمان، المستشار السابق في وزارة التعليم والمؤلف المشارك لورقة بحثية نشرت أخيرا حول رعاية الأطفال من إعداد معهد أبحاث السياسة العامة: " هذا هو أكثر الجوانب المثيرة للقلق حقيقة أنه لا توجد لدينا سوق خاضعة للإدارة". ويخشى فريدمان من أن تؤدي الملكية الخاصة الموسعة إلى تحويل التمويل إلى ربح ولخدمة الدين.
قال أيضا: "نحن نضخ كثيرا من أموال الدولة في هذا القطاع بينما هم يأخذون كثيرا من الأموال".
ارتفعت عمليات الاستحواذ في قطاع الحضانات خلال الأعوام الخمسة الماضية، رغم الاضطرابات الاقتصادية في المملكة المتحدة. ووفقا لشركة الوساطة كريستي آند كو، كانت هناك زيادة 50 في المائة في شركات الحضانة التي بيعت في النصف الأول من العام الجاري.
توسعت أكبر السلاسل، وهي برايت هورايزونز وبيزي بيز لتشمل أكثر من 300 حضانة لكل منهما وتصبحا أكبر مزودتي خدمة في البلاد. نمت السلاسل الجديدة المدعومة بشركات الأسهم الخاصة سريعا مثل إن فاميلي كلوب وفاميلي فيرست وكيدز بلانيت، التي تضاعف عددها تقريبا في العام الماضي لتصل إلى 142 موقعا، رغم أن إجمالي حصتها السوقية من مجمل 27 ألف موقع على مستوى البلاد لا يزال ضئيلا.
حجم الفرصة كبير. حيث قال آرون كانوار، المستشار في شركة كيرنيجل الاستشارية، إن أكبر 20 شركة لدور الحضانة زادت طاقتها 37 في المائة منذ 2016، لكنها ما زالت تشكل 15 في المائة فقط من إجمالي السوق. إذ إن نصف جميع دور الحضانة مستقلة وتملكها العائلات.
تقوم بعض مجموعات الأسهم الخاصة باستخدام استراتيجية "التجميع"، حيث تقتنص مجموعات الاستحواذ الشركات الصغيرة المستقلة، عادة باستخدام أموال الديون، وتجمعها سوية في كيان عملاق ذي اقتصادات ضخمة في هذه الصناعة. وهم يأملون من ذلك أن يتمكنوا في النهاية من بيع هذه المجموعة الموسعة بتقييم إجمالي عال.
يعتقد كانوار أن الاندماج سيؤدي إلى تحسين الجودة، لأن المجموعات الأكبر توفر في التكاليف العامة وتشارك الموارد وتجذب الاستثمار. قال: "تتوافر في المملكة المتحدة إحدى أفضل خدمات رعاية الأطفال في العالم ويمكن القول إنها لم تكن لتحقق ذلك لولا الابتكار واستثمارات القطاع الخاص فيها".
لكن بالنسبة إلى الآخرين في القطاع، فإن دور الشركات المساهمة الخاصة في دمج القطاع يقتضي وجود تدقيق أوثق. حذر تقرير صادر من جامعة كلية لندن هذا العام قطاع الحضانات من خطر "التضرر" من قبل المجموعات الكبيرة التي "لم تكن بالضرورة" قد أنشأت حضانات جديدة أو أعادت استثمار مزيد من الأموال، مضيفا أن نسبة الديون المرتفعة تعرض مقدمي الخدمة "لخطر الانهيار".
قالت شيريل هادلاند، مؤسسة حضانة توبس داي نيرسريز، التي تدير ما يقارب 30 موقعا في جنوب غرب إنجلترا، إن المستثمرين يتواصلون معها "مرتين أو أكثر في الشهر". لكنها دائما ترفض البيع، قائلة إن الاستثمار يأتي مع التزام بدفع مستويات عالية من الفائدة على الديون - وهي أموال يمكن إنفاقها على الموظفين أو المعدات.
قالت: "هذه الأموال الطائلة تعني أن هوامش الربح الضئيلة للغاية بالفعل قد تآكلت، لذلك لا يمكنك الاستثمار في الموظفين أو الصيانة".
كانت ملكية مجموعة بيزي بيز لدور الحضانة تنتقل بين الأسهم الخاصة وأصحاب الشركات لأكثر من عقدين. وبعد أن أصبحت مملوكة الآن لذراع الأسهم الخاصة لمؤسسة خطة معاشات المعلمين في أونتاريو، تبلغ ديونها نحو 7.5 أضعاف أرباحها، وفقا لتقرير من وكالة موديز الشهر الماضي. صنفت الوكالة هذا الدين بتصنيف بي 3 - "أي إنه مضارب وعرضة لمخاطر ائتمانية عالية".
بينما قالت بيزي بيز إن نسبة الرافعة المالية، محسوبة باستخدام مقاييس مختلفة، بلغت 4.1 ضعف أرباحها.
تركت هذه الديون المجموعة، التي بلغت أرباحها الأساسية 178 مليون جنيه إسترليني في 2021، أمام فاتورة بقيمة 29 مليون جنيه إسترليني لسداد الفوائد على القروض المصرفية والسحب على المكشوف.
قالت مجموعة بيزي بيز إنها في "وضع مالي قوي"، إضافة إلى اتباع "استراتيجية تحوط شاملة" تحميها من ارتفاع أسعار الفائدة. ومنذ أن اشترت خطة معاشات المعلمين في أونتاريو السلسلة في 2014، ارتفعت نسبة دور الحضانة التي عدتها أوفستيد "متميزة"، كما ارتفعت نسبة مفتشية المدارس من 19 إلى 35 في المائة.
قالت أيضا: "لقد تحسن حجم وجودة خدماتنا بشكل أكبر من خلال الاستثمار الكبير للخبرات ورأس المال من قبل مؤسسة خطة معاشات المعلمين في أونتاريو".
يعمل مقدمو الخدمات مثل مجموعة بيزي بيز فيما يسميه جوش هيلمان، مدير التعليم في مؤسسة نافيلد فاونديشن "شبه سوق تستخدم الموارد العامة". وتتلقى مجموعة من مقدمي الخدمات التطوعية والقطاع الخاص بعض الدعم الحكومي من خلال ساعات دراسية مدفوعة الثمن للأطفال الذين تراوح أعمارهم بين ثلاثة وأربعة أعوام. لكن هذا لا يغطي التكلفة الحقيقية للمكان، لذلك تعتمد دور الحضانة على بعض الآباء بالدفع أكثر عن الأطفال الأصغر سنا، أو الساعات الإضافية أو بعض "الإضافات" مثل وجبة الغداء.
قال هيلمان إن المشكلة تكمن في المناطق التي لا تستطيع العائلات فيها تحمل تكلفة تلك الإضافات. في حين أن بعض مقدمي الخدمات التطوعية يدعمون دور الحضانة المحرومة بالدخل من المناطق الأكثر ثراء، إلا أن السوق التي تهيمن عليها المجموعات الربحية من غير المرجح أن توفر أماكن توجد فيها الحاجة لكن لا توجد فيها الأموال. أشار هيلمان إلى أن "الشركات المساهمة الخاصة لا تساعد على تحويل المخصصات إلى الأطفال الأكثر حرمانا. فهي لا تجد سببا للقيام بذلك".
قال بيتر باخمان، المدير العام للاستثمار المستدام في جريشهام هاوس، إن حضانة إن فاميلي كلوب تستهدف الأهالي الأكثر ثراء، بينما يأتي 5 في المائة فقط من دخلها الآن من الإعانات الحكومية. مع ذلك، تهدف المجموعة إلى زيادة هذه النسبة مع التركيز على بناء دور حضانة جديدة.
كما تظهر أحدث حسابات المجموعة أنها أنفقت 1.8 مليون جنيه إسترليني على شكل تكاليف تمويل وفوائد - أي ما يعادل خمس فاتورة أجورها البالغة عشرة ملايين جنيه إسترليني - وقد حصلت أخيرا على ديون جديدة بما في ذلك قرض بمعدل فائدة يبلغ 10 في المائة. قال باخمان إن هذا سيستخدم لتمويل عمليات الاستحواذ، وإن مستوى الديون لحضانة إن كان "معتدلا". كما أطلقت المجموعة أيضا مخططا للمنح المالية لتقديم مقاعد دراسية ممولة بالكامل للأطفال الذين حددتهم السلطات المحلية بأنهم الأكثر احتياجا.
بينما يعتقد كانوار أن نطاق تقديم خدمات رعاية الأطفال الواسع سيلبي متطلبات السوق المتنوعة وأنه يجب الإشادة بالقطاع الخاص لجلب الاستثمار لأن الحكومة لم تفعل ذلك.
لكن الشكوك ما زالت تراود البعض الآخر. فمع زيادة حصة الشركات المساهمة الخاصة في السوق، يعتقد فريدمان أن الوقت ضيق للتفكير في الخيارات الأخرى قبل أن يصبح كبار مقدمي الخدمة جزءا لا يتجزأ من النظام.
قال: "يبدو الآن أن هذه هي اللحظة التي إذا لم نتحرك فيها فستتدهور الأمور. سيكون من الأفضل لنا القيام بذلك الاندماج من خلال الدولة".