ثقافة وفنون

«ذا ماتريكس 4» .. علم النفس والتاريخ في لحظة عابرة

«ذا ماتريكس 4» .. علم النفس والتاريخ في لحظة عابرة

بوستر العمل.

«ذا ماتريكس 4» .. علم النفس والتاريخ في لحظة عابرة

مشهد من الفيلم.

في ظل الأوضاع الاقتصادية التي تعصف بالعالم، التي أثرت بشكل كبير في عديد من القطاعات، وفي مقدمتها قطاع السينما، بدأ التنقيب بين شركات الإنتاج عن أفلام تدر الأموال وتنهض قليلا من كبوة العجز، ولقد وفقت هوليوود في عديد من الاستكمالات لأفلام كانت أجزاؤها السابقة لقيت رواجا كبيرا، إلا أن سلسلة "ماتريكس" فاجأت الجميع، بسبب أن الجزء الثالث كان النهاية، ولم ينذر بوجود أي حدث مكمل، لكن ها هي هوليوود تطرح الجزء الرابع تحت عنوان "ذا ماتريكس: النهضة" The matrix: ressuructions، فهل لامس توقعات المشاهدين أم أنه جاء حشوا لصالات السينما، بهدف الربح التجاري؟!

تسريحة البطل

عندما يكون تنوع قصات شعر البطل هو التغيير الحقيقي للتعبير عن تطور أجزاء المسلسل، فهذا يدل على وجود مشكلة، لذلك ولسوء الحظ، فإن فيلم "ذا ماتريكس: النهضة" يستخدم قصات الشعر والألوان بشكل كبير للاحتفال بمرور 18 عاما على الجزء الرابع والجديد في ثلاثية "ذا ماتريكس".

عودة نيو

في نظرة سريعة لكن ثاقبة، نجد أنه لا توجد حركة كثيرة في هذا الجزء مقارنة بالأفلام السابقة، تبدأ الأحداث من حيث توقفت آخر مرة، فيظهر الممثل كيانو ريفز في شخصية نيو، الذي مات بعدما أنقذ آخر مدينة بشرية، عالم "زيون" تحت الأرض. في الفيلم، يعود نيو إلى الحياة، على الرغم من بقائه في بداية الفيلم ميتا روحيا، ليبدأ رحلة تحرير صديقته ترينيتي بمساعدة آخرين.

وبعد 60 عاما

نيو هو مبرمج حاسوب كان معروفا باسم توماس أندرسون، المشهور بإنشاء ثلاثية من الألعاب تسمى "ماتريكس"، يكتشف أن العالم الذي كان يعرفه ما هو الا صور وهمية مصممة رقميا، وأنه لا يتذكر شيئا من الماضي، بعدها بدأ يستوعب أنه يحيا في 2199 أي بعد 60 عاما من أحداث آخر جزء 2003، وأن الحضارة الإنسانية قد انتهت تماما بعدما فرض الذكاء الاصطناعي والآلات الهيمنة على الوجود مرة أخرى، وحولا البشر إلى مصدر للطاقة والاستعباد.

ماتريكس والوهم وأفلاطون

تعد رباعية ماتريكس من الأفلام الثقيلة، نظرا إلى العمق الفلسفي الذي تطرحه، حيث أظهر لانا وليلي واتشوسكي المخرجون وكتاب السيناريو، معنى صادقا ومثيرا للآثار الفلسفية للحياة، من خلال مستويين من العالم، مستوى خارج المصفوفة هو الواقع، أما داخلها فعالم الوهم. هذه الثنائية في السلسلة نموذجية لفلسفة أفلاطون الذي يستكشف فكرة أن العالم الحقيقي هو وهم، في رمزية الكهف في "الجمهورية".

أنا أعيش إذن أنا موجود

ترسخ أفلام ماتريكس فكرة أن الذكاء الاصطناعي يفرض الواقع الافتراضي على البشر، تماما كما أدرك رينيه ديكارت أن الأحاسيس في أحلامه كانت حية بما يكفي لإقناعه بأن الأحلام كانت حقيقية، فإن البشر الذين يتم توصيلهم بالمصفوفة أو الماتريكس ليس لديهم فكرة أن أحاسيسهم خاطئة، وأنه تم إنشاؤها بشكل مصطنع بدلا من أن تنشأ من التجارب الفعلية، فهم يؤكدون مقولة ديكارت المشهورة "أنا أفكر إذن أنا موجود".

بناء فضاء تحت الأرض

من الفيلم الأول من السلسلة، ذهبت الأختان واتشوسكي إلى ما هو أبعد من الخيال العلمي، وزاد الرهان على التطورات التقنية والتخيلات الحركية إلى حد كبير، لإنشاء فيلم كوميدي مبالغ فيه بشكل كبير وفيلم حركة أكثر إسرافا بشكل مفرط، لكن القيادة التكنولوجية والذكاء الاصطناعي الظاهرين في مشاهد القتال الهائلة قللا من الأهمية الدرامية، كما تفعل المسرحيات التي تنجذب إلى الأفكار الوهمية، ثم في الفيلم الثالث من السلسلة "ذا ماتريكس ريفوليشنز" تراجعت الأختان واتشوسكي على ما يبدو من أخذ زمام المبادرة من مقدمة أفلام "ستار وورز" التي كانت في ذلك الوقت قيد التنفيذ، وحولتا امتيازهما إلى أوبرا فضاء تحت الأرض، متصدرتين بناء العالم المتقن لمدينة "زيون" المخفية، بمؤامراتها ووحوشها الهائجة. بدلا من الوفرة والبهجة في الأفلام الأولى، هناك نوع من الولاء، ما يؤدي إلى استنتاج بطولي لم تكن الأختان واتشوسكي متحمستين له، لكنه على الأقل يوفر الخاتمة.

توم شخصية مربحة

من الواضح أن الشركة المنتجة تحاول في هذا الجزء إيجاد سبب لإقحام القصة الأصلية، كما لو أن توم لم يكن بائسا بدرجة كافية، فأصدر رئيسه الممثل جوناثان جروف أمرا من الشركة الأم "وارنر بروذرز" الاستوديو الذي يقف وراء أفلام "ماتريكس" لإنشاء تكملة جديدة لألعاب الفيديو الخاصة به، وسيصنعونه مع أو بدون "توم"، تماما كما كان الاستوديو سيخرج الفيلم مع أو بدون الأختين واتشوسكي، لذلك حولت الثلاثية شخصية توم العميقة إلى شخصية مربحة للشركات ودفعته إلى حافة الهاوية.

البحث عن ترينيتي

في مقهى قريب يلتقي توم بأقفاله الداكنة الطويلة ولحيته الأنيقة فرصة مع امرأة تدعى تيفاني، هي الممثلة كاري آن موس، التي تشبه حبيبة نيو ترينيتي، شريكته في المعركة والرومانسية، التي توفيت أيضا في نهاية "ريفوليوشنز". وكما بدأ توم يعتقد أن ترينيتي قد لا تزال على قيد الحياة، فإنه يتورط أيضا مع زوج من المخترقين الشباب هما باغز وهي الممثلة جيسيكا هينويك، وسيك وهو الممثل توبي أونومير، اللذين لم يتوقفا أبدا عن الاعتقاد أن نيو كان لا يزال على قيد الحياة. تساعده تلاعباتهما المتقنة على إعادة الاتصال بمورفيوس، الذي لعبه لورانس فيشبورن في الثلاثية الأصلية، ويحيى عبدالمتين الثاني هنا، وأخذ حبة حمراء، ويبدأ البحث عن ترينيتي.

ظهور مدينة "آيو"

مع ذلك، فإن جهوده تهدد السلام الهش الذي تم تحقيقه بشق الطريق لخليفة "زيون"، مدينة "آيو" الواقعة تحت الأرض، التي تم تدميرها في ذلك الوقت منذ الفيلم الأخير فترة 60 عاما، وفقا لفيلم "ريزريكشنز". تعرف حاكمة "آيو" وتدعى نيوب، تؤدي دورها الممثلة جادا بينكيت سميث، العائدة من "ريفوليوشنز"، أن بقاء المدينة التي تقدمها "زيون" هو التعاون مع الآلات، وتحقيق السلام والوفرة. قرار نيو بإعادة إشعال خطوط الانقسام الخاملة يهدد الملاذ الجديد تحت الأرض، ومع ذلك، يوافق مساعداه باجز وسيك على مهمته دون طرح أي أسئلة، ويقودان جميع ضباط "آيو" إلى المعركة على أمل استعادة "ترينيتي". في هذه العملية، يتعين على نيو القتال مرة أخرى مع العميل سميث، الذي يلعبه الآن جروف بدلا من هوجو ويفينج، الذي لعب الدور في الثلاثية، ومع ميروفنجي، الذي يؤدي دوره الممثل لامبيرت ويلسون.
في الختام يجد نيو وترينيتي بعضهما بعضا مرة أخرى، وأن لم الشمل بينهما يفتح مساحة هائلة من الهوية وعلم النفس والتاريخ في لحظة عابرة، ليس فقط أن شعرهما يتحول إلى الرمادي نوعا ما، لكن لديهما جروح متطابقة قريبة من فروة الرأس، فهما يشبهان بعضهما بعضا. نمط تحول يعترف بمرور الوقت الذي سيمضيانه معا، مع استدامة قوة التعرف والتفاهم المتبادل.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون