الإنفاق على قطاع المقاهي والمطاعم وأثره الاقتصادي

التقرير الذي صدر عن البنك المركزي السعودي فيما يتعلق بإنفاق المستهلكين في الفترة بين الـ13 والـ19 من مارس، يوضح أن إنفاق المستهلكين على المطاعم بلغ نحو مليار و600 مليون خلال أسبوع واحد، في حين كان الإنفاق على المواد الغذائية نحو مليار و540 مليون ريال، وحجم الإنفاق على المطاعم والمقاهي والغذاء هو الأضخم فيما يتعلق بإنفاق المستهلكين خلال الأسبوع المشار إليه، وهنا يمكن أن يكون هناك تساؤل منطقي عن السبب في أن حجم إنفاق المستهلكين على المطاعم والمقاهي كان الأعلى مقارنة بالأنواع الأخرى من السلع والخدمات بما في ذلك الوقود والغذاء، وهذا قد يحمل مؤشرات تتعلق بالنشاط الكبير في سوق المملكة، وفي الوقت نفسه يدل على الإقبال الكبير على قطاع المقاهي والمطاعم، مخالفا بذلك كثيرا من الطروحات التي تتحدث عن أن هناك مبالغة في الاستثمارات التي تتدفق على هذا القطاع، ودلالات حجم الإنفاق على المطاعم والمقاهي متعددة، جزء منها قد يكون بسبب متغيرات فيما يتعلق بسلوك الأفراد، الذي يجعلهم ينفقون بشكل أكبر على المقاهي والمطاعم مقارنة بفترات سابقة، وهذا النمط من الإنفاق يعد من النمط الاستهلاكي، وقد يكون له أثر يؤدي إلى ضعف قدرة الأفراد على الادخار وقد ينظر البعض إلى أن هذا النوع من الإنفاق لا يعد دائما ضروريا.
في المقابل، يمكن أن تكون لذلك دلالات إيجابية، فجزء من الإنفاق على قطاع المطاعم والمقاهي يأتي من النشاط الخاص بالزيارات أو السياحة سواء كان الزوار من خارج المملكة أو داخلها، حيث يعتمدون غالبا على المطاعم في احتياجاتهم اليومية من الغذاء، ما يعزز كفاءة سوق المملكة لاستيعاب استثمارات أكبر في هذا القطاع، وفيه دلالة على جاذبية القطاع السياحي وأن المملكة وجهة مفضلة لكثيرين، كما أن فتح المجال مرة أخرى بشكل واسع للعمرة والزيارة قد يكون له أثر في نشاط هذا القطاع، وهذا مؤشر يدعو للتفاؤل فيما يتعلق بجاذبية هذا القطاع وكيف يمكن أن يزيد حجم الاستثمار فيه مستقبلا ورغم العدد الكبير لمقدمي خدمات الضيافة، إلا أن الفرص أيضا كبيرة خصوصا مع تنوع طرق الاستثمار في هذا القطاع وجودة كثير من المشاريع التي عمل عليها كثير من الشباب.
الاستثمار في قطاع المطاعم والمقاهي له منافع تتحقق للاقتصاد الوطني من خلال إسهامه في الناتج المحلي وزيادة الموارد المالية للدولة، ما يعزز تنوع الموارد التي يعتمد عليها الاقتصاد الوطني، كما أن هذا القطاع أصبح يستوعب كثيرا من القوى العاملة الوطنية، وما زال يوظف كثيرا من الشباب في المملكة، كما أن هذا القطاع يعزز أنشطة متعددة في السوق خصوصا القطاع الزراعي وإنتاج الغذاء، إذ يشجع على الاستثمار في هذه القطاعات ويعزز فرص استقطاب الاستثمارات الأجنبية كما أن أرقام هذا القطاع تجعل المملكة الخيار الأول لهم في الاستثمار في المنطقة، عطفا على الفرص التي يوفرها هذا القطاع.
كما أن وجود المقاهي والمطاعم التي تقدم تجربة جيدة للعملاء عنصر جذب سياحي، قد لا يكون بالضرورة هدفا للسائح، لكن يمكن أن يزيد فرص إنفاق السائح وتكرار التجربة لزيارة المملكة وقضاء فترة أطول، وهذا بدوره قد يحسن فرص الدخل لقطاعات مثل الضيافة والنقل وغيرها من الخدمات.
من المهم في هذه المرحلة أيضا نشر الوعي بين الشباب لأهمية التوازن فيما يتعلق بالإنفاق الاستهلاكي عموما بما يحقق مستهدفات رؤية المملكة فيما يتعلق بالادخار، ويعزز جودة الحياة ويحسن الظروف المعيشية للأفراد ويزيد من قدرتهم على تحقيق احتياجاتهم المستقبلية، كما أن الوعي الادخاري والاستثماري مهارة ينبغي أن يهتم بها النشء. كما أن الاعتماد على الأكل خارج نطاق المنزل قد يكون له آثار صحية واجتماعية سلبية، إذ إن الوجبات اليومية تكاد تكون هي الوقت الذي تجتمع فيه الأسر نظرا لتغير أسلوب الحياة وتطفل التقنية على حياتنا الاجتماعية.
الخلاصة: الإنفاق على المطاعم والمقاهي كبير، إذ تشير إحصائيات البنك المركزي السعودي إلى أن له الحصة الكبرى من إنفاق المستهلكين، وهي دلالات على أن هذه السوق ما زالت جاذبة لمزيد من الاستثمارات النوعية، ما يعزز إسهامها في الناتج المحلي، كما أن فيه دلالة على أن المملكة جاذبة للسياحة والزيارة، وفي الوقت نفسه، ينبغي أن يكون هناك وعي مجتمعي للحد من الاستهلاك الكمالي بما يضعف قدرة الأفراد على الادخار، ويؤثر بشكل سلبي اجتماعيا وصحيا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي