جوجل وتيك توك تعطيان "ميتا" درسا في الذكاء الاصطناعي
قالت شركة فيسبوك (أو ميتا، كما تفضل أن تدعو نفسها هذه الأيام) الأسبوع الماضي إنها تعكف على بناء ما سيصبح قريبا أكبر حاسوب عملاق في العالم لإدارة الذكاء الاصطناعي.
بالنسبة لأي شخص يشعر بالقلق من وجود كثير من القوة الحاسوبية في أيدي شركة اعترفت بحدوث أخطاء مدمرة في الماضي، فقد كان الأمر مشؤوما بقدر مشاهدة أحد الأشرار الخارقين في أفلام بوند وهو يكشف عن أحدث اختراعاته.
منذ فترة قريبة، كانت قوة الحوسبة من نظام إكسا فلوب (نحو ما يعادل عشرة ملايين من أجهزة الحاسوب المحمولة تطلق جميعها في وقت واحد لحل المشكلة نفسها) لا تزال حلما بين هواة الحواسيب العملاقة. الآن تقول شركة ميتا إن أجهزتها ستمتلك خمسة أضعاف تلك القوة بحلول منتصف هذا العام.
بدلا من تهديد الكوكب، تصر شركة ميتا على أن تكنولوجيتها ستبني العالم. وعلى وجه التحديد، ستستحضر البيئات ثلاثية الأبعاد التي تم إنشاؤها رقميا، التي ستشكل الميتافيرس يوما ما.
لكن في الأسبوع الماضي، منيت شركة وسائل التواصل الاجتماعي العملاقة بالهزيمة بسبب ذكاء اصطناعي أكثر دنيوية، حيث تم وصف خوارزمية المشاركة الأساسية في تطبيق تيك توك، والتي تعمل على زيادة الوقت الذي يقضيه الأشخاص في مشاهدة مقاطع الفيديو القصيرة الجذابة التي تبثها، على أنها أكثر استخدام استهلاكي فاعلية للذكاء الاصطناعي. ويبدو الآن أن تكنولوجيا تيك توك بدأت تصبح مصدر قلق، حيث أشار مارك زوكربيرج إلى النمو الهائل لمنافسه الصيني، بينما أثناء شرحه لتآكل مشؤوم في آفاق شركته، ما أدى إلى محو نحو ربع تريليون دولار من قيمتها السوقية.
قد يحلم زوكربيرج بعوالم افتراضية بالميتافيرس بعيد المنال، لكن الذكاء الاصطناعي الخاص بشركة تيك توك يغير الحاضر، حيث تبحث خوارزميتها عن إشارات توضح مدى شعبية كل مقطع فيديو، ثم تختبر مدى فعالية هذه الإشارات في زيادة عودة المستخدمين إلى التطبيق، أو في جعلهم يقضون مزيدا من الوقت على التطبيق. مسلح ببيانات كافية ومطبق لخدمات رقمية للسوق الشاملة، فإن الذكاء الاصطناعي مثل هذا له بالفعل تأثير هائل.
في اليوم قبل تحذير شركة فيسبوك المشؤوم بشأن التهديد من شركة تيك توك، قدمت شركة جوجل إحدى أقوى العروض التوضيحية لهذه التكنولوجيا في الواقع، حيث ارتفعت عوائد إعلاناتها بشكل غير متوقع في الربع الأخير، وكان السبب الأكبر لذلك، كما ادعت الشركة، هو الذكاء الاصطناعي التطبيقي.
فكما هو الحال مع تيك توك، يتعلق الأمر بتحسين خدمة تحظى بشعبية كبيرة بالفعل لدى مجموعة معينة من العملاء لجعلها أكثر قيمة. ويحلل الذكاء الاصطناعي لشركة جوجل كيفية عمل الحملات الإعلانية ويساعد العملاء على ابتكار استراتيجيات عروض الأسعار الأكثر فعالية لاستخدامها في مزاداتها في الوقت الفعلي. كما يبحث في جميع النصوص والصور ومقاطع الفيديو المختلفة الموجودة تحت تصرف المعلنين، ويوصي بكيفية تجميع ذلك في الرسالة الأكثر فاعلية لكل جمهور.
وكما هو الحال مع شركة تيك توك، فإن ما يجعل هذا الأمر قويا هو الحجم الهائل من البيانات التي يمكن تدريب الخوارزميات عليها. وقد تدفقت أكثر من 250 مليار دولار من الإعلانات عبر أنظمة جوجل في العام الماضي، وهو جزء ضخم من إجمالي صناعة الإعلانات العالمية، التي تقدر بنحو 700 مليار دولار أو نحو ذلك من الإيرادات لعام 2021.
ينبغي أن تكون الشركات، التي تطبق هذا النوع من التكنولوجيات إلى جانب أحدث التطورات الخوارزمية في أفضل وضع، على الرغم من أن الطبيعة شديدة الإبهام للتكنولوجيا تجعل من الصعب معرفة ذلك، ويدعي منتقدو شركة جوجل أن نجاحها الأخير يرجع بشكل للممارسات التجارية العدائية أكثر مما يرجع إلى التكنولوجيا.
يشير النشر المستمر للإعلانات حول أحدث اختراقات الذكاء الاصطناعي، إذا كانت تشير إلى أي شيء، إلى أن الوتيرة آخذة في الازدياد. وتشمل ذلك نظام باثويز، وهو نظام تابع لشركة جوجل ويجمع بين كثير من تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي المختلفة للتوصل إلى طريقة أكثر مرونة لتحليل المشكلات. وفي الوقت نفسه، عرضت الشركة الشقيقة دييب مايند ما قد يكون أفضل نظام لتوليد اللغة أداء منذ تم إحداث ثورة في المجال بواسطة نموذج جي بي تي-3 من شركة أوبن إيه إي. وفي الشهر الماضي، نشرت شركة جوجل ورقة بحثية تدعي أن نظامها اللغوي، لا إم دي إيه، قد خطى خطوات كبيرة في معالجة الأخطاء المنتشرة- وهو نقطة الضعف الأكبر لجميع هذه الأنظمة- من خلال الاستفادة من مصادر موثوقة للتأكد من الحقائق.
إن مثل هذه التطورات كانت لتستقبل في وقت من الأوقات بتغطية إعلامية تحبس الأنفاس. أما الآن، فإنها تأتي بتردد شبه روتيني، وهذا نفسه دليل على مدى سرعة تطور هذا المجال.
وقد تجلب اختراقات الذكاء الاصطناعي ذات يوم العوالم الاصطناعية، التي تعد بها شركة ميتا، لكن بالنسبة للمستقبل المنظور فمن المرجح أن يأتي تأثيرها الرئيس من قدرتها على دعم سرعة الخدمات الرقمية، التي تعمل على نطاق واسع، التي غطت العالم بأكمله بالفعل.