"دبليو إتش سميث" .. من الشوارع الرئيسة إلى محطات المطارات

"دبليو إتش سميث" .. من الشوارع الرئيسة إلى محطات المطارات

لا يزال كثير من المتسوقين البريطانيين ينظرون إلى "دبليو إتش سميث" على أنها علامة تجارية للسلع الاستهلاكية في الشارع الرئيس، وهي من بقايا المتاجر التقليدية التي يشتري منها أطفال المدارس والمسافرون المجلات والقرطاسيات والوجبات الخفيفة.
لكن خلال العقدين الماضيين، تغير مستقبل السلسلة بالكامل، حيث قامت ببناء إمبراطورية صغيرة من المتاجر في محطات المطارات في جميع أنحاء العالم، تشمل بعض منتجاتها الأكثر مبيعا الآن سماعات بوز.
انتقال المجموعة المدرجة في مؤشر فاينانشيال تايمز 250 إلى افتتاح منافذ بيع في محطات المطارات، إضافة إلى محطات السكك الحديدية والمستشفيات، كان بمنزلة خطوة تحولية. تجاوزت الأرباح من ذراع السفر التابعة لها تلك التي تحصل عليها من 537 متجرا رئيسا كل عام منذ 2010.
تعمل السلسلة الآن على أجرأ خطوة لها حتى الآن وهي دخول سوق السفر الأمريكية الأكبر على مستوى العالم، يبلغ حجمها 3.2 مليار دولار، فضلا عن زيادة التوسع في أوروبا. وفقا لكارل كولينج، الرئيس التنفيذي للمجموعة، ستتجاوز عائدات أعمال السفر في الولايات المتحدة التابعة لـ"دبليو إتش سميث" عوائد متاجرها في الشارع الرئيس في المملكة المتحدة العام المقبل، مع تزايد وتيرة هذه الخطوة.
قال "مجالنا صغير الآن، لكننا ننمو بسرعة"، مضيفا أن "الانتعاش في أعداد الركاب وفرص المتاجر الجديدة يعني أن حصتها في السوق هناك يمكن أن تتضاعف إلى 20 في المائة على مدى الأعوام الأربعة إلى الخمسة المقبلة".
يدعم هذا الأمر الرهان على أن السفر الدولي - بإقباله الكبير وأسعاره الممتازة وإنفاقه الدافع - سينتعش مرة أخرى، على الرغم من المشاهد الفوضوية في المطارات هذا الصيف والضغط على دخل المستهلك.
قال كولينج، الذي تولى المسؤولية قبل أشهر قليلة من تفشي الجائحة، التي أدت إلى إغلاق جزء كبير من صناعة السفر العالمية "لا يزال الناس يريدون الذهاب في عطلة (...) أعتقد أن العام المقبل سيكون قويا، على الرغم من الوضع الاقتصادي".
قبل عقد من الزمن، لم يكن للشركة متاجر في الولايات المتحدة على الإطلاق ووجدت صعوبة في الفوز بالمناقصات هناك. لكن عمليتي الاستحواذ في 2018 و2019 مهدتا لذلك.
أسست "إن موشن"، شركة بيع بالتجزئة للمنتجات التكنولوجية، علاقات مع 24 من أصل 25 مطارا أمريكيا، بينما تخصصت مجموعة مارشال للتجزئة ومقرها لاس فيجاس في تصميم المتاجر والمنتجات بما يتناسب مع الموقع، وهي مهارة تقدرها المطارات الأمريكية بشدة، التي غالبا تملكها المدن والبلديات. قال كولينج "إنهم جيدون جدا في صناعة الهدايا التذكارية والعلامات التجارية المحلية. لقد تعلمنا كثيرا منهم".
يبلغ عدد متاجر "دبليو إتش سميث" في الولايات المتحدة الآن 273 منفذا - واحد منها فقط يحمل اسم الشركة الأم - وهي تفوز بانتظام بمناقصات لافتتاح متاجر جديدة، مع 63 متجرا يتم العمل على افتتاحها في الأشهر المقبلة.
قال ريتشارد تشامبرلين، محلل في "آر بي سي"، "أصبحت الولايات المتحدة الجزء الأكثر قيمة وإثارة في دبليو إتش سميث".
وأضاف أنه "في حين إن شراء مارشال قبل الجائحة كان توقيتا سيئا، إلا أن بائع التجزئة كان الوحيد المتبقي لبيع أساسيات السفر المستقلة"، وقال "إن سجله المثير للإعجاب في الفوز بالمناقصات يبدو أنه استمر في ظل ملكية دبليو إتش سميث".
لكن بصمة متجر التجزئة في الولايات المتحدة لا تزال أصغر كثيرا من منافستيها "هدسون"، المملوكة من قبل شركة دوفري السويسرية العملاقة المعفاة من الرسوم الجمركية، و"باراديس لاجاردير"، وهي وحدة تابعة للتكتل الفرنسي. تسيطر المجموعتان فيما ينهما على 70 في المائة من سوق الولايات المتحدة.
يتم الآن تقديم علامة إن موشن التجارية في أماكن أخرى، خاصة في المملكة المتحدة وأيرلندا. على الرغم من أن المتاجر تبيع ملحقات السفر المعتادة، إلا أنها تميل نحو المنتجات باهظة الثمن، يباع ربع سماعات الرأس المتميزة التي تباع في المملكة المتحدة في متاجر المطارات، بينما تبيع متاجر "إن موشن" في المحطة الثانية في مطار هيثرو وحده ما قيمته 3.5 مليون جنيه استرليني من منتجات "أبل" سنويا.
على النقيض من ذلك، تركز متاجر المطارات التي تحمل علامة دبليو إتش سميث في المملكة المتحدة وأوروبا والهند والشرق الأوسط وأستراليا على بيع الضروريات الأرخص للمسافرين.
مع ذلك، أدخلت المجموعة فئات مثل الأطعمة الممتازة والصيدلة، وغيرت تصاميم المتاجر لزيادة متوسط أحجام سلال التسوق وتشجيع الشراء الاندفاعي.
قال كولينج "تكمن المهارة في تصميم المتجر، كونك بالفعل قاسيا من ناحية هيكل المتاجر وتعرف ما يجب تركه". وأضاف "عندما نخرج في مناقصة ضد ريلاي (علامة تجارية أخرى من لاجاردير) تكون كثافة مبيعاتنا أفضل بكثير".
في وقت سابق من هذا العام، فازت "دبليو إتش سميث" بمناقصة من شركة إينا الإسبانية للتشغيل لافتتاح 31 متجرا في المطارات بما في ذلك برشلونة وبالما دي مايوركا ومدريد.
تعد الخدمات اللوجستية لتشغيل متاجر المطار معقدة والإيجارات مرتفعة. المطارات، التي تحاول تعويض الضغط على رسوم الإقلاع والهبوط عن طريق زيادة الإيرادات الإضافية، تأخذ ما بين 20 إلى 30 في المائة من مبيعات كل متجر. عادة ما يتم اختيار تجار التجزئة بناء على مقدار الدخل الذي سيلتزمون بتحقيقه، مع إعادة طرح مناقصات المواقع كل بضة أعوام.
لكن المكاسب المحتملة كبيرة، نحو 30 في المائة من المسافرين في مطار هيثرو سيقومون بالشراء من متجر دبليو إتش سميث، مقارنة بنحو 1 في المائة من الذين يمرون عبر محطة قطار يوستون في لندن، وفقا لكولينج.
بعد عامين عندما انخفضت عائدات السفر بشكل حاد وتكبد القسم خسائر تجارية بلغت 71 مليون جنيه استرليني في 2020 و2021 الماليين، يتعافى قطاع السفر الآن، على الرغم من أن سعر سهم المجموعة الذي كان مرتفعا في السابق لا يزال نحو نصف ذروة ما قبل الجائحة.
كانت "دبليو إتش سميث" أيضا أحد المستفيدين القلة من المشاهد الفوضوية الأخيرة في المطارات التي أبقت الركاب محاصرين في المحطات لفترة أطول.
يعترف كولينج قائلا "من الواضح أنه من الأفضل لنا بقاء الناس لفترة أطول في محطات المطارات. إنهم بحاجة إلى الطعام والترفيه"، وأضاف أن "حالات الإلغاء ليست جيدة وكذلك وضع حد أقصى لعدد الرحلات"، مشيرا إلى مطار هيثرو وأكبر زبائنه، الخطوط الجوية البريطانية. المطار الرئيس في المملكة المتحدة وضع حدا أقصى لعدد الرحلات الجوية حتى تشرين الأول (أكتوبر) في محاولة للحد من الاضطرابات. ألغت الخطوط الجوية البريطانية أكثر من عشرة الآف رحلة طيران من جدولها الشتوي.
وأضاف أن "إجمالي أعداد الركاب لا يزال أقل 20 في المائة من مستويات 2019، مع استمرار تعافي الرحلات الطويلة".
وقال "تراجعت الأرباح في أستراليا، التي نملك فيها أعمالا كبيرة، 80 في المائة في بداية هذا العام، إنها مستقرة الآن. تراجعت أعمالنا في سنغافورة 90 في المائة، وهي الآن منخفضة 20 في المائة"، متوقعا أن العام المالي المقبل، الذي يبدأ في الأول من سبتمبر، سيكون أفضل. وقال "هذا العام، هناك كثير من الناس في جميع أنحاء العالم لم يتمكنوا من الذهاب لقضاء عطلة أو لم يستطيعوا تحمل تكاليفها".

الأكثر قراءة