جدلية الازدهار الاقتصادي والنمو السكاني
قبل بضعة أعوام، حض جون ماجوفولي، رئيس تنزانيا الراحل، النساء على "التخلص من موانع الحمل الخاصة بهن" و"الاستمرار في الإنجاب" لجعل بلادهن قوية.
ماجوفلي، الذي كان منكرا لكوفيد، توفي بسبب كوفيد. لكن آراءه ما زالت حية. فكرة تحديد النمو السكاني في إفريقيا هي أمر مثير للجدل، في الأغلب لسبب وجيه. من الصعب الفصل بين إخبار الناس بعدم إنجاب الأطفال عن التاريخ الرديء من التعقيم القسري، والعنصرية، وعلم تحسين النسل.
يؤمن كثير من القادة الأفارقة - 53 من أصل 54 منهم رجال - أنه ليس من شأن أي أحد تحديد عدد الأطفال الذين يختار شعبهم إنجابه. الكثافة السكانية في معظم الدول الإفريقية ليست عالية. تبلغ مساحة القارة تسعة أضعاف مساحة الهند بكثافة سكانية أقل بقليل.
يريد جيمي وانجيغي، وهو رجل أعمال واستراتيجي سياسي كيني، من نساء بلاده أن ينجبن مزيدا من الأطفال حتى تتمتع كينيا "بقدرة مساومة مثل الدول الأخرى المكتظة بالسكان". إذا كان الهدف مزيدا من الناس، فإن الكينين يقومون بعمل جيد. فوفقا لتوقعات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، سيبلغ عدد سكان كينيا 90 مليونا بحلول 2050، أي ضعف العدد اليوم و15 ضعف مستوى عام 1950.
النساء في كينيا ينجبن في المتوسط 3.4 طفل. هذا أعلى من نسبة 2.1 التي يستقر عندها عدد السكان، لكنه أقل كثيرا من متوسط إفريقيا البالغ 4.4. تشمل الدول ذات معدلات الخصوبة الأعلى، تنزانيا "4.9 طفل" والكونغو الديمقراطية "6.0" والنيجر "7.0". وستتجاوز نيجيريا 400 مليون نسمة بحلول 2050، لتتفوق على الولايات المتحدة وتصبح ثالث أكبر بلد في العالم من حيث عدد السكان.
إذا كان عدد سكان إفريقيا آخذ في الازدهار، فإن عديدا من دول العالم يسير في الاتجاه المعاكس. في أوروبا والأمريكيتين وأجزاء كثيرة من آسيا انخفض معدل الخصوبة إلى ما دون 2.1، ما ينذر بتراجع عدد السكان. في اليابان، عدد السكان ينخفض بمعدل فرد في الدقيقة. وإلى حيث تذهب اليابان تتبعها الصين وأوروبا.
في المستقبل المنظور، ستكون معظم الزيادة السكانية في العالم في إفريقيا. في 1980، كان واحد من كل عشرة من سكان العالم إفريقيا، كما كتب إدوارد بايس، مؤلف كتاب جديد بعنوان Youthquake ومدير معهد الأبحاث الإفريقي. بحلول 2050، سيكون هذا العدد واحدا من كل أربعة. حينها سيكون ثلث السكان في سن العمل في العالم، المعرفون بمن تراوح أعمارهم بين 15 و64 عاما، من الأفارقة، على الرغم من أنهم لن يكونوا جميعا بأي حال من الأحوال في العمل. إذا احتسبت الأرقام الأولية، كما يصر جيمي وانجيغي، فإن إفريقيا التي في الأغلب ما تعد هامشية، ستصبح أكثر مركزية في الشؤون العالمية.
بالنسبة إلى الآخرين، هذه الاتجاهات كارثية، وتعد بمزيد من الجوع ومزيد من النزاعات ومزيد من الدمار البيئي. وهذا أمر حقيقي، حيث يحذر علماء السكان منذ عقود من هذا الخطر. حتى لو كان تغير المناخ وانهيار التنوع البيولوجي دليلا على أن المتشائمين كانوا على حق، فلا يمكن لوم الأفارقة. فانبعاثات الكربون لكل فرد في القارة ضئيلة. وتحتوي إفريقيا على كثير من الذي تبقى من البرية في العالم.
وعلى الرغم من ذلك، من بعض الزوايا، فإن كلا من ماجوفولي ووانجيغي يفهم الأمر بطريقة خاطئة للغاية. مثل كثيرين، هما يعدان النمو السكاني السريع عائدا ديموغرافيا. إن إفريقيا أكثر قارة يافعة، بمتوسط عمر 19.7 مقابل 42.5 في أوروبا. لكن لا يجب الخلط بين الشباب والمحرك الديموغرافي الذي دفع الاقتصاد الآسيوي الشرقي إلى الانطلاق منذ السبعينيات. فقد استند ذلك إلى انخفاض حاد في معدل الخصوبة، ما أدى إلى زيادة نسبة السكان في سن العمل مقارنة بالمعالين. في إفريقيا، هذا النمط غائب.
هذا هو اللغز الديموغرافي. هل تنخفض معدلات الخصوبة مع ازدياد ثراء الدول؟ أم أن الدول تزداد ثراء لأن النساء ينجبن عددا أقل من الأطفال؟ في الحقيقة، الأمر صحيح في كلا الاتجاهين.
أفضل مؤشر للمواليد هو عدد أعوام بقاء الفتيات في المدرسة. القاعدة الأساسية للديموغرافيا هي أن النساء اللاتي أكملن تسعة أعوام من التعليم لديهن أقل من ثلاثة أطفال. في معظم أنحاء إفريقيا، حيث تترسخ الأنظمة الأبوية وحيث يطالب قادة مثل ماجوفولي النساء بسعادة "بتحرير المبايض"، لا تتمتع النساء بالقدرة الكافية للتحكم بحياتهن.
تساوي ويني بيانيما، وهي مديرة تنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للإيدز، بشكل عادل بين التنمية وحقوق المرأة. أشادت أخيرا ببنجلادش، وهي نجاح اقتصادي حديث، لخفضها معدل الخصوبة من سبعة في التسعينيات إلى 2.2 اليوم.
العائلات الصغيرة ليست جيدة في جوهرها، لكنها تعكس التقدم الاقتصادي. في الدول التي يتم فيها تمثيل المرأة بشكل جيد في كل من السياسة ومكان العمل، تميل معدلات المواليد المنخفضة وارتفاع مستويات المعيشة إلى السير جنبا إلى جنب.
الصورة في الدول الإفريقية البالغ عددها 54 ليست موحدة. انخفض معدل الخصوبة في شمال إفريقيا "3.3" وجنوب إفريقيا "2.5" بشكل حاد. إذا أرادت الدول الإفريقية التغلب على فخ الفقر، فإن النساء بحاجة إلى مزيد من التحكم في حياتهن.