Author

فهم الموظف وإدارة التوقعات

|

هناك دائما مسؤوليتان عند كل موظف، تنفيذ العمل بالشكل الحالي، وتطوير العمل الحالي وتحسينه بشكل مستمر. هذا المتوقع والسائد، توجد بعض الاستثناءات لكن يندر جدا أن تجد موظفا يمنع من تطوير عمله أو تغيير ملامح عمله، ربما يحصل ذلك في بعض الوظائف الدنيا أو الفنية. القيام بالعمل المعتاد ليس أمرا سهلا. في البداية، ينبغي أن يبنى على فهم جيد ومهارة مناسبة، ثم يحدث على وتيرة واحدة، بطريقة متزنة، وألا يتدنى عن المستوى السابق. أسوأ ما قد يواجه المسؤول هو موظف لا يسيطر على أبجديات مهامه الأساسية. التحسين والتطوير على نطاق الأعمال اليومية ليس عملا إضافيا أو مسؤولية ممنهجة تحدث فقط عند إدارات التحسين المستمر المتخصصة، من الجميل وجود اهتمام تنظيمي بهذا الدور، لكنها تظل من صميم عمل الموظف.
لكن ماذا يحصل على أرض الواقع؟ هناك تحد ضخم يرتبط بإدارة التوقعات. يعبر كثيرون عن صعوبة فهم المهام المسندة إليهم، وهذه المسؤولية تقع في المقام الأول على المنشأة. حتى حين يكون هناك وصف وظيفي دقيق تنتج عنه مهام قابلة للتحديد بشكل جيد، تستمر في الأغلب مشكلة إدارة التوقعات. على سبيل المثال، قد يرى الموظف أن إتمام المهمة يعني تنفيذها على الورق، أو تنفيذ الأمر بشكل ينهي الإجراء من طرفه، فهو في نظره مكتمل ومغلق ما دام تم تسليمه إلى الإدارة المعنية الأخرى. هذا صحيح نسبيا لكن هناك دائما مسؤوليات مرتبطة بدقة التواصل بين الإدارات، حتى لو تم إكمال العمل يظل الإجراء الكامل من البداية حتى النهاية هو الأساس والأولوية للمنظمة. من مسؤوليات الموظف أن يكون عنصر بناء ومساهما في إنهاء المهمة الكلية التي يشارك فيها. لهذا تجد دائما مهارات التواصل شرطا أساسيا في معظم الوصوف الوظيفية ـ إن لم يكن جميعها.
كذلك، يعتقد البعض أن نقل العملية أو الملف إلى مديره بعد ما أكمل قائمة "التشييك" المطلوبة أو المتطلبات النظامية، يعني اكتماله. لكن، هناك دائما ملامح نوعية للجودة الخاصة بما ينتجه الموظف من خدمات. على سبيل المثال، يعتقد الموظف المستلم للأعمال في إدارة جديدة بأن مرجعه في فهم هذه الملامح هو ما يحصل سابقا من زملائه السابقين، ويعتقد آخر بأن المعايرة مع السوق مثلا هي الأساس، وكل له منظوره حسب طبيعة العمل. لكن في الحقيقة كل هذه المراجع استرشادية، المستندات التي توضح الأدوار والإجراءات لن تكون تفصيلية بما يكفي، ولن تكون محدثة بشكل مستمر. تستند المعالجات التي يقوم بها الموظف على حسه المهني، وعلى معرفته، وعلى مهاراته وعلى التوقعات داخل المنشأة. وهذه كلها أمور قابلة للمراجعة والتحسين، وقبل ذلك تتطلب الفهم الجيد. هذا الفهم يقوم على معرفة موقع الإجراء من بقية الإجراءات، وعلى مدى تأثير هذه المدخلات النوعية في غيرها من الخطوات. أحيانا قد يكون ما يحدث سابقا ضعيفا جدا من نواحي الجودة، حتى ما يفعله المنافسون لن يحقق المستهدف، لهذا، العودة إلى مرجعيات العمل السابق أو السوق تصلح للاسترشاد والتقييم وليست أساس التقويم. في كل مجال وعمل هناك كم هائل من الأمثلة التي تنطبق على هذا الأمر، منها ما يرتبط بمتطلبات التحليل السابق وفهم المعطيات والمدخلات، ومنها ما يرتبط بتنسيق المهام مع الغير ومواءمة التوقعات، ومنها ما يرتبط بالقدرة على إعادة تأكيد المعلومات بعد معالجتها، ومنها ما يرتبط بفهم الموظف سلوكه الإنتاجي. على سبيل المثال، النقطة الأخيرة تدور حول التحليلات التي يمكن القيام بها لفهم جودة العمل المنتج، كمياته، وتعثراته، ومدى مساهمته في تحقيق الهدف من الإجراء الكلي. هذا أمر أساسي في دورة التنفيذ والمراجعة ثم التنفيذ.
المسؤولية المرتبطة بفهم الأبعاد المختلفة لأداء الأعمال ليست محصورة على الموظف، لكنها ليست مسؤولية المنشأة فقط. هي مسؤولية الفريق، تبدأ من الموظف حتى أعلى مسؤول في دائرة الإجراء أو مجموعة الإجراءات المرتبطة معا. من الطبيعي القول إن المسؤولية تزيد كلما ارتقى الموظف في مستواه الوظيفي. وجود إدارات متخصصة لمعالجة هذه الجوانب أمر رائع وضروري، سواء كانت متخصصة في إدارة الإجراءات والجودة أو التميز المؤسسي أو التطوير التنظيمي أو غير ذلك. لكن بوجود هذه الإدارات أو بعدم وجودها يظل هذا الدور مطلبا مهما ومستمرا من كل موظف، سواء كان هذا الموظف هو المنفذ الرئيس للأعمال أو ممن يشرف عليها ويراجعها.

إنشرها