الحوكمة والمساءلة في إفريقيا .. التقدم المحرز والمستقبل «3 من 3»
نرى هنالك عنصرا مهما، ألا هو احترام سيادة القانون وحقوق الملكية. وهو يمثل العامل الثاني حول مسألة الحوكمة والمساءلة، فالمستثمرون الأجانب يوجهون استثماراتهم إلى بلد ما، لأنهم يعلمون أن الحكومة ستحترم العقود، وأن حقوق الملكية سيتم إنفاذها.
وثمة أولوية مهمة ـ وعنصر ثالث مهم يراعيه كثير من هذه البلدان ـ وهو ضمان الكفاءة والشفافية والإشراف العام على هذه الاستثمارات. ففي كتاب صدر أخيرا عن الصندوق بشأن الحوكمة الرشيدة في إفريقيا جنوب الصحراء، يشير زملائي إلى الدراسات التي تخبرنا أنه في حالة الافتقار إلى الإشراف الحكومي الكافي على المشتريات العامة، في الأغلب ما تكون تكلفة المشاريع أعلى.
ونرى احتياجا هائلا إلى زيادة الاستثمار العام في إفريقيا في مجالات البنية التحتية والصحة والتعليم ـ على نحو أكثر كفاءة وشفافية.
رابعا، الوصول إلى المعلومات، فحين نتحدث عن منظمات المجتمع المدني، يكون هذا الجانب من المجالات التي يتم التركيز عليها، حتى يكون المواطنون على علم حتى يتمكنوا من مساءلة حكوماتهم على إجراءاتها.
وأخيرا، الابتكار والتكنولوجيا، اللذان أعتقد أن بإمكانهما القيام بدور كبير في مساعدة الحكومة على تحقيق أهدافها المتعلقة بهذه الأولويات. والواقع أننا رأينا بلدانا تتكيف سريعا مع ظروف الجائحة من خلال مبتكرات ساعدت الحكومات عبر المنطقة على خدمة شعوبها بدرجة أكبر من الشفافية والفاعلية.
فعلى سبيل المثال، أطلقت سيراليون تطبيقات على شبكة الإنترنت لتحسين قدرة الحكومة على تتبع فترات الحجر الصحي، وخدمات أخرى مثل توصيل الغذاء، واستخدمت توجو التكنولوجيا لتحديد المحتاجين إلى الخدمات والتحقق منهم، واستخدمت نظم تداول الأموال عبر الأجهزة المحمولة لتقديم التحويلات النقدية لهم بشكل مباشر. أما جنوب إفريقيا، فقد استخدمت تقنية روبوتات الدردشة chatbots للحد من انتشار المعلومات الزائفة عن كوفيد - 19.
تلك هي بضعة أمثلة وحسب، لكي نرى ضرورة توسع صناع السياسات في استخدام التكنولوجيا من أجل تحسين كفاءة العمليات الحكومية، وكذلك لتمكين الوصول إلى درجة أكبر من الشفافية. ذلك أن إدخال التكنولوجيا الجديدة في مجالات، مثل الإدارة المالية أو المشتريات أو مراقبة إدارة الموارد الطبيعية، يمكن أن يحدث ثورة في كيفية عمل الحكومة. ويمكنه أيضا إحداث تحول في العلاقات بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، بالحد من التفاعلات البينية غير الضرورية، وإتاحة أشكال من الإشراف والمتابعة تتسم بدرجة أعلى من الديناميكية والشمول.
وأود أن أختتم مقالي بأن تحسين الحوكمة والمساءلة في إفريقيا ليس ممكنا وحسب، بل هو حادث بالفعل، كما قرأتم في الأمثلة التي أشرت إليها.
وبالطبع، أمامنا أميال طويلة نقطعها في هذه الجهود، فهي عملية طويلة تتطلب إرادة سياسية قوية وجهدا متواصلا عبر الفترات الزمنية.
وبينما يتحرك كل بلد عضو في الصندوق في هذا الاتجاه، أود إعادة التأكيد على التزام الصندوق القوي بدور الشريك المؤتمن فيما تبذلونه من جهود. وهذا ونحن نسعى خطوة في هذا المسعى نحو ما قد يكون من أهم القضايا في عصرنا الراهن.