تدفق الصفقات يتلاشى مع الواقع الجديد لأسواق الأسهم المتقلبة
تدفق الصفقات يتلاشى مع الواقع الجديد لأسواق الأسهم المتقلبة
الأموال التي تم جمعها على مستوى العالم في أسواق المال تقلصت أكثر من 900 مليار دولار في الربع الأول مقارنة بالفترة نفسها من 2021، حيث تسبب ارتفاع التضخم والأزمة في أوكرانيا وتقلب أسعار الأصول في تأخير عمليات إدراج الأسهم وإعاقة صفقات السندات.
في الأشهر الثلاثة الأولى من العام، جمعت الشركات 2.3 تريليون دولار عبر عمليات بيع الأسهم والقروض الجديدة في أسواق السندات والقروض، وهو أصغر مبلغ في ستة أعوام بعد أن كان يزيد على 3.2 تريليون دولار تم جمعها في العام الماضي، وفقا لشركة ريفينتف لتزويد البيانات.
يقول مصرفيون ومستثمرون إن التراجع في النشاط ينبع من التقلبات الكبيرة في أسواق الأسهم العالمية وبدء رفع أسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي، ما دفع مديري الصناديق إلى الابتعاد عن الاستثمارات ذات المخاطر العالية والأسهم المرتفعة.
قال ريتشارد زغيب، الرئيس العالمي لقسم أسواق رأس المال في "سيتي جروب"، "الجزء الصعب وما كان مخيفا بشأن هذا الربع هو التقلب. عندما تكون أسواق الأسهم مرتفعة للغاية ومن ثم تنخفض للغاية، فهذا أمر جنوني. هناك شكوك مماثلة بشأن اتجاه الأمور".
جفت عمليات الطرح العام الأولي في سوق الأسهم في الولايات المتحدة، حيث تم إدراج نحو 20 شركة في اكتتاب عام أولي تقليدي حتى الآن هذا العام. على المستوى العالمي، جمعت مبيعات الأسهم 131 مليار دولار، أي نحو نصف مستوى العام الماضي. يتماشى هذا المبلغ تقريبا مع النشاط في 2019 و2020، لكن يعود هذا إلى حد كبير إلى سلسة من عمليات الإدراج الكبيرة في آسيا، حيث تم إطلاق تسعة من أصل أكبر 15 عملية طرح عام أولي خلال العام. في الولايات المتحدة، بلغت مبيعات الأسهم أدنى مستوى لها منذ 2009 في أعماق الأزمة المالية.
ظهور شركة إل جي إينرجي سولوشينز في كوريا الجنوبية الأول في سوق الأسهم هذا العام، التي جمعت نحو 11 مليار دولار، يفوق أي طرح عام أولي آخر هذا العام حتى الآن. يتضمن ذلك 1.1 مليار دولار جمعتها شركة تي بي جي بارتنرز للاستحواذ في الولايات المتحدة ومليار دولار من قبل شركة فار إنرجي، إحدى أكبر الشركات المنتجة للنفط والغاز في النرويج.
أدى تقلب السوق أيضا إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض في سوق سندات الشركات الأمريكية البالغة عشرة تريليونات دولار، على الرغم من أن الشركات لا تزال قادرة على جمع السيولة المطلوبة.
كما انخفض إجمالي إصدار الشركات للسندات 7 في المائة إلى 1.36 تريليون دولار، أي أقل من مستويات العام الماضي بأكثر من 100 مليار دولار. كان هذا الانخفاض مدفوعا بانخفاض ملحوظ في الاقتراض من الشركات التي تعدها وكالات التصنيف أكثر خطورة.
تراجع بعض المقرضين نظرا إلى التقلبات، ورفضوا تقديم الائتمان أو السعي للحصول على تكاليف اقتراض أعلى عندما كانوا قادرين على تحمل المخاطر. انخفض الإقراض في سوق السندات ذات العائد المرتفع على مستوى العالم 72 في المائة إلى 59 مليار دولار. بلغ إجمالي الإصدارات في الولايات المتحدة 34 مليار دولار فقط للربع الأول، بانخفاض من 139 مليار دولار في العام السابق، وأدنى حصيلة في الربع الأول منذ 2016، عندما تسبب التباطؤ الاقتصادي في الصين بحدوث موجات صدمة عبر الأسواق العالمية.
ارتفعت عائدات السندات غير المرغوبة، وهي ديون الشركات ذات التصنيف المنخفض، من 4.3 في المائة إلى أكثر من 6 في المائة، يرجع ذلك إلى حد كبير إلى ارتفاع أسعار الفائدة القياسية، بدلا من إعادة التقييم الدراماتيكية لمخاطر إقراض الشركات منخفضة التصنيف.
تسلل بعض الاستقرار إلى أسواق الأسهم وسندات الشركات أخيرا، حتى مع استمرار انخفاض قيمة السندات السيادية - العمود الفقري للنظام المالي العالمي. فتح ذلك المجال لبعض الشركات، ومن بينها شركة إس إس آند سي تكنولوجيز للتكنولوجيا المالية، للاستفادة من المستثمرين للحصول على رأس المال بعد تأجيل عمليات الاقتراض المخطط لها في وقت سابق من هذا العام.
قالت ألكسندرا بارث، الرئيسة المشاركة للقسم الأمريكي للتمويل بالرفع المالي في "دويتشه بنك"، "لا يمكن للشركات أن تنتظر إلى الأبد. هناك أمل بأن نشهد بعض الاستقرار في أوروبا. هناك قدرة على الانتظار لبعض الوقت، لكن في نهاية المطاف سيتبدد هذا الصبر وسنرى مزيدا من الصفقات التي يجب أن تطرح في السوق. في النهاية، يجب على الشركات قبول أن هذا هو الواقع الجديد".
ينتظر المصرفيون والمستثمرون إعادة فتح سوق الاكتتابات العامة الأولية في الولايات المتحدة، حيث تستعد عدة شركات - شركات خاصة بقيمة مليار دولار على الأقل - لطرح أسهمها للاكتتاب العام. دفع التقلب الأخير بعض المستثمرين، بما في ذلك شركة فيدلتي وشركة تي رو برايس، لتقليص افتراضاتها بشأن قيمة بعض الممتلكات الخاصة الآن. الشهر الماضي، قررت شركة إنستاكارت لتوصيل مشتريات البقالة خفض تقييمها الخاص 40 في المائة إلى 24 مليار دولار في جولة تمويل جديدة.
على الرغم من أن بعض الشركات أخرت خطط الإدراج حتى النصف الثاني من العام، إلا أن كثيرا منها مثل شركة بوش آند لومب للعناية بالأعين استمرت بتحديث المعاملات مع الجهات التنظيمية للأوراق المالية في الولايات المتحدة حتى تكون مستعدة للإدراج بسرعة عندما تتحسن ظروف السوق.
قال ديفيد لودفيج، رئيس أسواق الأسهم في مصرف جولدمان ساكس، "إن حجم العمليات المؤجلة كبير ولدى المستثمرين كثير من رأس المال لاستخدامه. إن امتزاج هذين الأمرين يعني أنه بمجرد أن نرى مزيدا من الاستقرار في الأسواق الأوسع، ستكون الاكتتابات العامة الأولية موضع ترحيب".