أستراليا تحبس النحل حماية لصناعة العسل من طفيل مدمر
تطبيقا للدروس المستفادة من ضوابط كوفيد- 19 الأكثر تقييدا في العالم، شرعت أستراليا في حبس النحل المنتج للعسل لمنع انتشار طفيلي يمكن أن يقضي على خلايا النحل في جميع أنحاء العالم.
أستراليا هي المنطقة الوحيدة في العالم التي ظهر فيها عثة الفاروا التي كانت بلاء على مستعمرات النحل حول العالم. لكن قوانين البلاد الصارمة، الخاصة بالخطر البيولوجي، أفادت صناعة العسل وحمت مستعمرات النحل فيها. وتشمل هذه القوانين مصادرة الفاكهة، وجلود الحيوانات، والأحذية المهترئة في المطارات الدولية.
لكن اكتشاف المتحور الأكثر تدميرا من طفيلي الفاروا في ميناء نيوكاسل ومستعمرة قريبة لإنتاج العسل أدى إلى إغلاق فوري على النحل في ولاية نيو ساوث ويلز التي تمثل ما يقارب نصف صناعة العسل في أستراليا.
وتم إنشاء مناطق عزل في جميع أنحاء المدينة، ومن المقرر تدمير مئات خلايا النحل في الأيام المقبلة في محاولة للقضاء على الطفيلي.
قال تريفور مونسون، منتج للعسل وملقح في جول جول على الحدود الجنوبية للولاية، إن الخطوة الرامية إلى إغلاق مجموعة النحل بالكامل تذكرنا بنهج البلاد في مواجهة فيروس كورونا، الأمر الذي يعكس حجم التهديد الذي تتعرض له الصناعة.
أضاف، "الأمر لا يبدو جيدا. يبدو أن العثة كانت هنا لبعض الوقت"، مشيرا إلى أن الطفيلي ربما كان موجودا في البلاد منذ ثلاثة أشهر، استنادا إلى ما تم العثور عليه في نيوكاسل.
كشفت حكومة الولاية الثلاثاء، عن إصابة مستعمرات النحل في ثلاثة مواقع جديدة. أحدها يقع في قرية تبعد 100 كيلو متر شمال نيوكاسل.
توبياس سميث، باحث في كلية العلوم البيولوجية في جامعة كوينزلاند، أشار إلى أن الجهات المعنية تبنت دروس استراتيجية الجائحة لحماية النحل المنتج للعسل في البلاد. قال، "هذا إغلاق لمربي النحل وتجميد لنشاطهم الاقتصادي. لقد أصبح المجتمع الآن أكثر تفهما للحاجة إلى عمل مفاجئ وجذري".
تم تحذير النحالين خلال إجازة نهاية الأسبوع من نقل خلايا النحل أو لمس نحلهم، فيما سارعت الهيئات الحكومية والصناعية لتحديد مدى انتشار عثة الفاروا المدمرة. كما تم تدمير مجموعة من خلايا النحل التي نقلها المزارعون المتضررون عبر الولاية.
تأثير الإغلاق يتجاوز صناعة النحل التي تبلغ قيمتها 70 مليون دولار أسترالي "50 مليون دولار أمريكي"، لأن خلايا النحل ضرورية لعدد من المحاصيل مثل اللوز، وهو قطاع قيمته مليار دولار أسترالي يعتمد على ربع مليون خلية يتم نقلها عبر أستراليا، ومن المقرر أن يبدأ موسمه في الأسابيع المقبلة.
يمكن أن يهدد الإغلاق المطول أيضا محاصيل أساسية أخرى من ضمنها مكسرات المكاديميا والعنب الحرجي والكرز والأفوكادو. ويواجه قطاع البستنة الأسترالي أصلا حرائق غابات وفيضانات وطاعون فئران، في وقت أثار فيه ارتفاع أسعار الطاقة على مستوى العالم والحرب الروسية الأوكرانية مخاوف بشأن الأمن الغذائي.
وتسببت الجائحة أيضا في نقص العمالة ومشكلات سلاسل التوريد في أستراليا، ما أدى إلى ارتفاع التضخم.
قال نحالون لـ"فاينانشيال تايمز" إن الزراعة أصبحت في حالة من الاضطراب في اليومين الماضيين، مشيرين إلى أن المزارعين تحدثوا في مناقشات محمومة "خلف الكواليس" حول كيفية الاستعداد لأسوأ سيناريو للحفاظ على الوصول إلى الحشرات لتلقيح محاصيلهم.
وعزي انتشار الفاروا المدمر، جزئيا، إلى انخفاض حاد في عدد مستعمرات نحل العسل خارج أستراليا وهو انخفاض امتد من آسيا إلى أوروبا والأمريكتين، الشمالية والجنوبية، ونيوزيلندا.
وتتغذى العثة الحمراء، التي يبلغ طولها نحو 1.5 مليمتر، على دهون جسم مضيفها، الأمر الذي يتسبب في الوفاة أو إحداث تشوهات. وهي مسؤولة عن نشر فيروسات يمكن أن يكون لها تأثير ضار في أعداد النحل غير اللاسع في أستراليا.
مونسون، وهو مربي نحل من الجيل الثالث عمل في هذه الصناعة لمدة 60 عاما، ظل واثقا من أن انتشار الطفيلي قد تم احتواؤه، لكنه أشار إلى أن الظهور المفاجئ لعثة الفاروا على شواطئ أستراليا ألقى بالقطاع في حالة من الفوضى.
قال، "لقد بلغت الـ75 من العمر قبل أسبوعين وكان من المقرر أن أتقاعد، لكن هذه الخطط تعرقلت".