«البقاء في اللعبة» .. استنساخ مستهلك لأفلام النجاة
لطالما شكلت أفلام صراع البقاء على الحياة والنجاة من الموت عنصرا جاذبا لأنظار جميع المشاهدين، وذلك نظرا إلى احتوائها على كثير من مشاهد الحماس والإثارة، فهي التي تجعل المشاهد في شغف دائم لمعرفة نهاية الأحداث والقصة، لكن التكرار في بعض الأحيان يأخذ هذا النوع من الأفلام الى مقلب آخر، فبدلا من تحقيق النجاحات، تتوالى الإخفاقات ويصبح التركيز على عنصر واحد للجذب مثلما حصل في فيلم Survive The Game، الذي جذب المشاهد بشخصية بروس ويليس، لكن هل لامس هذا الفيلم الجديد تطلعات المشاهدين المحبين لهذا النوع من الأكشن؟!
ليس هناك شك في أن الممثل بروس ويليس، الذي يعد أحد أبرز نجوم الأكشن في هوليوود، ما زال متألقا في أعماله، متجاوزا القيود العمرية ومتحررا من خيوط الشيخوخة في أفلامه الأخيرة، خاصة تلك التي صدرت 2020 و2021، إلا أن فيلمه الأخير Survive the game لم يأت بمستوى مسيرته المهنية، ويعود السبب إلى عناصر عديدة لكنها بالتأكيد لا علاقة لها بالبطل، الذي حاول أن يضفي قيمة على الحبكة المستهلكة، فجاءت محاولاته خجولة وأثرت سلبا في عمله الختامي لـ2021.
تدور أحداث الفيلم حول اثنين من ضباط الشرطة هما ديفيد، الذي يلعب دوره الممثل بروس ويليس، وكال، الذي يلعب دوره الممثل سوين تيميل، يسعيان لإلقاء القبض على عصابة تهريب مخدرات سيئة السمعة، كانا يطاردانها دون نجاح لفترة طويلة.
لسوء الحظ، تتفكك عملية القبض على العصابة، ويتم إطلاق النار على ديفيد ومع ذلك، فإن المهمة أهم من أن تترك الفرصة لجعل أكثر المجرمين إزعاجا في المدينة يفلتون منها، لذا يقرر كال ملاحقة البائعين قبل أن يهربوا، وينتهي بهم المطاف في مزرعة نائية يملكها عسكري قديم مضطرب يدعى إريك، يلعب دوره تشاد مايكل موراي، وقبل أن يكتشفوا كيفية تمركزهم في أماكنهم، يظهر مزيد من أفراد العصابة برفقة ديفيد المصاب، وبعد أن أصبحوا محاطين ومتفوقين عليهم في العدد، يجب على الثلاثي استخدام التخفي والذكاء ومهاراتهم في الرماية لجعل عصابة تجار المخدرات يجثون على ركبهم.
حبكة مستهلكة
أما الحبكة التي كتبها روس بيكوك، التي تتمحور حول عملية ضبط مخدرات متجهة جنوبا، التي تضع محققين وجنديا سابقا في مواجهة مجموعة من المجرمين، فليس فيها كثير من جوهر القصة أو التقلبات أو الأحداث غير المتوقعة، بخلاف بعض التفاصيل المتعلقة بشخصية أو شخصيتين، لا يوجد شيء أكثر من ذلك.
حوار ركيك
فيما يعود إلى الحوار، فهو ليس بأفضل حال من الحبكة، الخطوط الثقيلة القليلة لا يمكنها حمل أي شيء، والباقي يعرض بطريقة غير مقنعة، لا يشعر المرء بالتأثر بما تقوله الشخصيات وحدها، كما يحصل في أفلام أخرى مشابهة، التي يقول فيها البطل أو الشرير وحده كلمة تجعل المشاهد يشعر بالقشعريرة، مثل عبارة ليام نيسون "سأجدك وسأقتلك" من سلسلة أفلام "تيكن".
إخراجيا أفضل .. ولكن!
إن ما ينقص الحوار يتم تعويضه قليلا في تسلسل الحركة، وعلى الرغم من أن هذه الأشياء تبدو متكررة بعض الشيء في مرحلة ما، إلا أنها على الأقل تحافظ على هذه الميزة قائمة. أحد الأمثلة البارزة التي تجب ملاحظتها هي لقطة القتال من داخل السيارة، في حين يظهر شخص آخر فاقد الوعي، وهنا تجلت إبداعات المخرج جيمس كولين بريساك.
أفلام مشابهة
ظهر واضحا الفرق بين فيلم "النجاة باللعبة" وأفلام الصراع من أجل البقاء، حيث تكون الشخصيات الرئيسة ذكية ومتخفية بقدر ما يحتاجون ليخدعوا الأشرار، وساعد هذا التوجه في الفيلم وجود محققين مبتدئين في مهمة رفيعة المستوى بالغة الخطورة، وهي تورط رجال الشرطة الرئيسين في صفقة مخدرات بلا تفكير، لمجرد أن ديفيد كان يحاول القبض على المجرمين منذ زمن طويل، فالمشهد الأساسي بدأ أثناء الانتظار، حيث قام أحدهما بالخطأ بإيقاع مزهرية، ما جذب انتباه الرجال السيئين وكشف غطاءهم. بدلا من البقاء مختبئا، يخطو ديفيد الرجل الماكر، في العراء حتى يصاب بعيار ناري في معدته، لكن لحسن الحظ، يعيش من أجل المواجهة النهائية.
والأشرار أيضا لا يحاولون أن يكونوا متميزين، من بينهم الزوجان ميكي، الذي يلعب دوره زاك وارد، وفيوليت، التي تلعب دورها كيت كاتزمان، تحاول الأخيرة جاهدة أن تبدو مثل هارلي كوين بطلة عالم "دي- سي"، بداية من الشعر الأشقر حتى المكياج الدرامي والسلوك والأزياء، كل شيء كان واضحا. ويرتدي أحد الأتباع سترة خضراء مع قصة شعر "موهاك"، وهذا يذكر المشاهد بشخصية "روبرت دي نيرو" في "سائق التاكسي".
شخصيات مميزة
إضافة إلى التقليد، فإن الشخصيات في فيلم "النجاة باللعبة" تقوم باستمرار بالتهديدات أو توحيد نفسها حول المزرعة النائية، حيث يجتمع الجميع، كل من الصياد والمطارد، وسرعان ما تصبح لعبة القط والفأر. أما شخصية إيريك التي يؤديها موراي فكانت بارزة، فهو يعاني آلاما شديدة بعد أن فقد عائلته في حادث سيارة. يلعب شخصية اليائس الذي ليس لديه ما يخسره، بمجرد وصول كل الأحداث المجنونة إلى بابه، لا يخشى التعرض للأذى أو حتى الموت، لأن كل ما يريده هو حماية الشيء الوحيد المتبقي له، وهو منزله، أما شخصية بروس ويليس، الممثل الذي بدأ مسيرة مهنية ناجحة وعريقة كنجم حركة في أفلام "داي هارد"، وحصل على كثير من المعجبين الذين يحبون أفلامه، ويحتفى به كواحد من أعظم الممثلين في هذه الفئة من الأفلام، فأصبح مع تقدمه في العمر، لا يستطيع التحرك تماما بالطريقة التي اعتادها.
إنتاجات هوليودية تصارع البقاء
تضم محفظة أفلام هوليود باقة من تلك النوعية من الأفلام، منها فيلم Love and Monsters الذي يعد واحدا من أفضل أفلام صراع البقاء على قيد الحياة، قدمت هوليوود 2019 فيلما يعد علامة فارقة في تاريخ أفلام البقاء على قيد الحياة هو Crawi، الذي حصل على عديد من الجوائز العالمية. ولا يكتمل الحديث عن أفلام الصراع من أجل البقاء دون التطرق إلى فيلم A Quiet place، الذي يعده النقاد واحدا من أكثر أفلام صراع البقاء على الحياة متعة.
وفي الختام، لا شك أن الفيلم يبدو كنسخة طبق الأصل لسيناريو من أفلام مختلفة سواء كانت حديثة أو قديمة، على سبيل المثال، "ويليس" و"موراي" شاركا في بطولة أخرى مماثلة بعنوان "النجاة من الليل"، التي صدرت 2020، ولم تكن موفقة، هناك أيضا بعض التشابه الغريب في ملصقات كلا الفيلمين، وهذا ببساطة يخبر المشاهد بأنه ليس هناك أي شيء جديد يمكن توقعه من هذا العنوان أيضا، لذلك الفيلم ليس أفضل فيلم بوليسي، فإنه يفتقر إلى الأصالة، ليس هناك عمق في القصة، الحبكة غير منطقية، التمثيل ليس الأفضل، اللقطات ليست جذابة، فهي مليئة بالتلميحات والمقلدات.
فهل هذا الفيلم ينذر بخطر يحوم حول مسيرة بروس ويليس، أم أنه سوء اختيار فقط، وسيمر مرور الكرام ويعود بعدها 2022 بأفضل الأعمال والأدوار؟!