هل تستطيع "إي واي" إقناع الشركاء بالانقسام؟
بالكاد تلاشى طنين محرك سيارات سباق فورمولا ون من شوارع موناكو عندما بدأ المتنافسون في الوصول إلى مونت كارلو لحضور حفل جائزة أفضل رائد أعمال للعام من شركة إي واي.
لم تعد تقدم الشركة، وهي واحدة من شركات المحاسبة الأربع الكبرى، خدمات نقل بالمروحيات من مطار نيس، لكن تمت دعوة حضور مناسبة الأسبوع الماضي إلى حفلة في نادي موناكو لليخوت، وهو حفل رسمي في قاعة سال ديس إيتوال استضافه الرئيس العالمي لشركة إي واي، كارمين دي سيبيو، والمغني بونو من فرقة يو2.
عقد الحفل بعد أيام من إظهار شركة إي واي لمحة من روحها الريادية عبر النظر في فصل ذراع التدقيق عن الذراع الاستشارية في أكبر تغيير منذ عقود لواحدة من شركات المحاسبة الأربع الكبرى.
سيحرر الانقسام الأعمال الاستشارية، التي تقدم خدمات تتضمن الاستشارات المتعلقة بالصفقات، عن قيود قسم التدقيق. عملاء خدمات التدقيق من إي واي مثل شركتي أمازون وجوجل، وهما خارج حدود النقاش حاليا بسبب خطر تضارب المصالح، سيكونون فجأة أهدافا جذابة للعمل الاستشاري المربح.
لكن إذا قرر قادة إي واي العالميون المضي قدما بالانقسام، سيحتاجون إلى كسب دعم الشركات الأعضاء في المجموعة، المنتشرة في نحو 150 بلدا.
التوفيق بين مصالح نحو 13 ألف شريك في جميع أنحاء العالم، مهمة وصفها موظف سابق لدى شركة منافسة بأنها إدارة اقتصاد إقطاعي، قائلا، "يجب أن تجعل الأقطاب في صفك".
كسب المدققين
المجموعة الأولى التي يجب إقناعها هي المدققون. قال أحد كبار الشركاء في إحدى شركات المحاسبة الأربع الكبرى المنافسة إن الانقسام من شأنه أن يوجد "أعمال تدقيق منخفضة النمو ومملة إلى جانب أعمال استشارية عالية النمو". نمت الإيرادات في قسم التدقيق في إي واي 27 في المائة بين 2012 و2021، وهذا نمو ضئيل مقارنة بنمو 93 في المائة في بقية أعمالها.
أفادت عمليات الاستشارات والضرائب واستشارات الصفقات في إي واي عن إيرادات سنوية مجمعة بلغت 26.4 مليار دولار العام الماضي، في حين بلغت إيرادات أعمال التدقيق الخاصة بها 13.6 مليار دولار.
أوضح الشريك قائلا، "نحن في شركات المحاسبة الأربع الكبرى لا نولد شركاء على أساس نمو منخفض. وإذا لم نولد شركاء، فلن يكون لدينا رائدون"، حيث يقل حافز الأشخاص الموهوبين للبقاء.
هوامش ربح المدققين آخذة في الارتفاع لكن منافسي إي واي يشيرون إلى أن الشركة قد تكافح لرفع حصتها في السوق حتى إذا قادها الانقسام إلى عملاء جدد.
تكافح كثير من شركات التدقيق بالفعل لتوظيف عدد كاف من الموظفين، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن التدقيق التنظيمي والسياسي والإعلامي قد أضعف جاذبية المهنة. يقول مسؤولون تنفيذيون إن الانقسام ينطوي على خطر جعل التوظيف أكثر صعوبة بالنسبة إلى إي واي مقارنة ببقية شركات المحاسبة الأربع الكبرى مثل ديلويت وكيه بي إم جيه وبي دبليو سي.
يقدر الخريجون والمتدربون ما يسمى "بالثلاث وجبات الرئيسة" المقدمة من شركات المحاسبة الأربع الكبرى حيث يمكنهم التحول بين أعمال التدقيق والضرائب والاستشارة، كما يقول شريك كبير آخر في شركة منافسة.
يعارض شخص مطلع على خطط إي واي ذلك قائلا، إن أي انقسام سيكون مصمما بحيث يظل بعض الخبراء الاستشاريين لدعم أعمال التدقيق وأن هؤلاء المتخصصين لا يزال بإمكانهم تقديم المشورة للعملاء في غير خدمات التدقيق كجزء من عملية استشارية مقلصة.
أيضا سيحتاج شركاء التدقيق إلى ضمان أن الجهات التنظيمية والعملاء واثقون من أن الممارسة المقلصة ستدر ما يكفي من الأموال في الانقسام لمضاهاة استثمار الشركات المنافسة في تكنولوجيا التدقيق، التي يقول شركاء شركات المحاسبة الأربع الكبرى إنها كانت ممولة إلى حد كبير من الأعمال الاستشارية.
ماذا عن الأعمال الاستشارية؟
إضافة إلى السماح له باستهداف عملاء التدقيق الحاليين، فإن التقسيم سيسمح للأعمال الاستشارية التابعة لإي واي بالفوز بمزيد من الخدمات المدارة على المدى الطويل أو عقود الاستعانة بمصادر خارجية التي بموجبها تزود الشركات بخدمات يومية في مجالات مثل تكنولوجيا المعلومات وإدارة البيانات.
أيضا ستكون قادرة على تقديم هذه الخدمات عبر التحالفات مع الشركات المزودة للتكنولوجيا مثل أمازون وجوجل وأوراكل وسيلز فورس، ما أصبح إشكاليا في الوقت الراهن بسبب دور إي واي كمدققة لمجموعات التكنولوجيا.
قال كيفين مكارتي، الرئيس التنفيذي لويست مونرو للاستشارة الرقمية، وهي شركة أمريكية تضم 2200 شخص، "أعتقد أن الأعمال الاستشارية ستستفيد على المدى الطويل لكنها ستعاني على المدى القصير".
أضاف أن أي شركة استشارية تابعة لإي واي تعاد تسميتها ستحتاج إلى استثمارات للترويج لعلامة جديدة والتغلب على حالة فقدان المكانة التي تأتي من التبعية لشركة تدقيق كبيرة.
الإدراج العام أو بيع حصة في الأعمال الاستشارية من شأنه أن يحقق مكاسب غير متوقعة لشركاء إي واي، ما يردد صدى الطرح العام الأولي لجولدمان ساكس في 1999. لكن يتمثل أحد التحديات في إقناع الزملاء المبتدئين بأن هذه الخطوة لن تؤدي إلى رفض إتاحة فرصة حصولهم على ترقية ومشاركتهم في الأرباح أو منعها، كما قال أحد الشركاء في شركة منافسة من شركات المحاسبة الأربع الكبرى.
يعتقد بعض المنافسين أن مناقشات إي واي تمثل فرصة بالفعل. صرح أنطونيو ألفاريز الثالث، رئيس قسم أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا في شركة الاستشارات ألفاريز آند مارسال، هذا الشهر أن تخطيط إي واي للانفصال يعد "تطورا مهما لشركتنا".
قال إن ألفاريز آند مارسال ستستمر بتوظيف شركاء وموظفين من شركات المحاسبة الأربع الكبرى الذين يرغبون في "المشاركة بشكل شخصي في توليد القيمة"، مؤكدا الخطر الذي تتعرض له إي واي المتمثل في أن المنافسين يمكنهم الاستفادة من حالة عدم اليقين من دراسة الانقسام.
أيضا لم تثبت المبيعات السابقة للأقسام الاستشارية من شركات المحاسبة الأربع الكبرى دائما أنها نجاحات ضخمة. الأعمال الاستشارية لإي واي اليوم أكبر من مجموعة كابجيمني في باريس، التي باعت لها شركتها الاستشارية في 2000 قبل أن تشئ شركة جديدة.
تقول إي واي إنها لم تقرر بعد ما إذا كانت ستوصي بالانفصال أو الشكل الذي سيتخذه ذلك. ينظر إلى الطرح العام للشركة الاستشارية كنتيجة محتملة إذا اختار قادة الشركة الانقسام لكن لم يتم استبعاد فكرة بيع حصة لمستثمر خارجي، حسب قول شخص آخر مطلع على خطط إي واي.
من المحتمل أن يكون الطرح العام عملية من مرحلتين حيث يتم أولا فصل الأعمال الاستشارية وتحويلها إلى شركة جديدة بالكامل قبل إدراجها.
حجم العملية المستقلة حديثا سيجعل البيع الخاص للحصص أمرا صعبا لأنه من المحتمل أن يكون مجديا إذا كانت هناك مجموعة من مستثمري الأسهم الخاصة مهتمة، وفقا لأشخاص مطلعين على الخطط.
إن المضاعف النموذجي من الضعف إلى الضعفين لإيرادات شركة خدمات محترفة من شأنه أن يجعل تقييمها يصل إلى 53 مليار دولار. تقدر قيمة أكسنتشر، شركة مدرجة في نيويورك تركز على التكنولوجيا بشكل أكبر، بأكثر من 3.5 أضعاف إيراداتها السنوية البالغة 50.5 مليار دولار.
هل يبقى المنافسون على حالهم أم يتجهون للتغيير؟
على الرغم من مخاطرة منح إي واي ميزة ريادة الاتجاه، فإن الشركات المتبقية من شركات المحاسبة الأربع الكبرى تقول إنها لن تحذو حذوها.
كان مستشارو ديلويت يدرسون تأثير تقسيم إي واي في الصناعة، وفقا لأشخاص مطلعين على الأمر، مضيفين أن هناك محادثة جرت بين الشركة وجولدمان ساكس بعد أن أصبح تخطيط إي واي للانفصال علنيا.
لكن بعد تقرير إعلامي الأسبوع الماضي، نفت ديلويت أنها كانت تدرس فصل أعمالها في التدقيق عن الأعمال غير المتعلقة بالتدقيق، واصفة الادعاء بأنه "غير صحيح بشكل قاطع"، وقالت إنها ملتزمة بنموذج أعمالها.
تقول كيه بي إم جيه إنها لم تتحدث مع المصرفيين حول الخيار ولا تخطط إلى فعل ذلك لأنها تعتقد أن الجمع بين الأعمال الاستشارية والتدقيق هو "أفضل طريقة لخدمة عملائنا وتلبية معايير الجودة وتوفير الفرص لموظفينا". من جانبها، قالت بي دبليو سي إنها "لا تخطط إلى تغيير المسار".
في حين يراقب المنافسون، سيطلب من الشركات الوطنية الأعضاء في إي واي التصويت لتقرير ما إذا كانت ستوافق على أي انفصال.
مهما كانت الآراء المعارضة، فإن القرار بالنسبة إلى الشركاء سيتشكل عبر السياسة الواقعية للعمل في شبكة عالمية من الشركات التي تهيمن عليها أكبر الشركات العاملة في هذا المجال، ولا سيما في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
تقول إي واي إنه لا يمكن إجبار الشركة العضوة التي تصوت ضد الانقسام على الموافقة على الخطة، مضيفة أنه "من السابق لأوانه" تحديد عدد الشركات الأعضاء التي ستدعم الخطة لأنه لم يتم اتخاذ قرار بشأن الانفصال بعد.
لكن الشركاء في الشركات المنافسة يقولون إن إي واي قد تكون قادرة على المضي قدما إذا تلقت دعما للخطة من معظم الشركات الأعضاء في دول مجموعة السبع أو جميعها، ما سيعرض أي شركات معارضة في الاقتصادات الأصغر لخطر الطرد من الشبكة.
وفقا لأحد شركاء إي واي، غير المنخرط في تخطيطها إلى الانقسام، فإن قرارات الشركاء في الشركات الأعضاء الأكبر "تحدد بشكل عام اتجاه الشركات الأخرى".