إعادة تفعيل البنك الدولي «1 من 2»
إن البنك الدولي على أعتاب تحول كبير. تدفع حكومات مجموعة العشرين بقيادة الولايات المتحدة البنك الدولي على زيادة دعمه لمكافحة تغير المناخ، علما أنه بعد أن أصدرت لجنة مستقلة أنشأتها مجموعة العشرين حول كيفية تحديث السياسات المالية للبنك، توصياتها للاستجابة بشكل أسرع للأزمات العالمية، منح المساهمون البنك الدولي مهلة حتى عيد الميلاد لعمل خريطة طريق للإصلاح التشغيلي.
إن البنك الدولي في حاجة ماسة إلى التغيير، حيث يجب أن يستخدم قوته المالية الهائلة بشكل أكثر كفاءة من أجل حشد مستثمري القطاع الخاص، وإعادة توجيه موارده نحو تحقيق التنمية المستدامة والأولويات العالمية الأخرى. لكن الإصلاحات لن تكون فاعلة إلا إذا عالج مساهمو البنك أسباب تردد الدول منخفضة ومتوسطة الدخل على العمل معه.
إن من الأسباب التي تعكس مشكلات إدارة البنك في الاستجابة إلى احتياجات البلد المقترض، بطء عملية الموافقة على القروض والصرف. يشير أحدث البيانات المتاحة، إلى أن البنك الدولي يحتاج في المتوسط إلى أكثر من عامين للتعامل مع عملية منح قرض وذلك من البداية حتى أول عملية صرف للأموال، كما يمكن أن تكون فترة الانتظار أطول بكثير لمشاريع البنية التحتية المعقدة.
إن رتم التنفيذ الضعيف هو في الأساس نتيجة للضغط الذي يمارسه المساهمون الحكوميون من غير المقترضين - وهم أنفسهم تحت ضغط الهيئات التشريعية ومنظمات المجتمع المدني - لتطبيق معايير وإجراءات صارمة وموحدة على الجميع فيما يتعلق بجميع عمليات البنك الدولي. بالنسبة إلى الدول المتلقية للقروض، ولا سيما في العالم النامي، فإن هذا يعني التأخير الذي يثير الإحباط.
إن من المؤكد أن البنك يجب أن يحافظ على معايير عالية للغاية. إن الفحص الدقيق يجعل المشاريع أكثر فاعلية واستدامة وكفاءة. لكن البيروقراطية المرهقة للبنك تتجاوز مراقبة الجودة. عادة ما يتضمن التقدم بطلب للحصول على قرض زيارات متعددة للدولة المعنية بالقرض، تتطلب كل منها عدة أيام من الجهود المبذولة من قبل فرق من المسؤولين الحكوميين المرهقين بسبب كثرة العمل، وفي بعض الأحيان تكون المراجعة المعقدة والمطولة للإجراءات المتعلقة بالضمانات البيئية والاجتماعية أكثر صرامة من تلك التي يتبناها مساهمو البنك الأثرياء في دولهم.
تتطلب الموافقة على المشروع التحضير والمناقشات المطولة والموافقة من قبل عديد من إدارات البنك بما في ذلك مجلس الإدارة. أما أثناء تنفيذ المشروع، فيجب على الدول تخصيص كثير من الوقت لتقديم تقارير دورية عن التقدم الذي يتم إحرازه فيما يتعلق بالمشروع بما يخدم بيروقراطية البنك مع أن فائدة تلك التقارير لتلك الدول محدودة للغاية.
فهل من المفاجئ إذن أن أي دولة نامية بحاجة إلى تمويل قد تفضل توقيع عقد مع بنك التصدير والاستيراد الصيني على سبيل المثال؟ حيث يمكن أن يتحرك المشروع على الفور، ويمكن للبلد المتلقي أن يتجنب مسؤولي البنك الدولي الذين قد يميلون إلى الغطرسة في بعض الأحيان. ربما قد تكون تكلفة القرض أكثر قليلا، لكن المسؤولين المنتخبين في الدول النامية يتعرضون لضغوط هائلة لتحقيق إنجازات لشعوبهم وتسريع الأمور.
يدرك مسؤولو البنك الدولي جيدا هذه المشكلات وقد حاولوا الضغط من أجل التغيير علما أنه في مرحلة مبكرة للغاية وبالتحديد في 2000 أنشأ البنك الدولي قوة مهام خاصة لمعالجة شكاوى المقترضين، ولا سيما فيما يتعلق بالضمانات والقواعد الائتمانية. لكن بينما اتخذ البنك خطوات مترددة لتبسيط عملياته على مدى العقدين الماضيين بما في ذلك أدوات إقراض مبسطة جديدة قائمة على النتائج، وموافقة مجلس الإدارة على بعض المشاريع على أساس المخاطر، كانت النتائج متواضعة، حيث بالكاد قام البنك بتحسين الجدول الزمني لدفعاته بين 2013 و2017، وتوقف بعد ذلك عن الإبلاغ عن هذه الأرقام بشكل تام - وهي علامة واضحة على الأولويات المؤسسية... يتبع.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2022.