FINANCIAL TIMES

للمستثمرين المتمرسين .. لا بديل عن الأصول البديلة

للمستثمرين المتمرسين .. لا بديل عن الأصول البديلة

ما البدائل المتاحة للمستثمرين في فترة الأزمات؟ تعاني الأسواق العامة أسوأ هبوط لها منذ جيل أو أكثر. وفي مثل هذا الاضطراب الواسع تقدم الأسواق الخاصة استثمارا جذابا.
لكن هذا المسار محفوف ببعض المحاذير نظرا إلى المخاطر الحقيقية الناجمة عن إضفاء الطابع الديمقراطي على الأسواق الخاصة للمستثمرين الأفراد.
لكن بالنسبة إلى المستثمرين المتمرسين، ومن بينهم المكاتب العائلية والأثرياء والعملاء من المؤسسات، لا يوجد بديل عن الأصول البديلة مثل الأسهم الخاصة وصناديق التحوط. فقد أصبح التنويع في المحافظ الاستثمارية أمرا ضروريا لجعلها مرنة.
أسعار الفائدة في جميع أنحاء العالم آخذة في الارتفاع، والتضخم يحوم حول أعلى مستوياته منذ عقود، كما أن التوترات الجيوسياسية تشغل بال المستثمرين كثيرا. وقد تم تخصيص مساحات كبيرة للمقالات من أجل التنبؤ بالتداعيات، ومع ذلك فهي تكشف عن وجود تراجع وتشير إلى المكان الذي نوجد فيه، حتى الآن، يعد 2022 هو الأسوأ منذ 1932 بالنسبة إلى المحافظ المنقسمة مناصفة، بين السندات والأسهم الأمريكية.
نظرا إلى أن عالم العائد المنخفض أفسح المجال لبيئة عالية التقلب خلال العقد الماضي، بدأ التركيز يتحول نحو حماية رأس المال على المدى الطويل. ففي الفترة بين 2015 و2021 ارتفعت الأصول البديلة من سبعة تريليونات دولار إلى 15 تريليون دولار على مستوى العالم. الأصول التي كانت ذات يوم استراتيجيات استثمار متخصصة، أصبحت اليوم سائدة ويمكن أن تولد عوائد عالية على المدى الطويل.
من الجوانب السلبية التي يجب على المستثمرين التعامل معها يبرز العجز في السيولة. مع ذلك، فإن تحولا بسيطا في المفاهيم يمكن أن يصوغ ذلك بأسلوب مختلف. يمكن أن يضيف العجز في السيولة قيمة خلال الدورات المتقلبة. ويمكن للأصول الخاصة حماية المستثمرين من تحيزاتهم "غير الواعية في بعض الأحيان"، ما يؤدي إلى حبسها لدورة كاملة أو لفترة أطول من ذلك وتخليصهم من مغريات البيع خلال أدنى مستوى لمؤشر أسعار السوق.
مدى وشدة ومدة الانكماش العالمي - مقترنا بنهاية عصر الأموال الرخيصة - يعد مصدر قلق طبيعي، لأن الأصول الخاصة تتطلب التزامات طويلة الأجل. في الأغلب ما يتم ذكر التقييمات في الأصول الخاصة بأنها رياح معاكسة أخرى، تميل إلى التخلف عن السوق لمدة تصل إلى ستة أشهر، وفي الأغلب ما تفتقر إلى الشفافية وتكون عرضة للدورات الاقتصادية بسبب مستويات الديون.
مع ذلك، في خضم الأزمة المالية العالمية، عانت الأسهم الخاصة خسائر أقل من الأسواق العامة. وعادت إلى القيمة التي كانت عليها قبل الأزمة في غضون عامين فقط، وهي نقطة كانت فيها أسواق الأسهم العامة لا تزال منخفضة 20 في المائة. لم يكن ذلك لمرة واحدة - تظهر بيانات باين كونسالتينغ أن المستثمرين في عمليات شراء الأسهم الخاصة العالمية تفوقوا باستمرار على متوسطات المدى الطويل في الأعوام التي أعقبت تراجعا ملحوظا.
ومع ارتفاع تكلفة الاقتراض يشعر المستثمرون بالقلق، بشكل مفهوم، من أن أركان العائد المرتفع في سوق الديون، التي تستخدم عادة لتمويل عمليات الاستحواذ، قد تصبح باهظة الثمن ونادرة. لكن مع انخفاض أسعار الفائدة خلال العقد الماضي، ظلت تكاليف تمويل الاستحواذ ثابتة عند 6-7 في المائة. ووفقا للمنطق نفسه، قد يبقون محصنين بعض الشيء ضد ارتفاع الأسعار، على الرغم من أن الحد الأدنى لفوائد التمويل هو بالتأكيد عنصر من الماضي.
معظم الأصول الخاصة هي بطبيعتها استثمارات طويلة الأجل. وقد شهد العام الماضي ذروة في دورة خروج الأسهم الخاصة من الاستثمارات. وعلى المدى القصير ستكون الاكتتابات العامة الأولية صعبة بسبب معاناة الأسواق العامة. أما في الأوقات الجيدة فقد فتحت المعاملات بين الصناديق المختلفة لمديري الأسهم الخاصة طريقا للسيولة. وبينما توجد مخاوف بشأن ما يعده بعضهم لعبة كراسي موسيقية، فمن المهم التفريق بين حالات صفقات "تمرير الطرود" وتلك الشركات التي تجتذب رأس المال من أجل الابتكار أو استراتيجيات الشراء والبناء التي تدعمها فرق إدارة إعادة تخصيص رأس المال.
ولأن الصناعة تشهد إقبالا على الجودة، فمن المرجح أن يقلص المستثمرون الصناديق التي يدعمونها، والبقاء مع شركاء موثوقين لديهم القدرة على جلب الصفقات وإيجاد القيمة.
يجب على شركات الأسهم الخاصة أن تبحث عن طرق جديدة لإيجاد القيمة من خلال تحسينات تشغيلية خاصة تركز على التحول في الطاقة والرقمنة. في هذه البيئة ذات التضخم المرتفع، يستهدف المستثمرون اتجاهات النمو طويلة المدى والأصول الحقيقية مثل العقارات - التي كانت عبر الزمن تحوطا ضد التضخم. ومن الأمثلة على ذلك فرصة إعادة استخدام المباني القائمة لجعلها صديقة للبيئة أكثر، ومساعدة المستثمرين على الوفاء بالتزاماتهم المتعلقة بالبيئة والعوامل الاجتماعية والحوكمة.
لا تعد الأسواق الخاصة مناسبة لمن لا يلتزم الحذر، كما يجب على المرء أن يدرك أن احتمال تحقيق عوائد أعلى تأتي على حساب العجز في السيولة. لكن مقابل كل تلك الفوائد هناك عيوب واضحة. يعد التضخم وعدم اليقين الجيوسياسي من المسائل المهمة، وإن لم تكن كلها سلبية. في الواقع، يمكن أن يؤدي تبني الاتجاه وزيادة التخصيص للبدائل إلى تحقيق عوائد أعلى وتقلب أقل في المحافظ الاستثمارية.

*شريكة إدارية في شركة بيكتيت جروب

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES