default Author

أيام الدم في إيران

|

بعد أسبوع من الاحتجاجات في إيران كتب مغرد إيراني على تويتر عبارة مؤثرة قال، هذا أول أسبوع لا أفكر فيه بالهجرة.
مثلت الاحتجاجات أو المظاهرات بصيص أمل لكثير من الإيرانيين داخل إيران وخارجها، ولم تعد هذه المظاهرات مرتبطة بغلاء المعيشة أو طوابير دجاج ينفد قبل الحصول على قطعة منه، ولا بضياع مدخرات في البنوك، ولا بسبب إيقاف رواتب متقاعدين. هذه المرة انفجرت الصدور بغل مكتوم طوال عقود من الحكم القمعي، تطور الأمر لكتابات وهتافات تصرخ بالموت للدكتاتور خامنئي، وتعلن أن الشعب يريد إسقاط النظام، ويدعس ويحطم ويحرق صور رموز جمهورية الملالي، ومع إعلان طلبة جامعات في إيران أن الاحتجاجات المستمرة منذ ما يزيد على أسبوعين أصبحت ثورة، بث تصريح متأخر لخامنئي يشيد فيه بقوات النظام، فقام الثوار بإنتاج مقطع مصور ظهر فيه دكتاتور رومانيا تشاوشيسكو وهو يشيد بقوات نظامه في قمع مظاهرات أعدم علنا في نهايتها، وترجموه إلى الفارسية، والرسالة هنا واضحة.
أسس نظام الملالي في إيران أركانه على الشعارات منذ استيلائه على السلطة، المستضعفون والمظلومون الذين ادعى أنه ثار على بهلوي لحمايتهم ورفع الظلم عنهم، الآن يثورون ضده، ولم ينفع النظام احتكاره الثورة رغم أنها كانت خزان الوقود لاستمراره، خاصة وهو يستغل المناسبات الدينية الكثيرة للشيعة للتعبئة والشحن في كل محطة زمنية.
الطلاب، والمعلمون، المزارعون، الفنانون، لاعبو كرة القدم وسائقو الشاحنات، كلهم نزلوا إلى الشوارع، أو أعلنوا في وسائل التواصل تأييدهم، وتصدرت النساء اللاتي فجر قتل مهسا أميني الوحشي غضبهن.
يحاول نظام طهران تصوير الثورة على أنها ضد الدين ـ الحجاب ـ وهذا خبث ومكر متعود منه، لم يكن قتل مهسا أميني سوى القشة والشرارة، لكن الجوهر كان غليان الشعوب الإيرانية من نظام استغل موارد البلاد لصناعة الشر وتصدير الثورة المتوحشة، واستنبات واحتضان الميليشيات الطائفية في كل شبر من العالم العربي والإسلامي استطاع الوصول إليه.
ما يحدث في إيران هو بمنزلة إعلان مبكر لسقوط "ثورة" عنصرية تمكنت آلتها التعبوية من خطف عاطفة طائفية مريضة عمياء وصدرتها كفيروسات متوحشة، حتى لو بقي النظام لبعض الوقت، إلا أن هذه الثورة نخرت في أساسه وحطمت رموزه وفضحت هشاشته في الداخل، ولا عزاء لذيوله في عالمنا العربي والإسلامي.

إنشرها