الكآبة تعم الأسواق .. خوف من انفجار الفقاعات بطريقة عنيفة
من أكثر الأشياء المزعجة التي يفعلها المستثمرون عندما يكونون في اللعبة لفترة طويلة فعلا هي المناوشات في السوق.
إذا قال أحدهم "كان ينبغي أن تكون قد شهدت يوم الإثنين الأسود وسوروس وهو يطيح بالجنيه الاسترليني، وشهدت انهيار الدوت كوم، وما إلى ذلك، فإن نصيحتي هي تغيير الموضوع في هذه المرحلة تحديدا، قبل الانتقال إلى الحديث عن مدى متعة الأسواق في الأيام الخوالي، وكيف أن الشباب في الوقت الحاضر لا يعرفون شيئا".
لدى المخضرمين وجهة نظر: جيل من المتداولين ومديري الصناديق لم يشهد قط تضخما كاملا، ومعتاد على شعار أن الأسهم ترتفع فقط "أو على البنوك المركزية التي تنقذ الموقف إذا تعثرت الأمور". لكن حتى المتمرسين يتقبلون أننا الآن في منعطف تاريخي.
يعود ذلك جزئيا إلى الحجم الهائل لبعض تحركات السوق. انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 القياسي للأسهم الأمريكية الممتازة 19 في المائة بالفعل هذا العام. قد لا تستمر هذه الوتيرة، لكن إذا حدث ذلك فسيتجه المؤشر نحو انخفاض 2008 الذي بلغ 38 في المائة. وكان أداء مزيد من المؤشرات ذات الثقل التكنولوجي مثل ناسداك المركب أسوأ بكثير - فقد انخفض 27 في المائة. أعطني النشادر، سيغمى علي.
الأسهم الفردية تتعرض لضربة، ولا سيما عندما تصدر الشركات أرقاما غير دقيقة. لقد انهارت الأسهم المفضلة في عصر الإغلاقات المتعلقة بالجائحة، مثل بيلوتون. وانخفضت قيمة العملات المشفرة 90 في المائة خلال العام الماضي. كوينبيز، روبن هود (...) اختر بنفسك. إنها فوضى عارمة.
لكن ما أثار فزع المستثمرين حقا الآن هو شركة التجزئة الأمريكية تارجيت، التي عانت انهيارا بنسبة 25 في المائة في سعر سهمها في يوم واحد فقط الأسبوع الماضي، عندما قالت "إن الأرباح انخفضت إلى النصف في الربع الأول"، وحذرت من أن الأرباح في الأرباع المستقبلية ستعاني نتيجة ارتفاع التكاليف.
وأطلقت زميلتها وول مارت، إنذارا مشابها في اليوم السابق، ما أدى إلى انخفاض أسهمها 11 في المائة، لا يمكن تجاهل ذلك. لكن، لسبب ما تجاوزت تارجيت ذلك. وفجأة يتقبل المستثمرون أن الانحدار في أسعار الأصول الناجم عن استجابة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي المتأخرة للتضخم المرتفع، كما يقال، سيكون عميقا وواسع النطاق.
ربما يكون الأمر الأكثر إثارة للقلق هو طبيعة ما حدث. كتبت مجموعة صناديق التحوط، مان، الأسبوع الماضي أن مؤشر ستاندرد آند بورز 500 انخفض في الفترة من 1960 حتى الآن 44 مرة لمدة خمسة أسابيع متتالية أو أكثر. في المقابل، انخفضت السندات الحكومية الأمريكية على النحو نفسه 31 مرة منذ 1973.
كتب المتعاملون في شركة مان "ومع ذلك، لم تتزامن عمليات البيع الكثيف الطويلة هذه مطلقا حتى بداية أيار (مايو)". على مدى نصف قرن لم يكن الوضع بهذا السوء لأتباع تقسيم المحفظة الكلاسيكية - 60 في المائة أسهم و40 في المائة سندات. إذن، ماذا الآن؟ قال المتعاملون في شركة مان "بما أن هذا لم يحدث من قبل، فلا يمكننا أن ننظر إلى الوراء بحثا عن أدلة تاريخية لما سيحدث مستقبلا".
هذه أشياء مقلقة بشكل خطير. وصف بانك أوف أمريكا الحالة المزاجية في أحدث استطلاع شهري للمستثمرين بأنها "متشائمة للغاية". كشف الاستطلاع عن أعلى مخصصات للنقد - الملاذ النهائي للاختباء من المتاعب - منذ 11 أيلول (سبتمبر) وأكبر وجهة نظر سلبية بشأن أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى منذ آب (أغسطس) 2006، بما يتجاوز ما شوهد في الأزمة المالية أو ذروة الجائحة. كذلك أعلن مديرو الصناديق مراكز هي الأقل وزنا في الأسهم منذ أيار (مايو) 2020.
قال هندريك دو توا، الرئيس التنفيذي لصندوق ناينتي ون، الأسبوع الماضي "التحدي بالنسبة إلينا ليس قطاعا واحدا، بل التغيير في نظام السوق. السوق متقلبة للغاية في الوقت الحالي (...) لدرجة تجعل من الصعب جدا تطبيق عملية منهجية والحصول على النتيجة المتوقعة".
وأضاف "مع تأخر البنوك المركزية، أعتقد أننا في فترة مؤلمة للغاية وهذا يعني (...) التخلص وبقسوة من الفقاعات الصغيرة التي كانت موجودة في كل مكان". وعد ما يحدث في عالم التشفير هو مجرد البداية.
بالنسبة إلى المستثمرين الذين لديهم تفويض يسمح لهم بالتصرف، فإن أحد الطرق السائدة القليلة لتجنب الضربة يتمثل في السلع، وهي فئة أصول ظلت غير محبوبة لأعوام. يرجع ذلك جزئيا إلى أن عائداتها كانت باهتة. لكن تجنب أسهم السلع، أو الرهان على اتجاه الوقود الأحفوري، أو المعادن كان أيضا طريقة سهلة لتلميع أوراق اعتماد الاستثمار المستدام.
الآن نشهد بعض الألعاب البهلوانية اللفظية، على غرار لا جدوى من شراء الأسهم في شركات تصنيع السيارات الكهربائية في الوقت الذي يتم فيه رفض شراء شركات التعدين التي تستخرج المعادن التي يحتاج إليها صانعو السيارات. هذا يبدو جنونيا لكنه منطقي.
على أي حال، المستثمرون المدفوعون باليأس بسبب التضخم، يبدو أنهم مستعدون للتخلي عن مبادئهم أو تعديلها والقفز إلى الحلبة. الآن الطلب يتزايد فجأة على المتخصصين في السلع، الذين كانوا بالكاد قادرين على جعل مخصصي الأصول يتلقون مكالماتهم خلال العقد الماضي. "لقد كان الأداء سيئا حقا خلال الأعوام العشرة الماضية"، كما قال هاكان كايا، مدير محفظة كبير يركز على السلع الأساسية في شركة نيوبيرجر بيرمان. "لم نجمع سنتا واحدا في فئة الأصول تلك". وهو الآن يرى كثيرا من الاهتمام، من مستثمرين متنوعين مثل صناديق التقاعد والأفراد الأثرياء.
قال "إننا لا نعيش في فترة جميلة مثل الفترة من 2008 إلى 2020 حين كانت الأسهم والسندات تبلي بلاء حسنا. بدلا من ذلك، أداؤها سيئ الآن لأن التضخم يعاود الظهور. ما من شيء مفاجئ في هذا الصدد، أليس كذلك؟ الناس يبحثون عن مصدات للتضخم ".