الكتابة بقوة الدماغ

الاتصال هو حاجة أساسية للإنسان. لا يمكن أن يعيش إنسان دون التواصل مع الآخرين لذا تجد من أجبرتهم ظروفهم على الانعزال عن البشر قد فقدوا جزءا من بشريتهم، انظر أثر ثورة الاتصال اليوم في العالم الذي لم يعد قرية صغيرة بل مساحة لا تتجاوز شاشة هاتفك الذكي، ورغم عيوبها إلا أن فوائدها لا حصر لها. فما بالك بمن فقدوا القدرة على الكلام والكتابة، لمرض ألم بهم فأخذوا يرقبون العالم بعيون حزينة وقلوب تملؤها الحسرة ويتمنون أن يتواصلوا مع أهلهم وأحبابهم مرة أخرى!
لقد ظل هذا حلما يراود المرضى وأطباءهم ومقدمي الرعاية الصحية والعلماء على مدى عقود من الزمن. يقول توم أوكسيلي المتخصص في واجهات الدماغ والحاسوب، "خلال فترة إقامتي في مشفى طب الأعصاب كنت أهتم برجل في الأربعينيات من عمره. أصيب بجلطة دماغية فقد معها القدرة على الحركة والكلام لم يعد يتحرك فيه سوى عينيه، ورغم ذلك لا يزال دماغه يعمل بشكل طبيعي. كان يستطيع أن يرى ويسمع ويفكر ويشعر كالطبيعي لكنه لم يستطع الحركة أو الكلام أبدا. وفي ظل تلك الظروف المروعة استجبنا لطلبه بإزالة أجهزة دعم الحياة عنه. وكنت أتساءل، ألم يكن هناك وسيلة لمساعدته!".
ليجد فريق علمي الإجابة عن هذا السؤال في شريحة صغيرة تزرع في مخ المصاب تنقل المعلومات مباشرة من مخ المريض إلى أجهزة خارجية على شكل كلمات مكتوبة تمكنه من التواصل مع العالم الخارجي. وكانت المعضلة التي واجهها الأطباء كيف يزرعون الشريحة دون كسر الجمجمة ودون أن يطردها الجهاز المناعي للجسم، ووجدوا الحل في تلك الشبكة التي تصل جميع أجزاء الجسم بعضها بعضا، إنها البنية التحتية لجسم الإنسان من خلالها يعبر الهواء والغذاء والدواء وتطرد السموم تلك هي الأوعية الدموية. وتشبه عملية تثبيت الشريحة عملية القسطرة في القلب وعلاج الجلطات، وبالفعل تمت زراعة جهاز الستنترود "الواجهة المخية الحاسوبية" في مرضى الشلل الكامل، وأصبح بإمكانهم التحكم بالأجهزة والكتابة بالضغط على لوحة المفاتيح بقوة العقل فقط بعد أن تم تحويل حركات الجسم إلى أكواد يفهمها الحاسوب، ومن الجميل أن إشارات أدمغتنا متشابهة، لذا فإن إشارة الدماغ لـ"اضغط على قدمك" بالنسبة إلينا جميعا واحدة، هذا يعني أننا نصنع قاموسا للدماغ موحدا لجميع البشر، وبذلك ستعيد هذه التكنولوجيا الروح لجميع المصابين بالشلل وتفك الحصار عنهم، فما لا يقوى لسانك ويدك على قوله سيترجمه عقلك إلى حروف مباشرة!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي