FINANCIAL TIMES

كين جريفين .. معجزة مالية أظهر نياته في عمر 11 عاما

كين جريفين .. معجزة مالية أظهر نياته في عمر 11 عاما

كين جريفين بدأ التداول عندما كان طالبا في جامعة هارفارد، ثروته اليوم 26.5 مليار دولار. "رويترز"

منذ نحو أربعة عقود نشرت صحيفة "ساوث فلوريدا صن سينتينل" موضوعا عن ثلاثة أعضاء أظهروا نضوجا مبكرا في نادي الكمبيوتر في مدرسة بوكا راتون الثانوية. فبينما كان زملاؤهم في الفصل يلعبون كرة السلة، كان "الثلاثي المدفوع بمحرك الأقراص" يستعد لمنافسة لحل بعض المشكلات مع مهووسين آخرين في بالم بيتش في وقت لاحق من ذلك الشهر.
من غير الواضح ما الذي حدث مع ساتيش فادابالي ووين وونج، اللذين عملا على حل التحديات بالورقة والقلم قبل تمرير الحلول للعضو الثالث ليدخلها في الكمبيوتر. لكن الأخير سيستمر في ترك بصمة رئيسة في عالم المال.
كينيث كورديل جريفين هو اليوم واحد من أغنى الأشخاص في العالم، بثروة تقدر بـ26.5 مليار دولار حسب "فوربس". هو معروف في الأغلب بإدارة صندوق التحوط سيتاديل في شيكاغو الذي تبلغ قيمته 40 مليار دولار. لكن في الواقع، شركته التجارية الأقل شهرة، لكن التي يمكن القول إنها الأكثر أهمية، "سيتاديل سيكيورتيز"، التي يحركها الكمبيوتر هي الآن أكبر مفتاح لثروته - ولإثارة الجدل.
باع جريفين الأسبوع الماضي حصة بقيمة 1.15 مليار دولار في "سيتاديل سيكيورتيز" إلى شركتي رأس المال المغامر "سيكويا كابيتال" و"بارادايم"، ما أدى إلى إثارة صناعة التمويل. الشركة هي أكبر "صانعة سوق" حسابية في العالم، حيث تتعامل مع أكثر من ربع جميع الأسهم الأمريكية التي يتم شراؤها وبيعها يوميا. الآن تتطلع إلى العملات المشفرة، وطرح عام أولي محتمل.
قيمت الصفقة "سيتاديل سيكيورتيز" بـ22 مليار دولار، ما أضاف خمسة مليارات دولار إلى صافي ثروة جريفين، رفعته إلى المرتبة الـ26 في جدول "فوربس" لأغنى الأمريكيين. كان الكثير من زملائه من المختصين في صناعة المال متحمسين للصفقة.
يقول لويد بلانكفين، الرئيس التنفيذي السابق لمصرف جولدمان ساكس وهو صديق لجريفين: "ما جعل مايكل جوردان الشخص الذي هو عليه ليس فقط أنه يقفز عاليا ويركض سريعا، إنه فريد من نوعه. كين مثل ذلك في مجاله". يضيف: "إنه متداول رائع، لكنه أيضا رجل أعمال رائع، وهذه الأشياء لا تتوافق في كثير من الأحيان. إنه مثل عداء يفوز في كل من سباق الـ100 متر وسباق الماراثون".
مع ذلك، أصبح جريفين أيضا نقطة جذب للغضب. بالنسبة إلى بعضهم، هو يجسد صناعة التمويل وعللها المفترضة. في شيكاغو، تثير مكائده السياسية الغضب. مستثمرون أفراد مؤمنون بعقلية المؤامرة يصورونه في منتديات الإنترنت، مثل "وول ستريت بيتس"، على أنه الزعيم الخبيث لإمبراطورية مالية شريرة، على الرغم من أن هيئة الرقابة المالية الأمريكية دحضت مزاعمهم.
داخليا، يحظى جريفين بالاحترام أكثر من المحبة. موظف سابق عمل معه قال لـ"فاينانشيال تايمز" العام الماضي: "ليس هناك الكثير من التعاطف. يمكن أن يكون ذلك شيئا قيما عندما تسوء الأمور، لأنني لا أعتقد أنه يشعر بالتوتر بالطريقة نفسها التي يشعر بها الآخرون. توجد فقط هذه الرغبة في أن يكون الأفضل في كل شيء، والجميع إما يساعدونه في تحقيق ذلك وإما لا يساعدونه".
في مقابلة مع "فاينانشيال تايمز" العام الماضي، مليئة بحالات التوقف الطويلة والجمل المقطوعة الكاملة التي يتحدث بها، تجاهل جريفين مثل هذه الشكاوى: "إذا كنت متحمسا للاستمتاع بكونك منافسا جيدا، فأنت تحب العمل هنا"، كما قال.
كانت هناك بعض التلميحات عن حافز جريفين الشاهق في توصيف "صن سينتينل". كان الشاب البالغ من العمر 17 عاما – أشعث مرتديا نظارات وقميصا مخططا وسترة أديداس كلاسيكية بسحاب - بالفعل معجزة في ذلك الوقت.
كان نشطا في نادي الكمبيوتر وأيضا رئيسا لنادي الرياضيات ورائد أعمال واعدا. أنشأ المراهق من الطبقة المتوسطة شركة طلب برمجيات بالبريد تبيع البرامج التعليمية لأساتذة الجامعات خارج موطنه، ما سمح له بإخفاء شبابه عن العملاء.
جاءت مداعبته الأولى لعالم المال في 1980، عندما كتب جريفين البالغ من العمر 11 عاما ورقة مدرسية حول كيفية تخطيطه لدراسة سوق الأوراق المالية. لكنه بدأ التداول بقوة عندما كان طالبا في جامعة هارفارد، حيث أقنع سكنه الجامعي بالسماح له بتثبيت طبق خاص بقمر صناعي حتى يتمكن من الحصول على أسعار الأسهم أولا بأول.
تم تثبيت الطبق في الوقت المناسب تماما، قبيل انهيار "الإثنين الأسود" عام 1987، عندما كان جريفين يدير 265 ألف دولار. لحسن الحظ، كان يراهن على انخفاض الأسهم، وحقق أرباحا هائلة. جذبت عائداته انتباه رائد صناديق التحوط، فرانك ماير، الذي مول إطلاق "سيتاديل".
بحلول 2001، نصبته مجلة إنستتيوشينال إنفستر "الفتى الأعجوبة" في صناعته. "ما يمثله جريفين بالنسبة إلى صناديق التحوط هو ما مثله أصحاب مليارات الدوت كوم المليئة وجههم بالبثور للإنترنت لفترة وجيزة: الفتى المعجزة، والمجتهد الناجح، والواسع المعرفة الذي علم نفسه بنفسه في مجال التمويل"، وفقا لما كتبته المجلة. بعد بضعة أعوام كان كل شيء على وشك الانهيار.
على الرغم من شهرته بتجنب الأخطاء، تعرض "سيتاديل" إلى خسارة مذهلة بلغت ثمانية مليارات دولار في الأزمة المالية. اضطر في النهاية إلى تجميد سحوبات المستثمرين، وفي الأغلب ما كان بمنزلة ناقوس الموت.
بدلا من ذلك، أعاد جريفين إحياء "سيتاديل" واحدا من عمالقة صناديق التحوط في العالم دون منازع، وأسس ذراع التداول عالي التردد باسم "سيتاديل سيكيورتيز" وحولها إلى شركة كبيرة قائمة بذاتها. في 2020 احتل "سيتاديل" المرتبة الرابعة على قائمة أعلى الصناديق ربحا على الإطلاق، مع مكاسب تراكمية للمستثمرين بلغت نحو 42 مليار دولار، بينما حقق "سيتاديل سيكيورتيز" أرباحا من طفرة تداول التجزئة.
هناك القليل من الدلائل على أن جريفين قلق بشكل خاص من ازدراء منتديات الإنترنت. عندما جمع آلاف المتحمسين للعملات المشفرة أكثر من 40 مليون دولار لشراء نسخة نادرة من الطبعة الأولى من دستور الولايات المتحدة العام الماضي، قام بالمزايدة عليهم لمجرد نزوة، ما تسبب في في موجة من الغضب. العرض الفائز الذي تبلغ قيمته 43.2 مليون دولار شكل أقل من ثلاثة أيام من عائدات التداول لـ"سيتاديل سيكيورتيز".
قال مسؤول تنفيذي في أحد صناديق التحوط: "عام 2008 كاد أن يسقط، لكنه عاد ونهض (...) إنه نوعا ما يشبه إيلون ماسك في المال".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES