كيف يمكن إعادة العقول النيجيرية المهاجرة؟

إذا تحدثت مع أي شاب نيجيري متعلم من الطبقة المتوسطة نسبيا، سترى أنه منشغل بفكرة واحدة أكثر من أي فكرة أخرى، خططه للهجرة والسعي إلى مستقبل واعد في أي دولة أخرى. مناقشة خطط الـ"جابا" – وهو مصطلح عامي باللغة اليوروبية التي تستخدم في مناطق جنوب الصحراء الكبرى يعني "الهجرة" - تعد الآن هواية وطنية، خاصة في لاجوس ومدن أخرى كبيرة.
لدي أصدقاء يقولون إن جاهزية شخص ما لمغادرة نيجيريا تعد أحد الأمور التي تؤخذ بالحسبان عند اختيار شريك الحياة، إلى جانب العمر والدين والمهنة والمجموعة العرقية.
في 2019، أظهرت دراسة من مركز بيو للأبحاث أن 45 في المائة من البالغين في نيجيريا يقولون إنهم يخططون للهجرة في غضون خمسة أعوام، وهي أعلى نسبة من بين جميع الدول التي شملتها الدراسة. كندا هي الوجهة المختارة نظرا إلى طلبها الكبير للعمالة الماهرة. يتم توفير الإقامة الدائمة على الفور ويمكن الحصول على الجنسية خلال أربعة أعوام. تزايد عدد النيجيريين المهاجرين في كندا أكثر من ثلاثة أضعاف في الأعوام الخمسة التي سبقت الجائحة.
بريطانيا، بغض النظر عن صراعاتها بعد بريكست، تعد مكانا يوصف بأنه "إل دورادو" - وهي كلمة إسبانية تعني فرصة ذهبية- بالنسبة إلى النيجيريين الشباب. وفقا لبيانات من وزارة الداخلية، تم منح نحو 16 ألف تأشيرة "عامل ماهر" للنيجيريين العام الماضي. كثير منهم أطباء، وممرضون، ومهندسو برمجيات، ومستشارون إداريون.
بعض المدن الأوروبية تجذب النيجيريين أيضا. يمزح العاملون في مجال التكنولوجيا قائلين، إنك إذا رميت حجرا في برلين، من المحتمل أن تصيب مطور برمجيات نيجيري.
أولئك الذين يتدافعون من أجل الخروج من البلاد يستشهدون بمجموعة من الأسباب. يذكر البعض تدهور الوضع الأمني في نيجيريا، حيث لا تزال الجماعات الإرهابية نشطة في المنطقة الشمالية الشرقية من البلاد. العصابات المسلحة تقوم بالاختطاف للحصول على فدية في المنطقة الشمالية الغربية من البلاد. حتى المنطقة الجنوبية الغربية التي عادة ما تكون مستقرة يتفاقم فيها انعدام الأمن، مع انتشار عمليات السطو المسلح والاختطاف. في حزيران (يونيو)، قاطع رجال مسلحون قداسا في كنيسة في مدينة "أوو" الجنوبية الغربية. تم قتل 40 شخصا على الأقل.
يعد الاقتصاد سببا آخر للمغادرة. منذ 2016، كان معدل التضخم مكونا من أرقام ثنائية في نيجيريا. الطعام مكلف والعمل يصعب العثور عليه. بلغ معدل البطالة 33 في المائة. خلص كثيرون إلى أنه مع تعليمهم ومهاراتهم المطلوبة من الأفضل لهم تجربة حظهم خارج البلاد.
إذن، لماذا عدت إلى نيجيريا الشهر الماضي على الرغم من كل شيء؟ عندما أخبرت أصدقائي وعائلتي في حزيران (يونيو) بأنني قررت العودة إلى الوطن، جميعهم سألوا عن السبب. "كنت أعتقد أنك تحاول الهرب من نيجيريا"، كما كتبت أستاذتي المفضلة في رسالة بريد إلكتروني عندما أخبرتها عن قراري.
أتمنى لو كان باستطاعتي التحدث بحماسة ومشاعر جياشة عن مدى اشتياقي للوطن، وما دفعني إلى العودة هو دفء الطعام الرائع. بالتأكيد، لم يكن الدافع إمكانية رؤية مزيد من أصدقائي. بفضل ركوب الجميع قطار "الجابا"، لدي الآن أصدقاء في لندن وتورونتو أكثر من لاجوس.
في الأيام الممطرة التي تكون فيها لاجوس، بسبب افتقارها إلى أنظمة الصرف الصحي الجيدة، مثل حوض سباحة أولمبي، أشتاق إلى سلاسة مترو إنفاق لندن. لا تطاق حركة المرور هنا حتى في أفضل الأيام، وتسوء عندما تهطل الأمطار.
أتمنى لك حظا موفقا في البحث عن منزل في لاجوس. تلقيت مساعدة من مختصين لإيجاد شقة وميزانية معقولة للعمل بها. على الرغم من ذلك، رأيت أماكن جعلتني أشكك في حكمة قراري. كانت هناك شقة فيها قليل من النوافذ. سألني الوكيل العقاري بجدية عن مقدار الهواء النقي الذي سأحتاج إليه بالفعل على أي حال إذا قمت بتركيب مكيف هواء.
على الرغم من جميع هذه العيوب، إلا أن لاجوس ونيجيريا ككل لديهما سحرهما الخاص. تعد المدينة موطنا لقطاع التكنولوجيا المزدهر. كما ينمو مجتمع من الفنانين والكتاب الحديثين المعاصرين. تكونت أصوات نجوم غناء الأفروبيت "ويزكيد" و"بورنا بوي" وأقرانهم هنا قبل نجاحها عالميا. حتى الفوضى لها منفعة ضارة، فهي تعطيك في بعض الأحيان الدافع الذي تحتاج إليه لتشعر أنك على قيد الحياة بالفعل. قد يعود إذن كثير ممن غادروا إلى بيت الاحتياجات الأساسية من الأمن والكهرباء ونظام رعاية صحية فاعل.
بالنسبة إلي، أنا سعيد بعودتي. هناك كثير لتغطيته في نيجيريا والمنطقة الأوسع بما في ذلك انتخابات 2023. حياتنا جميعا تأخذ منعطفا بين الحين والآخر - حياتي الآن تتضمن التنقل في الحركة المرورية في لاجوس وتكوين صداقات جديدة في مدينة مألوفة.