«ذا منيو» .. الموت على نار هادئة مع نكهات قاتلة

«ذا منيو» .. الموت على نار هادئة مع نكهات قاتلة
مشهد من الفيلم.
«ذا منيو» .. الموت على نار هادئة مع نكهات قاتلة
بوستر العمل.

عندما يتم ذكر كلمة "منيو"، دون سابق إنذار وقبل أن يرف لنا جفن، يتراءى أمامنا ما لذ وطاب من أطباق معروضة بألوانها الزاهية على قطعة كرتونية يقدمها لنا نادل أنيق. إنها الصورة نفسها الشبيهة التي تمر في شريط مخيلتنا عندما نسمع بفيلم "ذا منيو" The menu، لكن عندما نستغرق في مشاهد الفيلم وأحداثه ندرك وجه الشبه بينه وبين "قائمة الطعام"، فهو يتضمن وجبة تم طهيها على نار موت هادئة مع نكهات قاتلة، فندرك أن أمامنا على الشاشة وجبة متكاملة مفعمة بلمسات دموية لكنها كوميدية، مع رشة من المفاجآت على الأحداث التي تدور رحاها بين طاقم ممثلين بقيادة رالف فينيس في أفضل حالاته، فيقدمون لنا وجبة درامية إجرامية، ولا ينسون في الختام تقديم تحلية حلوة، لكنها متفجرة، ستبقى شظاياها عالقة في أذهان الجمهور لفترة طويلة لدرجة قاتلة.

قصة خاصة وخلفية مختلفة

تبدأ أحداث الفيلم برحلة بحرية إلى إحدى الجزر المنعزلة والخاصة، في تلك الجزيرة يدير جوليان سلويك الشيف الشهير مطعمه الخاص المعني بتقديم المأكولات الراقية لمجموعة من الأشخاص، تبدو البداية طبيعية بصورة واضحة، لكن مع تسلسل الأحداث ستكتشف أن "المألوف" كلمة بعيدة كل البعد عن أحداث الفيلم.
فعلى متن يخت صغير تنطلق المجموعة المكونة من 12 شخصا، وهم في الأغلب شخصيات راقية وغنية تملك القدرة على دفع 1250 دولارا لخوض هذه التجربة المكلفة، كل شخص من المجموعة يحمل قصة خاصة وخلفية مختلفة، رجال أعمال، ناقدة طعام، متذوق، إضافة إلى شخصية وصلت عن طريق الصدفة المحضة.

أحداث غير مألوفة

يتميز العمل بأحداثه غير المتوقعة، لن تستطيع تخيل المشهد التالي، حيث اعتمد الكاتب على منهجية مختلفة في بناء الشخصيات، لكن النهاية كانت مثيرة بصورة غريبة وغير مألوفة، ولا ننسى الأداء القوي لجوليان سلويك صاحب شخصية الشيف، الذي قام بتأديته الممثل رالف فاينس، الذي تميز بملامحه الباردة وشخصيته الحادة والناقمة.
ومن الناحية الإخراجية، يمثل الفيلم نقطة تحول من حيث البناء القصصي والحبكة السينمائية، ويمتاز بكونه قابلا للتفسير بأشكال مختلفة، حيث حرص المخرج مارك ميلود، أحد مخرجي مسلسل "صراع العروش" الشهير، على إبراز لمسة من الرعب والعنف والإثارة، إضافة إلى الكوميديا السوداء بصورة مختلفة تماما، وهو ما جعل الفيلم فريدا بكل المقاييس.

مغزى الفيلم

يحمل الفيلم عديدا من الإسقاطات الرمزية، لكنه وجه بشكل عام إلى عالم صناعة المأكولات الراقية، هنالك حيث تحول الطعام من عنصر غذائي مهم لاستمرار البشرية إلى مادة رأسمالية تصنع وتصمم لتناسب احتياجات النخبة الثرية، لن تخفى عليك التهكمية والسخرية مع سرد أحداث الفيلم. ويبدو أن الأطباق التي قدمت للمجموعة تحمل في طياتها عديدا من القصص والرمزيات وحتى العبثية، وهو أمر امتاز به عالم المأكولات الراقية في الفترة الأخيرة.
استعرض الفيلم صراع الطبقية المتوحش، فالشيف وموظفو المطعم هم الطبقة العاملة، والزوار يمثلون النخبة الثرية، أما الشيف جوليان سلويك فهو رجل المرحلة، الذي يحاول أن يثأر من الجميع وحتى من نفسه، خصوصا في ظل تحوله من طباخ وشيف محب لعمله إلى عامل وجد لتلبية رغبات النخبة الثرية بصورة مشينة.
هذا ويتعامل الفيلم - الذي يقوم ببطولته كل من رالف فينيس، وآنيا تايلور جوي، ونيكولاس هولت - مع عديد من القضايا المحورية بطريقة لا بد أن تترك المرء مفتونا. هذا وأدت إحباطات صناعة الخدمات والانتقام الواضح إلى تمهيد الطريق لحطام قطار ممتع، بطبيعة الحال، فإن المعجبين حريصون على معرفة كيف تم تصور الحبكة، وهل ألهمت أحداث الحياة الواقعية صانعي الأفلام، أم أن القصة خيالية؟

هل الفيلم مستمد من قصة حقيقية؟

في الواقع لا يستند الفيلم إلى قصة حقيقية، جاءت فكرة الفيلم لويل تريسي كاتب السيناريو أثناء زيارته هو وزوجته بيرجن في النرويج، عندما أخذ قاربا إلى مطعم فاخر في جزيرة خاصة، ثم أدرك أنهم عالقون أو محاصرون في الجزيرة، حتى يتم الانتهاء من الوجبة. فأثناء قضاء شهر العسل في النرويج، كان ويل مصرا على إيجاد أفضل المطاعم لتهدئة روحه المحبة للطعام. من خلال البحث، تعرف على مطعم يقع على جزيرة خاصة على بعد نصف ساعة من البر الرئيسي. كان معروفا بتقديمه خمس دورات من شأنها أن تصبح شمالية بشكل متزايد مع تقدم الليل. على ما يبدو، عندما وصل إلى المطعم ورأى القارب يغادر، كان قلقا بشأن ما قد يحدث بعد أن تم عزلهم عن العالم. وعلى الرغم من خوف ويل المتزايد بشأن الطعام اللذيذ، لم يستطع جانب الكاتب أن يساعده إلا في التمسك بمفهوم المطعم والذعر الذي أحدثه فيه. بعد عودته إلى الولايات المتحدة، اتصل بسيث الذي التقاه أثناء عمله في شركة أونيون، وكانت الفكرة هي إعادة إحياء خوف ويل وإبراز كيف يمكن أن تأخذ الليلة الفخمة المتوقعة منعطفا مظلما.

عودة «ميلود» إلى الشاشة الكبيرة

يشكل هذا الفيلم سببا في إعادة المخرج مارك ميلود إلى السينما بعد انقطاع دام لأكثر من عشرة أعوام، ركز خلالها على العمل في المسلسلات، وأخرج عديدا من الأعمال المهمة أبرزها "لعبة العروش". وفي هذا السياق كشف مخرج الفيلم، في حوارات صحافية، أنه ابتعد عن السينما لأنه أراد أن يخرج من المنطقة الآمنة التي يجيد العمل فيها، وهي الكوميديا، لذا بحث في المسلسلات عن أفكار مختلفة أكثر جرأة، وعندما قدم إليه سيناريو The Menu شعر بأنه جاهز للعودة إلى السينما من خلال هذا النص، رغم صعوبة أن يقدم عالما عن كواليس المطابخ، وهو الأمر الذي لا يعلم عنه كثيرا، لكنه وجد أن هناك بعض التفاصيل الجذابة، خاصة الحس الكوميدي الخفي في النص.

إيراداته تتجاوز 33 مليون دولار في أيام

لا يزال فيلم The Menu الذي ينتمي إلى قائمة أفلام الكوميديا السوداء، ناجحا مع عرضه في دور العرض العالمية، حيث وصلت إيراداته إلى 33 مليون دولار، وذلك منذ طرحه في 18 نوفمبر حول العالم، وانقسمت الإيرادات بين 18 مليونا و670 ألف دولار في دور العرض الأمريكية، و14 مليونا و800 ألف دولار في شباك التذاكر العالمي. أما التقييمات، فقد حصل على تقييم متوسط من قبل النقاد العالميين، وصل إلى 89 في المائة من قبل 55 ناقدا عالميا من خلال موقع التقييماتRotten Tomatoes.

الأكثر قراءة