معجزة موريشيوس الاقتصادية تتلاشى مع كوفيد - 19
في 2020، صنف البنك الدولي موريشيوس بأنها "بلد ذو دخل مرتفع" بعد أن بلغ نصيب الفرد السنوي من عوائدها 12500 دولار - وهو أمر لا بأس به لدولة جزرية كانت، عند استقلالها في 1968، تنتج محصولا واحدا من السكر بمتوسط دخل للفرد يبلغ نحو 200 دولار.
في نصف القرن منذ ذلك الحين، الطريقة التي نجحت فيها موريشيوس في تنويع اقتصادها وتسلقت سلسلة القيمة من خلال الانتقال إلى المنسوجات والتصنيع والسياحة والخدمات المصرفية والمالية كانت رائعة.
لكن إذا كانت موريشيوس، وهي ديمقراطية فاعلة ذات حد أدنى للأجور وتعليم مجاني ورعاية صحية مجانية، قد أصبحت أقرب معجزة اقتصادية حصلت عليها إفريقيا، فإنها الديمقراطية التي قطعت بقسوة.
بينما كان البنك الدولي يعلن قبول موريشيوس في نادي دول الدخل المرتفع - بناء على أرقام 2019 - كانت الجزيرة تكافح أسوأ أزمة لها منذ الاستقلال.
بالنسبة إلى اقتصاد يعتمد على التدفق الحر للسياح والبضائع ورأس المال، أثبتت جائحة كوفيد- 19 أنها مدمرة. انكمش الاقتصاد 15 في المائة في 2020. وانهار دخل الفرد إلى نحو 8600 دولار. يقول راما سيثانين، وزير المالية السابق، "لمدة ثمانية أشهر، كنا بلدا ذا دخل مرتفع. الآن، عدنا إلى حيث كنا قبل عشرة أعوام."
عندما ضربت الجائحة، تبنت الحكومة سياسة كوفيد الصفرية. اضطرت إلى ذلك جزئيا جراء ارتفاع معدل الإصابات بمرض السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية لدى 1.3 مليون نسمة - نتيجة عرضية للرفاهية المتزايدة - الأمراض التي جعلت سكان موريشيوس معرضين بشكل خاص للإصابة بكوفيد. وقد اقتصر العدد الرسمي للوفيات على 786 وفاة.
قامت السلطات بفحص الأشخاص الوافدين من الصين اعتبارا من كانون الثاني (يناير) 2020. في آذار (مارس)، بعد إعلان الحكومة الحالات الثلاث الأولى لكوفيد، تبنت تدابير مثل إعادة السياح إلى دولهم الأصلية وتقييد حركة مواطنيها بشدة في الأماكن المفتوحة.
يقول عظيم كوريمجي، المدير العام في تكتل كوريمجي للاتصالات، "بحلول تموز (يوليو)، لم يكن هناك كوفيد، ولكن لم يكن هناك سواح أيضا". انخفض عدد الوافدين من 1.4 مليون سنويا إلى صفر تقريبا. السياحة - وهي أكبر موظف في الجزيرة وتضم أكثر من 100 ألف وظيفة، وخمس الناتج المحلي الإجمالي على الأقل- تعرضت للشلل.
بعد ذلك، في تموز (يوليو) 2020، جنحت ناقلة البضائع السائبة اليابانية إم في واكاشيو على شعاب مرجانية بالقرب من جزء حساس بيئيا من الشاطئ الجنوبي الشرقي للجزيرة - على الرغم من كونها بعيدة عن المنتجعات السياحية الكبيرة. سربت ما يقدر بنحو ألف طن من النفط فيما وصفه البعض بأسوأ كارثة بيئية على الجزيرة. تظاهر عشرات الآلاف في العاصمة بورت لويس متهمين الحكومة بعدم الكفاءة.
بالنسبة إلى الجهود المبذولة لدعم الاقتصاد المنكوب بكوفيد، استجابت الحكومة بواحدة من أكثر حزم التحفيز طموحا في القارة، من ضمنها دعم سخي للأجور. بمساعدة 80 مليار روبية من البنك المركزي، أنشئت مؤسسة موريشيوس للاستثمار لإقراض بعض أكبر الشركات في القطاعات المتعثرة مثل السياحة. وفي المقابل، منع أرباب العمل من تسريح الموظفين.
يقول كوريمجي، "لقد توقفنا عن استخدام القواعد. كانت السياسة، أولا، التأكد من بقائنا على قيد الحياة، وثانيا، التأكد من عدم وجود ضرر اقتصادي".
عاد السياح منذ تشرين الأول (أكتوبر). يتوقع صندوق النقد الدولي نموا 6.7 في المائة في 2022، ويتوقع بعض خبراء الاقتصاد في القطاع الخاص أقل من ذلك قليلا. لكن معارضي الحكومة انتقدوا كيفية توزيع أموال الطوارئ. قالت الرئيسة السابقة أمينة غريب فقيم، التي فقدت منصبها بسبب فضيحة مالية في 2018، "لقد أثار الافتقار إلى الشفافية كثيرا من الشكوك".
يقول أرفين بوليل، زعيم سابق لحزب العمال المعارض، "لقد مررنا بفورة إنفاق، واليوم نواجه عواقب تبذيرنا". وأضاف أن البنك المركزي فقد مصداقيته من خلال ما يراه من الحيل المحاسبية في إنشاء الأموال لتقديمها إلى الدول متوسطة الدخل.
يقول بوليل عن تساهل البنك المركزي إزاء انخفاض العملة والتضخم المستورد الناتج، "يتم التعديل عن طريق الروبية على حساب الفقراء".
لم يوافق رينجانادن باداياشي، وزير المالية، وهارفش كومار سيغولا، محافظ البنك المركزي، على إجراء مقابلة لهذا التقرير. مع ذلك، تقول الحكومة إن إجراءاتها غير العادية كانت حكيمة.
كدليل على الحكم الرشيد تشير إلى تعيين شخص خارجي- اللورد ميجناد ديساي، أستاذ متقاعد في كلية لندن للاقتصاد - كأول رئيس للدول متوسطة الدخل. قال ديساي، "طالما يتم إنفاق الأموال بحكمة وعلى الغرض الرئيس الذي وجدت من أجله - حفظ الوظائف، وإنقاذ الشركات المتضررة، ومنحها بعضا من المساحة للتنفس - فأنا لست قلقا بشكل خاص". أضاف، "حقيقة أن موريشيوس بلد متوسط الدخل ومزدهر، ويدار بشكل جيد، ستساعدها على التغلب على الجائحة بشكل جيد نسبيا".
تتمثل مهمة موريشيوس طويلة المدى في مواصلة مسارها التصاعدي. برافيند جوغنوث، رئيس الوزراء الذي أعيد انتخابه لولاية ثانية في أواخر 2019، وضع أنظار الجزيرة على محاكاة سنغافورة، على الرغم من أن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في تلك الدولة الآسيوية يبلغ ستة أضعاف نصيب الفرد في موريشيوس.
يشير مؤيدو الحكومة إلى تطور موريشيوس كمركز مالي خارجي - بما في ذلك كقناة للاستثمار في إفريقيا والهند - كدليل على أنها يمكن أن تستمر في الارتقاء في سلسلة القيمة.
ينبغي أن يخفف قرار فريق العمل المالي الحكومي الدولي العام الماضي لإزالة موريشيوس من "القائمة الرمادية" من بعض المخاوف بشأن سمعة الجزيرة كملاذ ضريبي سري. يقول سيثانين، الرئيس الحالي في "موريشيوس سين جروب" لإدارة الأصول المدرجة في المملكة المتحدة، "كانت هناك بعض الحالات التي تصدرت العناوين الرئيسة، لقد جلسنا مع فريق العمل المالي الحكومي الدولي وعالجنا أوجه القصور".
بغض النظر عن الخدمات المالية، يؤكد المسؤولون الانتهاء من مشاريع البنية التحتية - ولا سيما خط سكة حديد خفيف يربط بورت لويس بمدينة كوريبايب الداخلية - وتطوير أعمال متخصصة ذات قيمة مضافة عالية في مجال الأجهزة الطبية والمستحضرات الصيدلانية.
إضافة إلى ذلك، فهم يتوقعون التوسع في التعليم وما يسمى بالاقتصاد الأزرق - الاستخدام المستدام لموارد المحيطات من تعدين التربة النادرة إلى تجهيز سمك التونا. في غضون ذلك، يقول السياسيون، على الدولة أن تفعل مزيدا لحماية المنطقة الاقتصادية الحصرية الخاصة بها التي تمتد على مساحة 2.3 مليون كيلومتر مربع واستغلالها بشكل مستدام.
إندرانارين راملال، أستاذ الاقتصاد المشارك في جامعة موريشيوس، يجادل بأن نجاح الجزيرة باستمرار كان لإعادة ابتكار نفسها، لكنها أخفقت أخيرا في احتضان صناعات جديدة مثل تكنولوجيا المعلومات والروبوتات. يقول: "إننا في حاجة ماسة إلى تطوير قطاع آخر. إن الأشياء تتغير بسرعة، لذا فنحن بحاجة إلى التكيف من أجل البقاء على قيد الحياة."
محرر الشؤون الإفريقية في "فاينانشال تايمز"