الحظر النفطي في أوروبا ونتائجه «2 من 2»
المشكلة هنا أنه من المتوقع مجرد الإعلان عن الحظر النفطي سيساعد بكل تأكيد بوتين في الأمد القريب. وبالفعل منذ الإعلان عن الحظر تسبب بالفعل في ارتفاع أسعار النفط بشدة. لهذا السبب ينبغي لأوروبا أن تكمل حظرها النفطي بتدابير إضافية فورية. وهنا يبرز خياران.
الأول ـ الذي اقترحه ريكاردو هوسمان بعد الحرب مباشرة، والذي أثبت آخرون أنه قابل للتنفيذ بسرعة ـ وهو فرض تعريفة جمركية مرتفعة على الواردات من النفط الروسي. هذا النهج منطقي تماما من المنظور الاقتصادي. فكل يورو ينفق على النفط الروسي يساعد بوتين في تمويل حملته العنيفة في أوكرانيا. هذه "عوامل خارجية وقودها الدم" ويجب أن يجري تسعيرها وفقا لذلك. ويجب تحويل جزء من المبالغ التي يدفعها مشترو الموارد الهيدروكربونية الروسية إلى أوكرانيا كتعويض أو وضعها في حسابات ضمان خاصة إلى أن تمنح التعويضات رسميا.
ولكن في وقت تواجه فيه الأسر الأوروبية ارتفاعات حادة في تكاليف الطاقة، تتضاءل الشهية السياسية لفرض ضريبة على النفط. وعلى هذا اقترح رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراجي حلا بديلا: تحديد سقف للأسعار. بموجب هذا الاقتراح ـ الذي أمر المجلس الأوروبي المفوضية الأوروبية بتقييمه ـ تدفع البلدان الغربية سعرا أقل للنفط والغاز الروسيين، وتفرض عقوبات ثانوية على الأطراف الثالثة التي تدفع لروسيا أكثر.
يمكن تطبيق سقف الأسعار على الفور ـ ولنقل بنحو 70 دولارا للبرميل ـ وخفضه بنحو عشرة دولارات في كل شهر تستمر فيه الحرب. صحيح أن بوتين من الممكن أن يرفض بيع النفط بهذا السعر، ولكن لأنه يائس بالفعل بالقدر الذي يجعله يبيع للصين والهند بتخفيضات كبيرة، ولأن أسعار الطاقة اليوم تتجاوز تكاليف الإنتاج كثيرا، فإن هذا الاحتمال يبدو غير مرجح.
بدلا من ذلك، ربما تستمر روسيا في إمداد المشترين الغربيين بالنفط والغاز بالسعر المحدد، في حين أن المشترين مثل الصين والهند، المهددين بالعقوبات، لن يكون لديهما أي سبب لدفع المزيد. هذا من شأنه أن يريح المستهلكين من أسعار الطاقة المرتفعة وأن يتسبب في انخفاض عائدات روسيا بشكل حاد.
قد يزعم بعض المراقبين أن تحديد سقف للأسعار من شأنه أن يشوه الحوافز ـ في هذه الحالة، الحافز لتبني مصادر الطاقة المتجددة. لكن هذه الحجة تنطبق فقط على سوق تنافسية. في سوق النفط والغاز اليوم، تتجاوز الأسعار التكاليف الهامشية كثيرا، وأخيرا فقط، اتفق اتحاد منتجي النفط "أوبك +" "الذي يضم روسيا" على زيادة الإنتاج في تموز (يوليو) وآب (أغسطس). وكانت شركة غازبروم الروسية الموردة للنفط تتلاعب بالأسعار في أوروبا في الأرجح حتى قبل الحرب. وهذا السلوك الاحتكاري يبرر تحديد سقف للأسعار.
تتمثل حجة أخرى متكررة ضد تحديد سقف للأسعار في أنه قد يحفز السوق السوداء. وهذه مخاطرة حقيقية. بدأت شركات الطاقة الأوروبية في الجمع بين المنتجات البترولية الروسية وغيرها ـ "مزيج لاتفي" ـ حتى تتمكن من الاستفادة من انخفاض الأسعار، في حين تزعم أنها لا تدعم آلة بوتين الحربية. لكن هذه الشركات لا تنتهك حاليا أي قوانين. وإذا بدأ تطبيق سقف للأسعار، فستنتهكها. نظرا إلى الغضب الشعبي إزاء الحرب، فإن التزام الغرب بالعقوبات الثانوية، وظهور التحقيقات التي يقودها مواطنون بالاعتماد على معلومات استخباراتية مفتوحة المصدر، فسيكون من الصعب للغاية، إن لم يكن من المستحيل، الإفلات من العقوبة المستحقة لانتهاك القواعد على هذا النحو.
لا شك أن الحظر النفطي الذي يفرضه الاتحاد الأوروبي سيلحق الضرر ببوتين، ولكن ليس بالسرعة الكافية. أو بالوضع الذي يتصوره الغرب في هذا الاتجاه بتحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة لذا، يتعين على أوروبا أن تحدد سقفا لأسعار النفط والغاز الروسيين على الفور.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2022.