FINANCIAL TIMES

تسويات مليارية .. هل ستردع مصارف وول ستريت عن تجاوزاتها؟

تسويات مليارية .. هل ستردع مصارف وول ستريت عن تجاوزاتها؟

لأشهر، كانت الجهات التنظيمية الأمريكية تحقق مع المصارف وشركات الوساطة الرائدة في وول ستريت، بحثا عن أدلة على أن المتداولين وعاقدي الصفقات يستخدمون قنوات مراسلة غير رسمية مثل "واتساب" و"سجنال" للتهرب من الأنظمة التي تلزمهم بالاحتفاظ بالاتصالات المتعلقة بالعمل.
هذا الأسبوع، عرف العالم ثمن حل التحقيق، نحو ملياري دولار. إضافة إلى تسوية بلغت قيمتها 200 مليون دولار تم التوصل إليها مع مصرف جيه بي مورجان تشيس في كانون الأول (ديسمبر)، قالت هيئة الأوراق المالية والبورصات ولجنة تداول السلع الآجلة الثلاثاء إن "بانك أوف أمريكا"، و"سيتي جروب"، و"جولدمان ساكس"، و"مورجان ستانلي"، و"كريدي سويس"، و"يو بي إس"، و"باركليز"، و"دويتشه بانك"، و"نومورا"، و"جيفريز"، و"كانتور فيتزجيرالد" - ستدفع 1.8 مليار دولار إضافية.
هذه مبالغ كبيرة. لكن مع استمرار التسويات الكبيرة، تركت كثيرين في حالة غير مستقرة.
اعترفت الجهات التنظيمية أساسا بمدى صعوبة مراقبة وول ستريت خلال فترة مضطربة تميزت بالاستخدام المتزايد لقنوات الاتصالات المشفرة من قبل الذين لديهم معرفة في التكنولوجيا والعمل من المنزل بسبب جائحة كوفيد- 19.
من الناحية الفنية، فإن القضايا التي تم حلها تنطوي على انتهاكات لقواعد حفظ السجلات الإلكترونية، التي بموجبها من المفترض أن تتم مراقبة الرسائل المرسلة من خلال القنوات المعتمدة من الشركة وأرشفتها، إذا كان ذلك ممكنا. لكن سوء السلوك هذا يثير احتمالية محاولة بعض العاملين في مجال التمويل تجنب التدقيق من قبل الشرطة في وول ستريت. قالت الجهات التنظيمية إنها اكتشفت أن عشرات الآلاف من الرسائل تم إرسالها عبر قنوات اتصالات غير معتمدة في الأعوام الأخيرة.
في "بانك أوف أمريكا"، زعمت لجنة تداول السلع الآجلة أنه كان لإحدى مجموعات التداول "ممارسة طويلة الأمد لاستخدام وسائل غير معتمدة للتواصل بشأن الأعمال على أجهزتهم الشخصية". في آذار (مارس) 2021، عندما كان المصرف على علم بتحقيق لجنة تداول السلع الآجلة في "تداول معين" من قبل تلك المجموعة، "أصدر رئيس المكتب تعليمات لثلاثة من مرؤوسيه بحذف الرسائل من أجهزتهم الشخصية"، حسبما قالت الجهة التنظيمية. "بانك أوف أمريكا" - الذي وافق على دفع مبلغ إجمالي قدره 225 مليون دولار إلى هيئة الأوراق المالية والبورصات وهي أكبر غرامة من بين جميع المصارف - لم يعترف أو ينفي هذه الادعاءات.
زعمت الهيئة التنظيمية أن بعض متداولي مصرف نومورا "حذفوا عمدا بعض الرسائل من أجهزتهم الشخصية بعد تلقي إشعار خطي بحفظ هذه الرسائل" من لجنة تداول السلع الآجلة. زعمت اللجنة أن متداولا، كان يعمل لدى الشركات التابعة لنومورا في المملكة المتحدة واليابان، قام بحذف الرسائل ثم "أدلى ببيانات كاذبة إلى اللجنة حول امتثاله". كجزء من التسوية مع الهيئة التنظيمية، لم يعترف "نومورا" أو ينف هذه الادعاءات.
ما يعرفه المنظمون الآن هو مقدار ما يتعين عليهم معرفته بشأن ما حدث في الأسواق المالية في الأعوام التي سبقت الجائحة وأثناءها. قالت هيئة الأوراق المالية والبورصات إنها "حرمت على الأرجح" من مواد في "تحقيقات مختلفة".
وصف جوربير جريوال، مدير إنفاذ القانون في هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية، بشكل واضح، متطلبات حفظ السجلات الأمريكية بأنها "مقدسة" في بيان صدر إلى جانب تسويات الثلاثاء، مضيفا أنه، "إذا كانت هناك مزاعم بارتكاب تجاوزات أو مخالفات، يجب أن نكون قادرين على فحص دفاتر وسجلات شركة ما لتحديد ما حدث".
من المؤكد أن المؤسسات المالية المخالفة كانت قادرة على فعل شيء قبل أن تستخدم أجهزة الآيفون كأسلحة. كان من الممكن إجراء المحادثات في زوايا الشوارع أو في الحانات. في العصور السابقة، استخدم المجرمون في العوالم التي تتنوع من وول ستريت إلى المافيا جهاز اتصالات قديم يسمى الهاتف العمومي لتجنب المراقبة.
طرق الاتصال الحديثة تجعل سوء السلوك أسهل. من كانون الثاني (يناير) 2018 إلى أيلول (سبتمبر) 2021، أرسل مصرفي كبير في مصرف جولدمان ساكس وتلقى عشرات الآلاف من الرسائل النصية خارج قنوات الاتصال الرسمية، "كانت تتعلق بأعمال السمسرة والتداول من بين أمور أخرى"، حسبما ذكرت هيئة الأوراق المالية والبورصات في بيان أقر المصرف بأنه حقيقة.
من واقع خبرتي، يوظف مصرف جولدمان ساكس بعض الأشخاص النشطين للغاية، لكن من الصعب تخيل أحدهم يغادر مكتبه في العمل ويقوم بإجراء كثير من المكالمات المدفوعة عبر الهاتف العمومي خلال فترة مشابهة دون إثارة شكوك أن لديه مشكلات في التحكم في مثانته أو شيء من هذا القبيل.
مثل كثيرين منا، اعتاد الناس في وول ستريت على الدردشة عبر الإنترنت في عدة أماكن في وقت واحد. وفقا لتسوية مصرف جولدمان مع لجنة تداول السلع الآجلة، كانوا يتمازحون حول هذا الأمر. قالت الجهة التنظيمية إن أحد كبار متداولي عقود المقايضات في المصرف، "أنشأ محادثة كتابية على واتساب في نيسان (أبريل) 2017 لأن، على حد قوله، "أجهزة بلاك بيري مملة للغاية"، أخبر فريقه أن "ما يقال في الدردشة ينبغي أن يبقى في الدردشة".
عند إعلان التسويات الأخيرة، قالت كريستي جولد سميث روميرو، مفوضة لجنة تداول السلع الآجلة، إن الجهات التنظيمية "تبعث برسالة صارمة بأننا لن نسمح لوول ستريت بتقويض تطبيق القانون لدينا من خلال التعتيم على الاتصالات المحيطة بعمليات التداول أو حذفها". لا نستطيع التكهن فيما إذا كان محتالو التمويل الماكرون سيتوقفون عن إرسال الرسائل النصية لفترة تكفي لفهم هذه الرسالة.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES