FINANCIAL TIMES

أزمة تعليم.. الجائحة تزيد العقبات أمام الدول الفقيرة

أزمة تعليم.. الجائحة تزيد العقبات أمام الدول الفقيرة

كانت تامانا خان تكافح من أجل اللحاق بدروسها منذ أن أعادت مدرستها في الهند فتح أبوابها الربيع الماضي، بعد ما يقارب عامين على إغلاقها أثناء جائحة فيروس كورونا.
تضررت أسرة الطفلة ذات الـ11 عاما كثيرا بسبب التداعيات الاقتصادية للمرض، حيث قضى على مصدر رزق والدها الذي كان يعمل خياطا في مومباي، واضطر هو وزوجته إلى مغادرة مسكنهما في حي فقير للعودة إلى قريتهما الأصلية التي تبعد عدة ساعات بالسيارة. تركا ابنتهما تعيش مع خالتها، حيث كافحت لمواصلة دراستها عبر الإنترنت باستخدام الهاتف المحمول فقط.
قالت خان، التي عادت إلى مقاعد الدراسة منذ ذلك اللحين، "كانت الدراسة عبر الإنترنت صعبة للغاية ومملة، وكان الاتصال بالإنترنت ضعيفا. كان العيش دون والدي صعبا جدا".
لقد تركت الجائحة ملايين الأطفال في جميع أنحاء العالم، ممن يعيشون في فقر مثل خان، يواجهون عقبات تعليمية وحرمانا عاطفيا. الآن هم يواجهون ضغوطا جديدة حيث يهدد التضخم المرتفع وانعدام الأمن الغذائي مصدر رزق عائلاتهم، الذي يمول تعليمهم ومستقبلهم.
يشعر أولياء الأمور والمعلمون وصانعو السياسات بالقلق حيال كيفية مساعدة الأطفال الذين يواجهون تحديات عديدة. ناقشت الحكومات هذه القضايا في قمة تحويل التعليم للأمم المتحدة في نيويورك.
قالت ديفيا دانجار، التي تعمل في برنامج لحركة "التدريس من أجل الهند" في 34 مدرسة في مومباي بما في فيها المدرسة التي تلتحق بها خان، "هناك فجوة تعليمية ضخمة تسببت بها الجائحة. لقد اعتاد الأطفال على البقاء في المنزل، حيث أصبحوا لا يرون أهمية الدراسة".
تقدر دانجار أن ثلث الأطفال ممن يشملهم البرنامج قد تأخروا عن مستويات التحصيل الاعتيادية بينما انسحب بعضهم الآخر من التعليم نهائيا منذ ذلك الحين.
يشير تقدير من البنك الدولي إلى أن "فقر التعلم" - الذي يعرفه بأنه عدم مقدرة الأطفال في سن العاشرة على فهم نص بسيط - قد زاد بمقدار الثلث في الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط منذ بداية الجائحة. كما قال إن 70 في المائة من الأطفال في سن العاشرة في تلك الدول غير قادرين الآن على فهم نص بسيط مقارنة بـ57 في المائة في 2019.
لكن دون أن تعيد الحكومات الهيكلة من أجل العثور على تمويل جديد وموجه بشكل أكثر كفاءة لمعالجة التفاوتات المتزايدة التي نتجت عن جائحة كوفيد - 19، فإن من المتوقع أن يصل إجمالي الخسارة العالمية في المداخيل طوال حياة الأطفال الذين تلقوا تعليمهم خلال الجائحة إلى 21 تريليون دولار.
حذرت ستيفانيا جيانيني، مساعدة المدير العام للتعليم في منظمة اليونسكو، في اجتماع القمة التحضيري في حزيران (يونيو)، من أن هناك "أزمة تعليم" تلوح في الأفق، مضيفة أنه، "ما لم نغير أولوياتنا بشكل جذري، فلن يكون هناك سبيل للعودة".
هناك شعور مشترك بالقلق من الضغوط على التمويل الحكومي للمدارس في الدول الفقيرة، يدفعه التباطؤ الاقتصادي أثناء الجائحة، وازدياد مدفوعات الديون والفوائد، واحتمال استمرار التضخم. تشير دراسة استقصائية أجراها البنك الدولي على وزارات المالية إلى أن خمسي الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط الأدنى خفضت الإنفاق على التعليم منذ 2020 بمتوسط 13.5 في المائة.
أدى ذلك إلى توجيه اهتمام من نوع جديد إلى الحاجة إلى ضمان إنفاق ذي فاعلية أكبر. إلى جانب دعم الصحة العاطفية، دعا البنك الدولي واليونسكو واليونسيف والمانحون المشاركون في القمة إلى زيادة التركيز على "التعليم الأساسي"، وتحسين نتائج الطلاب بشكل ملحوظ من خلال تنمية مهارات القراءة والكتابة والحساب في المدارس الابتدائية باعتبارها اللبنات الأساسية لبناء تقدمهم العلمي في المراحل المقبلة.
لكن مع وجود إشارات ضعيفة على وجود تمويل جديد أو توافق في الآراء بشأن السياسات، يشكك بعض في اجتماع الأمم المتحدة. كتب مركز التنمية العالمية، "إن التوقعات متدنية. لم يقترح أحد أي نوع من الاتفاقات الدولية الملزمة بشأن المعايير التعليمية، كما أن المانحين الأجانب لم يظهروا سوى قليل من البوادر على التعهد بالتزامات مالية جديدة وكبيرة".
يرى مركز التنمية العالمية أن جدول أعمال القمة متنوع للغاية، ويشمل عوامل أخرى مثل التعليم الذي يركز على زيادة الوعي بتغير المناخ. لكن المحللين أنفسهم يدعون إلى توجيه مزيد من الاهتمام نحو وضع سياسات أكثر، منها منع العنف في المدارس ومعالجة المخاطر المستمرة للتسمم بالرصاص على نمو الأطفال في الدول ذات الدخل المنخفض.
منذ أن أثارت الحرب الروسية الأوكرانية مخاوف جديدة بشأن الفقر الغذائي، أصبحت برامج التغذية في المدارس محط اهتمام خاص للدول الغنية والفقيرة على حد سواء. الهدف هو معالجة الجوع في المنزل، وتحفيز الأسر على إبقاء أبنائها في المدرسة ومساعدتهم على النمو بشكل صحي من خلال تحسين التغذية.
يقول واويرا نجيرو، رئيس مؤسسة فود 4 إديوكيشن، وهي مؤسسة خيرية كينية تدير برامج في 77 مدرسة في جميع أنحاء البلاد التي شهدت ارتفاعا في الطلب، "إن التغذية المدرسية استثمار جيد، ويجب أن تنتشر في العالم. إنه لأمر مروع حقا أن نرى ارتفاع تكاليف الطعام يعني أن الأهالي لا يستطيعون إطعام أطفالهم، وكيف يؤثر ذلك فيهم".
من جانبها، قالت لورا سافاج، رئيسة مجموعة ممولي التعليم الدولية، وهي مجموعة من فاعلي الخير الذين يسعون إلى تنسيق الدعم الذي يقدمونه، يجب على قمة التعليم أن تتجاوز مجرد التأكيد على المخاوف بشأن الأزمة العالمية من خلال اتخاذ إجراءات عملية لمساعدة الأطفال الأكثر فقرا في العالم.
"ما زلت مقتنعة بأن تحقيق التقدم في التعليم لا يتعلق بفهم الحل، لكن بكيفية تقديم الدعم"، حسبما قالت.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES